بعد «الصدمة» التي باغتت البريطانيين بالإعلان خلال الشهر الماضي أنهم صاروا أقلية في لندن، تقول دراسة أخرى الآن إن الوضع في العاصمة البريطانية سيصبح هو السمة الغالبة في عموم البلاد خلال 38 سنة. خرج مكتب الإحصاء البريطاني في الشهر الماضي بما وُصفت بأنها «قنبلة ديموفرغرافية» عندما قال إن 3.7 مليون شخصًا في لندن عرّفوا عن أنفسهم في 2011 بأنهم «بريطانيون بيض»، مقارنة ب4.3 مليون شخص قالوا الشيء نفسه في 2001. بهذا تصبح نسبة البريطانيين البيض 44.9 في المائة من إجمالي سكان المدينة. وبعبارة أخرى فقد صاروا أقلية في عاصمتهم، كما أوردت «إيلاف» حينذاك. الآن تقول دراسة، موّلها «مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية»، إن هذا الاتجاه (تعاظم أعداد أبناء الأقليات العرقية على حساب البريطانيين البيض) لن يقتصر على العاصمة، وسيشمل معظم مدن البلاد بحلول العام 2050. أما السبب في هذا، وفقًا للصحف التي تداولت النبأ على نطاق واسع، فهو أن تكاثر أبناء العرقيات يعني زيادة أيضًا في عدد القادرين منهم على التمتع بالرخاء المالي، فينتقلون من مراكز المدن إلى الضواحي والأرياف، تمامًا كما يفعل أهلُ البلاد البيض ميسورو الحال. لكن القارئ المتمعن في الصياغة، التي أوردت بها الصحف الخبر، يلاحظ شيئًا من انحسار شعور الهلع الذي انتابها، وهي تنقل نبأ تفوق الأقليات غير البيضاء عددًا في لندن. فالدراسة الأخيرة تقول إن البيض غير البريطانيين – من أوروبا وأيضًا من دول رئيسة ناطقة بالانكليزية، مثل إستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة – ستصبح الفئة الأكثر نموًا عدديًا في المجتمع البريطاني. وبحلول 2051 ستصبح الأقلية غير البريطانية (من بيض وغيرهم) مساوية مرتين ونصف مرة لما كان عليه حالها في بداية هذا القرن. وتقول الدراسة، التي أعدّها فريق من الباحثين في جامعة ليدز بتكليف من «مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية»، إن نسبة تلك الأقلية كانت نحو 8 في المئة مع حلول القرن الحادي والعشرين. وكان أقل من 5 ملايين شخص من هذه الأقلية ينتمون إلى أعراق غير بيضاء. لكن عدد هؤلاء سيرتفع إلى ما لا يقلّ عن 16 مليون شخص في 2051 (أكثر من ثلاثة أضعاف عددهم في 2001)، وذلك بينما يبلغ العدد الكلي لسكان البلاد 78 مليون نسمة. لكن يبدو أن هذه الأرقام نفسها متفائلة من وجهة نظر البريطانيين البيض. فقد أظهر الإحصاء السكاني الأخير أن عدد غير البيض في بريطانيا (من أهل البلد وغيرهم) صار في العام الماضي يشكل 14 في المائة من عدد السكان. وبينما يقول 86 في المئة من السكان إنهم «بيض»، يقول 80 في المائة إنهم «بريطانيون بيض». إلا أن هذه الحال ستتغير جذريًا بحلول 2051، وستكون مرآة لما حدث في لندن فعلاً. فقد صار عدد سكان العاصمة من أهل البلاد البيض أقلية أمام زحف البريطانيين من أعراق غير قوقازية والمهاجرين من مختلف أنحاء الدنيا. وتبعًا لمكتب الإحصاء القومي، فإن هذا الحدث غير المسبوق يقع داخل إطار ارتفاع العدد في عدد المهاجرين إلى انكلترا وويلز بأكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال السنوات العشر الماضية. عمومًا ففي 2011 بلغ عدد السكان المولودين خارج بريطانيا 7.5 مليون شخص، ارتفاعًا من 4.6 مليون. ويعني هذا أن مهاجري الجيل الأول صاروا يشكلون نسبة 13 في المائة من عدد سكان البلاد، أو نحو واحد في كل ثمانية أشخاص. ويذكر أن إجمالي عدد السكان في انكلترا وويلز بلغ 56.1 مليون شخص في 2011، بزيادة 7 في المائة عن العدد في 2001. ويعود 55 في المائة من هذه الزيادة إلى المهاجرين.