عن أولى تجاربها في الدراما التاريخية "نابليون والمحروسة"إخراج شوقي الماجري وبطولة ليلى علوي، شريف سلامة، جريجوار كولين، سامح الصريطي، سوسن بدر، عابد فهد، جهاد سعد وآخرين، علقت صاحبة أحد أفضل مسلسلات هذا العام السيناريست عزة شلبي على المرحلة التاريخية التي تناولتها في فترة الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801) بأنها مرحلة خصبة تنتظر الكثير من الأعمال الدرامية لمعالجتها . مضيفة أنها عند إمعان البحث في تاريخ مصر قبل 215 عاماً، تكتشف أن التاريخ يعيد نفسه بطريقة هزلية كأن هناك من يمنعنا من معرفة حقيقته حتى نتحصن ضد تكرار الانخداع بالألاعيب السياسية نفسها، واستغلال الشعارات الدينية . أشارت الكاتبة إلى ما يشبه التطابق في سلوك المصريين بين ما قاموا به في مواجهة الحملة الفرنسية وبين ثورة 25 يناير التي أبهرت العالم، ثم صارت إلى انهيار وتنازل يعجزنا عن تحليله اجتماعيا، هذا التطابق ظهرت أصداؤه في المسلسل في تأثر بعض شعارات ثورة القاهرة الثانية ضد الفرنسيين بشعارات ثورة يناير دون أن تبدو غريبة أو مقحمة . جاء ذلك في الندوة التي نظمها بيت السناري بحي "السيدة زينب"التابع لمكتبة الإسكندرية، لمناقشة المسلسل وإدارتها الروائية سها زكي . وأضافت عزة: لا شك أن لثورة يناير أياد بيضاء على المسلسل الذي كان في مرحلة الكتابة عند قيامها لأنها زادتني قربا من شخصياته، كما أعتبر أن مقاومة المصريين للاحتلال الفرنسي في ثورتيه الأولى والثانية خاصة بعد هزيمة المماليك وتواطؤ العثمانيين مع الاحتلال، وضعت لبنة مهمة في صعود الحس الوطني المصري ودرب المصريين على الإيمان بقوتهم وحقهم في بلدهم، لذا سرعان ما أسقطوا الوالي العثماني خورشيد باشا بعد سنوات قليلة من طرد الحملة الفرنسية . وحول تفسير الولع الفرنسي بمصر أشارت الكاتبة إلى أن نابليون كان في البداية يحلم بأن يغزل على منوال الإسكندر الأكبر الذي كان بمثابة مثله الأعلى وعقدته في الوقت نفسه، لذا كان يسعى لتقليده، وكان يرى أن في مصر حضارة قديمة عظيمة وأنه سيبني عليها لتكون مصر أعظم مستعمراته، ورغم أن فرنسا حينها كانت رائدة العلم الحديث إلا أن علماءها قالوا إن ما تعلمناه تهدم أمام عظمة ما وجدناه في المعابد المصرية، حتى إن جنود الحملة وقفوا مبهورين أمام المعابد في دندرة فنزلوا عن جيادهم وصفقوا وقدموا التحية العسكرية أمام عظمة الحضارة الفرعونية، ولا يمكن إنكار الطبيعة الخاصة للحملة الفرنسية التي أنجز علماؤها كتاب وصف مصر وغيره من الخطوات المهمة التي أسهمت في صياغة مصر الحديثة ومنها إنشاء الدواوين واعتماد نظام التصويت والتأسيس لنظام سياسي مختلف . عن الجدل الذي يثور والاتهامات التي يطلقها تناول موضوع الحملة الفرنسية كما حدث قبل عدة سنوات في احتفالات مئتين عام على الحملة أشارت الكاتبة إلى أن الدموية التي واجهت بها الحملة الشعب المصري والتي ظهرت في المسلسل حددت موقعه من هذا الجدل، غير أنها أشارت لمرحلة كانت حافلة بالقضايا الشائكة والتي اختلفت فيها رؤى المؤرخين، ومنها شخصية المعلم يعقوب التاجر القبطي الذي تعاون مع الحملة ورحل معها عند رحيلها، ففيما تراه أغلبيتها كخائن يراه آخرون كرجل قومي كان يتعاون مع الحملة بهدف تخليص مصر من الولاية العثمانية . في مواجهة هذه القضايا أشارت عزة شلبي إلى أنها حاولت أن تقرأ الأحداث من وجهة نظر كل شخصية درامية تتناولها لهذا كان اختيار الاستعانة بممثلين فرنسيين في بعض الشخصيات مثل جريجوار كولين في دور بونابرت وترجمة حوارهم إلى الفرنسية، وهو ما حقق المزيد من المصداقية والخصوصية للمسلسل . مضيفة أنها اعتمدت على كم كبير من المراجع من أهمها الجبرتي والرافعي، مذكرات بونابرت، كتاب مينو، رسائل الجنود الفرنسيين إلى أهاليهم، وقد استغرقت فترة البحث التاريخي نحو ثمانية شهور قبل الكتابة، وتواصلت الحوارات المهمة مع الباحث التاريخي طوال مرحلة الكتابة . عن تركيزها على الخلفية الاجتماعية في المسلسل قالت شلبي إنها أرادت أن تخرج من سيطرة الشخصيات التاريخية الشهيرة ليكون الشعب المصري حاضرا في الواجهة في تاريخه، كما أنها أثناء البحث التاريخي وجدت حكايات مذهلة ومؤلمة أبكتها أحياناً، لا يمكن تجاهلها، منها مثلاً الجرائم التي كان يقوم بها جنود الاحتلال الفرنسي في غزوهم للقرى، التي دفعت بعض أهلها إلى إلقاء أنفسهم وأبنائهم في النيل مفضلين الغرق على التعرض للفظائع التي سمعوا عنها في القرى التي اجتاحتها الحملة قبلهم، أيضاً كانت الأمهات يلجأن إلى تخييط بناتهن في محاولة لحمايتهن من اغتصاب الجنود الفرنسيين .