في محاولة لإبعاد الإحتجاجات التي تشهدها محافظة الأنبار العراقية الغربية عن الصبغة الطائفية والعنفية، فقد دعا مفتي سني كبير المتظاهرين إلى تجنب الطائفية والإساءة إلى أي مذهب، وأكد أن العراقيين كلهم سواسية، بغض النظر عن اختلاف مذاهبهم، بينما أكدت رئاسة إقليم كردستان دعمها للمحتجين وضرورة الاستجابة لمطاليبهم .. ووصف المالكي التظاهرات بأنها عصيان وقطع طرق وتعطيل لمصالح الناس. لندن: خاطب المفتي المرجع السني الشيخ عبد الملك السعدي متظاهري الأنبار من خلال كلمة في ساحة اعتصامهم في مدينة الرمادي قائلا "إن مطالب التي خرجتم بها مشروعة، فتجنبوا أي عنف أو شعارات تؤذي الآخرين". وأكد المفتي في كلمته أمام المعتصمين أمس، مسؤولية الحكومة في الاستجابة لمطالب المعتصمين، وشدد على ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات، وإبعادها عن العنف. ودعا المتظاهرين ال ىتجنب الطائفية والاساءة إلى أي مذهب، وأكد أن العراقيين كلهم سواسية بغض النظر عن اختلاف مذاهبهم وقال تذكروا ان الامام جعفر الصادق كان معلما للامام ابي حنيفة النعمان". وأشار إلى حق كل عراقي في اعتناق المذهب الذي يرضاه لنفسه. ويعتبر المفتي السعدي، أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعة من العراق ومن كبار فقهائها. وهو من مواليد مدينة هيت بمحافظة الأنبار عام 1937 وعضو الجمعية العامة للإتحاد العام لعلماء المسلمين ومُؤسِّس في الجمعية العالمية لمقاومة العدوان وعضو المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي .. وقد تم اختياره مفتياً للعراق عام 2007 إلا أنه رفض المنصب، وهو الآن عضو هيئة تدريس في جامعة العلوم الإسلامية العالمية في العاصمة الأردنية عمان. والشيخ السعدي أحد الموقعين على وثيقة مكة في مدينة مكةالمكرمة من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي حول المصالحة والسلم بين الطوائف في رمضان1427ه المصادف عام 2006م. وتابع المفتي السعدي في كلمته التي وجهها للمعتصمين قائلا إن "هذا الاعتصام ليس على أساس القومية ولا على أساس الطائفية ولا العرقية ولا المذهبية، بل هو دعوة من للمطالبة بحقوق العراقيين جميعا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ووصف المتظاهرين بالسائرين على درب الحسين، معتبراً كل من يتهم المتظاهرين بأنهم طائفيين "بالمخطئ" مؤكدا انه على علاقة وثيقة بالمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء داعيا اياها بنصح السياسيين. وبارك المفتي السعدي ثبات المعتصمين في الأنبار على موقفهم مطالباً إياهم بالاستمرار على ما هم عليه وعدم السماح لأحد بتهميش دورهم "لحين يأتي نصر الله". ووجه نصيحة إلى ذوي السلطة والحكم في العراق، للاستجابة إلى مطالب الشعب الذي خرج لتحقيق أهدافه المشروعة، داعياً إلى عدم تجاوز فئة دون أخرى. وطالب الحكومة بأن تذر الطائفية اللعينة لأنها تمزق العباد وتخرب البلاد وان يكونوا اخوة متحابين وان يكون قرارهم عراقيا خالصا يصب في خدمة العراقيين. كما دعاها إلى عدم السماح بتدخلات غير العراقيين في شؤون العراق لأن العراقيين قادرون على حل مشاكلهم مشددا على ضرورة ترك القضاء وشأنه وعدم تسيسه لصالح حزب او