يمسك الشاب اليساري اليوناني لكيس تسيبراس مستقبل اليونان بقوة بين يديه منذ يونيو/حزيران الماضي، إلا أنه قد يفعل ذلك ثانية في العام ،2013 ويجوز أن تسيبراس ورفاقه في حزب "سيريزا" قد غيروا من لهجتهم حالياً لكن يبقى هدفهم الرئيس لم يتغير وهو إفشال اتفاقية الإنقاذ المالي لليونان . لقد وثب تسيبراس من قفار المعترك السياسي في اليونان لكنه نجح لبضعة أيام في أن يمسك بقوة بمستقبل منطقة اليورو بيديه . وبعد مرور نحو ستة أشهر فإن هذا الشاب الناري الذي يلقي خطابه بوتيرة سريعة وطلع على العالم على حين غرة وعصف بالانتخابات اليونانية قد لا يستمر في دائرة الضوء، لكنه مع ذلك فإن صورته الصارخة لم تبهت، على الأقل بالنسبة للتاريخ المعاصر . يقول تسيبراس حول فشل حزبه الراديكالي "سيريزا" في الإمساك بالسلطة "لقد خسرنا المعركة الانتخابية بهامش ضيق، لكننا لم نخسر الحرب" . وبصفته زعيم حزب المعارضة الرئيس في اليونان ويقف على خط النار الأول في مواجهة دراما الدين الأوروبي، فإن تسيبراس يستقر على نحو آمن في مكتبه في الطابق الأرضي في البرلمان اليوناني، والبرلمان ليس سوى قصر ملكي سابقاً يطل على ساحة سينتاجنا الذي كان مسرحاً لتجمعات المتظاهرين الضخمة التي هزت أركان أثينا طوال السنوات الثلاث الماضية . وينتظر أن تشهد ساحة سينتاجنا المزيد من الاضطرابات في الأشهر القليلة المقبلة العام 2013 والمتوقع أنها ستكون الأعنف منذ أن انحدرت اليونان إلى القاع الاقتصادي في سقطة حرة بعد الكشف عن الحجم الحقيقي لعجز الميزانية اليونانية في العام 2009 . ويضيف السياسي الشاب ويداه تتشابكان خلف الكرسي الذي يجلس عليه في مكتبه "إننا الأمل العظيم للتغيير . ولن نرضى بوقف الكارثة فقط، بل الترياق الرديء الذي قدم لبلادنا، "مشيراً إلى نهج التقشف الذي يقود إلى الركود الذي كان تم تطبيقه مقابل تقديم قروض إنقاذ من مقرضي "الترويكا" المكون من الاتحاد الأوروبي، والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي . وقال "إننا ماضون في طريق إحداث تغيرات عميقة في الساحة اليونانية، وسنقوم بمجمل إصلاحات هيكلية . والواقع فإن المناخ السياسي كان أحد الأسباب الرئيسة في تفجير الأزمة وكذا الأمر بالنسبة للقطاع العام الذي تم إنشاؤه بهدف التأثير في الانتخابات" . وبدأ نشاط هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثامنة والثلاثين من عمره، وكأنه خرج من ولادة جديدة لعائلة مكونة من أربعة أفراد، وأخذ نجمه بالسطوع منذ الأيام التي كان يعمل مع حلفائه اليساريين وحزب الخطر والماركسيين والماويين في الغرفتين الشاحبتين في الطابق الثاني من مبنى البرلمان، وهو الوضع الذي يتناسب والحصة المتواضعة في نتائج الانتخابات التي لم تكن تتجاوز ال 5 .4 في المئة من الأصوات . لكن الموقف المتشدد الذي اتخذه حزب "سيريزا" وحلفاؤه دفع التحالف إلى الصعود على نحو دراماتيكي . ونجح الحزب في حصاد 6 .29% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة وهو ما جعل نجم المجموعات اليسارية يعود ليسطع قبل العمل السياسي في اليونان . وكان أنتونيس ساماراس، الرجل الذي حصد أفضل الأصوات في صندوق الانتخابات يشكل خياراً صارخاً ما بين الإصلاحات المؤلمة التي تحافظ على وجود اليونان في منطقة اليورو وتفتح أمامها الخيارات من خلال حزب "سيريزا" اليساري، للعودة إلى التعامل بالعملة الوطنية السابقة على اليورو وهي عملة الدراخما . ويتميز تسيبراس بشخصية كارزمية وبصوت جهوري جذاب وهو دون أدنى شك يسهم في صعوده . وتكشف استطلاعات الرأي المتكررة وضع حزبه في الريادة منذ الصيف الماضي . وهو خلال ذلك يركز جل تفكيره على الوصول إلى الإمساك بالسلطة . ويبدو أن الأصوات المنادية بانتخابات مبكرة تلقى على الأرجح آذانا صاغية وهو المحتمل أو الممكن خلال العام 2013 . وحول ذلك يقول تسيبراس: "إن عمر هذه الحكومة قصير" ملوحاً بذراعه للتأكيد على ما يقول وهو يشير أيضاً إلى قوائم خاصة بالمعايير التي يتبناها أعداؤه السياسيون المتمسكون بالخط الليبرالي الذين حاول انتزاع الحراك السياسي منهم وإفشالهم ولكنه فشل على نحو مثير للشفقة . ويضيف تسيبراس: "اليونان بلد فريد . وحتى بعد إعادة هيكلة ديونه سيواصل الصعود . والواقع أن تقصير الشعر حل يصعب تجنبه وسيحدث ذلك بعد الانتخابات الألمانية في سبتمبر/أيلول العام 2013 . ويعتقد منتقدو تسيبراس أن المراهنين عليه يراهنون على كارثة . ويقولون إنه ليس سوى ديماغوجي لديه معرفة طالب مدرسة عن الاقتصاد وحساسيات الوضع المالي العالمي . ويضيفون أن حزب تسيبراس "سيريزا" ليس فقط متهوراً بل خطير إذا ما أمسك بالسلطة . * (الغارديان)