الأحد 30 ديسمبر 2012 09:56 مساءً متابعات يسود الاعتقاد أن الأول من يناير 2013 هو الموعد الذي ستصبح فيه "الهاوية المالية" ال (Y2K) الجديدة الكارثة الاقتصادية بعينها وسيواجه الاقتصاد العالمي "تراجيديا" محققة . ولكن ما لا يتوقعه أحد أن شيئاً ما مثيراً للسخرية سيحدث ونحن في الطريق لاستقبال ذاك الموعد المشؤوم حيث ستجري الشركات والحكومات استعداداتها على قدم وساق لمواجهة ذلك اليوم . وعودة إلى نهاية العام 1999 ما إن حل ذلك اليوم المخيف حتى اكتشف الناس أن جميع التخوفات لم تكن سوى ترهات ودعايات ليست قائمة على أي سند ملموس . يقول برنانكي، إن حالة الغموض وعدم اليقين السائدة حالياً بدأت تؤثر بالفعل بثقة المستهلكين والمستثمرين في الاقتصاد في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس أوباما ومعارضوه الجمهوريون في الكونغرس التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات خفض عجز الميزانية، وفي الوقت نفسه تتفادى تخفيضات حادة في الإنفاق الحكومي وزيادة في الضرائب اعتباراً من أول يناير/كانون الثاني المقبل . وأضاف رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي: "بوضوح هذا عامل خطر كبير ومصدر كبير للغموض المستمر" . واقترح برنانكي أن يكون الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه لحل الأزمة بطريقة "متوسطة" لمواجهة الخطر الفوري وليس القضاء عليه نهائياً على المدى الطويل . وأضاف إن مجلس الاحتياط الاتحادي لن يكون قادراً على تفادي تداعيات الإجراءات التقشفية الحادة . يذكر أن "حافة الهاوية المالية" عبارة عن حزمة إجراءات تقشفية من خفض الإنفاق العام وزيادة الضرائب بقيمة 600 مليار دولار سيجري تطبيقها على الفور مع بداية العام المقبل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بديل بين الإدارة الأمريكية والكونغرس . ويرى الكثيرون من المحللين أن تطبيق هذه الحزمة سيدفع بالاقتصاد الأمريكي المتعثر إلى دائرة الركود مجدداً وقال مجلس الاحتياط النقدي الاتحادي الأمريكي إن مخاوف شديدة انتشرت على نطاق واسع بين الشركات والمؤسسات المختلفة في الولاياتالمتحدة، فيما ناشد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأمريكيين من الطبقة المتوسطة أن يكثفوا ضغطهم على الكونغرس لتحقيق مطالبهم بالتوصل لاتفاق خاص بصفقة الميزانية . وأوضح المجلس في "كتاب بيج" جمع فيه سلسلة من الحكايات في تقارير عن الشركات أنه ركز على مخاوف ومسائل غير يقينية حول الميزانية الاتحادية، وخاصة ما يتعلق ب "الهاوية المالية" . ويوحي مدى مشاعر القلق في القطاعات الصناعية المختلفة في أرجاء الولاياتالمتحدة أن الخوف من "الهاوية المالية" يمكن أن يعيق فعاليات الشركات للبقية الباقية من العام حتى إن توصل الكونغرس في النهاية إلى إبرام صفقة (مع البيت الأبيض) . وقال المجلس إن "عدداً من الاتصالات التي تجري مع المصارف المركزية في أنحاء الولاياتالمتحدة أعربت عن عدم اليقين إزاء أوضاع المؤسسات على امتداد الأشهر المقبلة في الوقت الذي تنتظر الشركات وزبائنها نتائج مفاوضات الميزانية الاتحادية" . ومصدر حالات القلق تأتي والرئيس أوباما يسعى لمضاعفة الضغط على الجمهوريين للتسليم من خلال إطلاق حملات إعلامية اجتماعياً مع رفع التحرك من سقف ما يحيط بالمسرح السياسي المتحفز خاصة أنه لم يتبق سوى أيام قبل أن يتعرض الاقتصاد الأمريكي لضربة من خلال خفض النفقات وزيادة الضرائب وهو ما يمكن أن يؤدي إلى دفع الولاياتالمتحدة من جديد إلى الركود . لقد قال أوباما في وقت سابق عبر البريد الإلكتروني ووسائل الإعلام الاجتماعي والفيس بوك وتويتر والهاتف: "أطلب من الأمريكيين جميعاً في الولاياتالمتحدة أن يجعلوا أصواتهم مسموعة"، مشيراً إلى الألفي دولار التي تنوي الإدارة الأمريكية إضافتها إلى ميزانية كل أسرة في حال تعرض اقتصاد الولاياتالمتحدة لأضرار بسبب "الهاوية المالية" . وحتى هذه اللحظة لم ينجح أوباما ولا حلفاؤه الديمقراطيون في الضغط على زعماء الحزب الجمهوري للعودة عن مواقفهم المعارضة لزيادة الضريبة على الأثرياء، وهو الموقف الذي يقول أوباما إنه شرط لإبرام أية صفقة على الرغم من الدلائل الواضحة من أنه يتحلى بالتفاؤل نحو التوصل لاتفاق .