او طائفة معينة. وطالب السعدي المتظاهرين ىأن "يحتووا الجميع وأن يقولوا لمن انحرف عن مساره بأن عليه العودة إلى جادة الصواب وان يسلكوا الطريق السليم" واكد قائلا "نريدها مطالبة سلمية ولا نرضى ان تصدر كلمات نابية من المتظاهرين تجاه اي احد لأننا امة محمد صلى الله عليه وسلم ونحن على طريق ال البيت"، وحذر السعدي المتظاهرين من إغرائهم للتنازل عن مطالبهم المشروعة التي هي مطالب كل العراقيين داعيا ابناء القوات المسلحة إلى حماية المتظاهرين لانهم إخوانهم . وكانت جماعة علماء العراق السنية، قد رفضت قبل وصول المفتي السعدي إلى الرمادي قادما من عمان اعتبار وسائل إعلامية لهذا الحدث "بداية لتصعيد خطير في المشهد العراقي، باعتبار أن حضوره سيكون محركا للشارع بالاتجاه المعارض للحكومة، الأمر الذي ترفضه الجماعة والعقلاء في الشارع العراقي ومنهم العلامة الشيخ السعدي بكل تأكيد". ودعت الجماعة إلى تمهيد الأرضية لحوار مثمر بنّاء، بعيداً عن لغة التصعيد التي تحاول بعض الجهات الترويج لها ووضع عامل التهدئة بالمقام الأول، وحث الجمهور على تبني الحوار وترك حل المشكلات لأهل الحل والعقد، إضافة إلى الاحتكام إلى الدستور وثوابته والقانون ومبادئه العامة، والابتعاد عن الخطاب غير العقلاني وغير المنضبط ونبذ الخطاب الطائفي والابتعاد عن التسييس لحل المشكلات التي تبدو بعيدة عنهما وتصب في خانة الاجراءات والسياقات والآليات وما يتخللها من أوجه قصور او ضعف او سوء فهم . ودعت الجماعة إلى "الاستماع إلى أطراف الخلاف جميعاً وعدم الاكتفاء بسماع جهة واحدة اعتمادا على طريقة السلف الصالح في حل المشكلات" و"السعي لاعتماد الدليل والقرينة والإثبات، بدلاً عن الحديث الشفوي والادعاءات التي قد يثبت صحة بعضها وبطلان البعض الآخر". وطالبت بتشكيل لجنة للتحاور والتفاهم "من العقلاء وذوي العلاقة تملك القدرة على التحاور والبصيرة والحكمة اللازمة لاحتواء الآخر وتذليل المشكلات التي تعترض سبيل التفاهمات والتركيز على الوحدة الوطنية وثوابتها وضرورة تقبل الاخر وعدم المساس والتجاوز على ابناء الطوائف الاخرى". وأشارت جماعة علماء العراق بأنها اذ تطرح هذه المبادئ فهي "تعتبرها جزءا من الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي"، وقالت "تتمنى على الأخوة في المحافظة الركون إلى التهدئة واعتمادها سبيلا لوأد الفتن وقطع الطريق على مثيري المشكلات والمتجاوزين على مشاعر وحقوق المواطنين من اي جهة كانت".. كما ناشدت اعضاء مجلس النواب تحري الدقة في إطلاق التصريحات والكف عن المهاترات الاعلامية التي تؤجج الشارع العراقي . كردستان تدعم تظاهرات الانبار وتدعو لتنفيذ مطاليبها أكدت رئاسة إقليم كردستان بزعامة مسعود بارزاني دعمها لتظاهرات الاحتجاج في الانبار داعية إلى ابعادها عن الصبغة الطائفية ومطالبة الحكومة بالاستجابة لمطاليبهم. وقال المتحدث الرسمي بأسم رئاسة اقليم كردستان اوميد صباح، إن العراق يمر بأزمة عصيبة وأن الجماهير في العديد من المحافظات ينظمون المظاهرات الإحتجاجية للتعبير عن استيائهم ضد سياسة الحكومة فى بغداد . واضاف "فى الوقت الذي نساند المطاليب الدستورية المشروعة للجماهير المنتفضة ندعو جميع القوى السياسية