وذلك لايعني أن منظومة مجلس التعاون أضحت المحرك والمحفز لسلوك واتجاهات هذا النظام وإنما يعكس علي نحو أو آخر حالة حراك في هذه المنظومة علي الصعيد القومي وهو أمر ينبئ عن شعور بتغيرجوهري في درجة أدائها ونوعية تفاعلها مع التطورات والأحداث التي شهدتها المنطقة علي صعيد ما بات يعرف بثورات الربيع العربي. بدا واضحا أن ثمة هواجس لدي بعض الأطراف الخليجية من هذه الثورات خاصة المصرية, أسهمت دول مهمة في مجلس التعاون في الدفع بهذه الثورات خطوات متقدمة علي صعيد تمكينها من تحقيق أهدافها ويأتي في مقدمتها الثورة اليمنية التي قدمت لها منظومة المجلس ككل المبادرة الخليجية التي شكلت منطلق احتواء الصراع بين نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقوي الثورية والسياسية المناهضة له ضمن سياق سلمي جنب اليمن دخولا وشيكا في حرب أهلية كان يمكن أن يدفع الجميع كلفة باهظة لها. ولم يتوقف الأمر عند حد الإسناد السياسي لليمن وإنما اتخذ منحي عمليا تجلي في تقديم دول المجلس مليارات الدولارات لصنعاء سواء ضمن إطار الدول المانحة أو علي الصعيد الثنائي. ويمكن القول إن دول الخليج وبالذات السعوديةوقطر والإمارات لعبت دورا شديد الأهمية في القفز بالثورة السورية الي سقف أعلي من الدعم والعون بكل الأشكال بما في ذلك الإسناد اللوجستي والعسكري للثوار عبر قنوات سرية بالرغم من النفي العلني الرسمي لذلك فضلا عن المساعدات المالية خاصة للاجئين السوريين بدول الجوار: تركيا والأردن ولبنان والأهم من ذلك الدفع باتجاه بلورة ما بات يعرف بالائتلاف الوطني لقوي المعارضة والثورة السورية والذي تم الإعلان عنه بعاصمة خليجية هي الدوحة في الثاني عشر من نوفمبر الماضي بالتنسيق مع الجامعة العربية وبمشاركة من بعض الأطراف العربية المهمة كمصر وتونس. ولاشك أن منظومة مجلس التعاون سوف تسعي الي تعميق حركتها وفعاليتها في2013 باتجاه يدفعها للقيام بدور أكثرحيوية في إعادة بناء النظام الإقليمي العربي, بدلا من ترك مبادرة صياغته في يد تركيا أو إسرائيل أو إيران وبالتنسيق والتعاون مع مصر التي ستعيد عافيتها الإقليمية بعد أن تعيد ترتيب البيت من الداخل إثر حالة الانقسام والتشظي التي سادت نخبها وقواها السياسية في الأشهر الثلاثة من2012, ويمكن النظر في هذا السياق الي أن مساعي دول المنظومة لتجاوز مرحلة التعاون السائدة منذ1981 وصولا الي مرحلة الاتحاد الخليجي وفق الفكرة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز خلال القمة الخليجية التشاورية التي استضافتها الرياض في مايو الماضي ستمثل في حال إقرارها وهو الأمر المتوقع في قمة خاصة لقادة دول الخليج بالرياض أيضا خلال مايو المقبل ايضا رافدا قويا لتعزيز الحضور والقومي لمنظومة مجلس التعاون دون محاولة الهيمنة علي النظام الأقليمي العربي بالطبع متكئة في ذلك علي كثافة سكانية كبيرة تقترب من ال25 مليون نسمة وعناصر قوة اقتصادية واستثمارية وعسكرية.