وقال "كلي أمل لتحقيق ذلك قبل حلول أعياد الميلاد" . ولكن إريسكين باولز رئيس موظفي البيت الأبيض الأسبق في عهد الرئيس كلينتون الذي كان يرأس لجنة مالية في العام2010، بدا خائب الظن نتيجة للإيقاع البطيء للمفاوضات والمسافة التي تباعد بين الطرفين الجمهوري والديمقراطي بشأن الإنفاق والضريبة . وأوضح باولز "أعتقد أن الاحتمال القائم هو أننا نتجه للسقوط في الهاوية . وإذا كان الأمل يتملكني فليس هناك أي شيء يجعلني متفائلاً" . آثار "الهاوية المالية" في حال طبقت القوانين الحالية وأصبحت نافذة في عام ،2013 فإن أثرها في الاقتصاد سيكون دراماتيكياً . وبينما سيؤدي الجمع ما بين زيادة الضرائب وخفض الانفاق، إلى تقليص العجز بقيمة تقدر ب 560 مليار دولار، فإن مكتب ميزانية الكونغرس يقدر أن تلك السياسات الرامية إلى أن تصبح نافذة سينجم عنها خفض كبير لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 4% نقطة في عام ،2013 ما يؤدي إلى دفع الاقتصاد الأمريكي إلى أتون الانكماش أي إلى النمو السلبي . وفي الوقت ذاته، من المتوقع أن يتصاعد حجم البطالة بنسبة نقطة في المئة كاملة، مع خسارة نحو مليوني وظيفة . يشار إلى أن آثار تكلفة التردد في اتخاذ أية قرارات يرجح أن يؤثر في الاقتصاد قبل الاحتفال بالعام الجديد 2013 . ويتوقع مكتب ميزانية الكونغرس أن يتسبب التلكؤ في التوصل لأية حلول إلى حدوث تغييرات في درجة إنفاق العائلات والشركات، ويحتمل أن يؤدي ذلك أيضاً إلى خفض إجمالي الناتج المحلي إلى نصف النسبة المئوية الكاملة في النصف الثاني من 2012 . وفي ضوء ذلك، من المهم أن نتذكر أنه في الوقت الذي يعني مصطلح الهاوية كارثة سريعة في عام2013، فإن أثر التغييرات التي طالما كانت مطروحة خلال العام بكامله، ستكون تدريجية في البداية . لقد فشل كل من الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس في السنوات القليلة الماضية في معالجة قضايا البلاد المالية الصعبة . والمثال الأكثر وضوحاً على هذا الفشل الذريع هو غياب متكرر لميزانية سنوية شاملة، وكذلك التأجيل المستمر لإجراء إصلاحات في الميزانية . في هذه العملية، وهناك محاولات لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب وهي تتسم بعدم التنظيم إلى حد ما . في مواجهة مثل هذا الانفجار الكبير غير المنضبط، يتطلب الوضع المالي في الولاياتالمتحدة إجراء إصلاح مصمم بعناية وفي التوقيت المناسب، لتكون مالية الحكومة أكثر فعالية وكفاءة وعدلاً، مع تقديم برامج تحفيزية فورية ومجموعة من الإصلاحات الضريبية ذات المصداقية على المدى المتوسط، وبذل جهود مستدامة لخفض العجز على مر الوقت . ولكن بدلاً من التصدي للتحديات المالية التي نواجهها، يبدو أن أمريكا حصلت على فأس وهو يمكن أن يضر أكثر مما ينفع . والواقع أن العديد من العناصر التي تم إعدادها للتنفيذ في نهاية عام 2012 سوف تعرقل تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحقيق استقرار مالي على الأجل المتوسط . بعض التدابير، بما في ذلك خفض الإنفاق على البرامج التعليمية ووظائف التدريس خاصة عندما يكون النظام التعليمي تحت ضغط هائل، سيكون تأثيره كبيراً .