و خاصة التحالف الوطني الاسراع لمعالجة الاسباب التى ادت إلى خلق هذه الاوضاع"مشددا على انه لا يجوز للحكومة في بغداد اهمال المطاليب المشروعة للمواطنين . ودعا لأن تكون المطاليب فى إطار الدستور العراقي و بعيدة عن الروح الطائفية وقال "إن الإقليم يبدي استعداده لتقديم كافة المساعدات من اجل ايجاد حلول اساسية للوضع الراهن". وكان عشرات الآلاف من المحتجين قد نزلوا إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة الماضي في استعراض للقوة في مواجهة المالكي واستمروا في قطع الطريق السريع الذي يربط العراق بسوريا والادن، حيث أغلق حوالي 60 ألف شخص هذا الطريق الرئيسي الذي يمر عبر مدينة الفلوجة على بعد 50 كيلومترًا غربي العاصمة وأحرقوا العلم الإيراني ورددوا هتافات مثل "يا إيران برا برا..بغداد تبقى حرة" و"يا مالكي يا جبان..تاخد شورك (المشورة) من إيران." وتشمل مطالب المحتجين وضع حد لتهميش السنة وإلغاء قوانين مكافحة الإرهاب التي يقولون إنها تستغل ضدهم كما يطالبون بالإفراج عن محتجزين. واندلعت الاحتجاجات نتيجة اعتقال امر وعناصر حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي. ولم تتحرك قوات الأمن لإنهاء الاحتجاجات في الانبار لكنها منعت أشخاصًا في محافظات اخرى من الانضمام اليها. المالكي: لا وجود لتظاهرات وإنما عصيان وقطع طرق ومن جهته أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن قضية اعتقال عناصر حماية العيساوي انتهت وقد أخذت منحى سياسي وتدخلت فيها دول أخرى معتبرا أن لا وجود للتظاهرات حاليا بل هو عصيان وقطع طريق وضرب لمصالح الناس وحيث الدولة تتعامل بإشفاق معها. وقال المالكي في مقابلة مع قناة "السومرية" العراقية اليلة الماضية إن "قضية اعتقال عناصر حماية العيساوي انتهت" مشيراً إلى أن "القضية أخذت منحى سياسي وتدخلت دول أخرى واتجهوا اتجاهات أخرى". واعتبر أن "التظاهرات الموجود حاليا في عدد من المحافظات ليست تظاهر بل هو عصيان وقطع طريق وضرب مصالح الناس" مؤكدا أن "الدولة تتحمل وتتعامل بموقع الإشفاق والرغبة في الحل واحتواء القضايا بالطرق السلمية". وأشار المالكي إلى أن "القضية ذات عمق وامتداد طائفي بامتياز لذلك اتجهت بسرعة لا يمكن أن يقال عنها صدفة تنزلق هذه التظاهرات بهذا الإتجاه" معتبرا "هذه قضية ليست طارئة". وتساءل "لماذا تسييس هذه القضية بهذا الشكل وتتحول من قضية اعتقال عشرة بجرائم إلى قضية سياسية لها أبعادها ودخلت على خطها دول التسييس من الطرف الآخر" معتبرا أن "العراق لا تنقصه الحريات ولا أي شي آخر". ولفت المالكي إلى أن "الاعتقال ليس نقص في الحرية" مؤكدا أن "الأجهزة الأمنية لا تعتقل الناس الذين مع القانون والدولة إنما تعتقل من يخالف القانون ويخرج عن النظام ويقتل الناس ويفجر ويخطف هذا وذاك". وشهدت محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين خلال الأيام القليلة الماضية، تظاهرات حاشدة شارك فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولون محليون أبرزهم محافظ نينوى اثيل النجيفي ووزير المالية رافع العيساوي، للمطالبة بإطلاق سراح السجينات والمعتقلين الأبرياء وتغيير مسار الحكومة ومقاضاة منتهكي أعراض السجينات.