بقلم: عبيد طرموم 13 يناير مثلت منعطف خطير في دورة الصراع السياسي المتكرر في الجنوب الذي عانينا منها منذ الاستقلال 30 نوفمب 67م كانت احداث 13 يناير القاصمة للحكم الاشتراكي في الجنوب التي نتيجتها التشضي والانقسام على مختلف الاصعدة . تنظيميا وسياسيا وعسكريا دفعت من تبقي في قيادات الحزب الاشتراكي الى الهروب للوحدة والانصهار فيها خشية من السقوط . وكان ذلك الهروب أشبة بالمستجير من الرمضاء بالنار . فلم تدم الوحدة التي تحققت سلميا يوم 22 مايو 90م اكثر من اربع سنوات . أنتهت في 7 / 7 / 1994م بفرض واقع وحدوي جديد يقوم على مرتكز القوة والاقصاء .بعد ان فشل مشروع الوحدة السلمي .وفشلت وثيقة تصحيح الوحدة ( وثيقة العهد والاتفاق ) .نتيجة العقلية الاقصائية التي تعامل بها الطرف المنتصر في تلك الحرب القذرة . أحداث يناير 1986 مثلث ذروة المأساة التي عاشها الجنوب وانعكست خلال تلك الإحداث كافه التباينات في الأفكار والرؤى كما كانت أيضا ترجمة مقززة ومفزعة ومرعبه لكل سلبيات تجربة اليمن الديمقراطية الشعبية . ومن يريد أن يقيم إحداث 13 يناير 1986 يجب أن يتبع المنهج العلمي الصحيح في تقييمه وعليه النظر إليها بصفتها حلقه من سلسله طويلة لتجربة الجنوب منذ فجر الاستقلال وحتى تاريخه ولكي يكون التقييم صائباً من الضروري أن يراعي الظروف الساندة حينها في العالم وفي الإقليم كما في داخل المجتمع الجنوبي وفي إطار التنظيم السياسي أو الحزب الواحد حينها وأنا لست بصدد تقييم تلك الإحداث واعتقد انه للوصول إلى نتائج واستخلاصات مفيدة تساعد في استشراف المستقبل وتساعد على تجنب الأخطاء المروعة التي وقعت فيها تجربة اليمن الديمقراطية فأن الضرورة تقتضي أن يكون القائم على البحث والدارسة والتحليل مستقل تماماً عن الإطراف المتصارعة . ويمكن القول باختصار أن ماسأة يناير كانت حصاد تجربة مره في الجنوب لعب فيها العامل الخارجي دوراً محورياً ورئيسياً . وينطبق هذا على كل المنعطفات الرئيسية في تجربة الجنوب من فجر الاستقلال حتى الان . وكان لسياسة التحشيد والتصعيد وتاجيج الخلافات بين قيادات الحزب الاشتراكي اليمني حول قضايا تفصيلية غير جوهرية دور رئيسي في إيصال الأمور في الجنوب إلى ماوصلت إليه في 13 يناير 1986 . وحتى لانترك الأمر للتقولات أو الافتراضات الخاطئة فأني أشير هنا بأن الجناح المهيمين على مقدرات السياسة السوفيتية حينها قد لعب دوراً قذراً في تفجير الأوضاع في اليمن الديمقراطية خدمة لأهدافه الإستراتيجية البعيدة كل البعد عن مصالح اليمن الديمقراطية والشعب في الجنوب ولعل من المفيد أن نشير إلى الحقائق ألدامغة التي أصبحت منشورة في وسائل الإعلام المختلفة كما احتوتها الكثير من الكتب والإصدارات التي إلفها قياديون سوفيت أو موظفون كبار في جهاز الدولة السوفيتية * وبهذا الصدد يمكن الإشارة على سبيل الذكر وليس الحصر الى ماورد في كتاب ميثروخين ( الأرشيف ) إذ يكشف إلى أي مدى كانت تسير الأمور في اليمن الديمقراطي وفي الساحة اليمنية عموماً . ومن يقرأ أرشيف ميثروخين يتبين له الدور السلبي الكبير الذي لعبه جهاز الفساد العظيم للنظام السوفيتي على الساحة السياسية اليمنية عموماً وفي الجنوب على وجه التحديد . وهو يلقي الضوء على بعض الإحداث المفصلية . ويمكن إسقاط ما أورده ميثروخين على الإحداث الرئيسية الكبرى في اليمن مثل مقتل الشهيد إبراهيم ألحمدي ثم الرئيس أحمد الغشمي وتلاه إحداث يونيو 1978 بتصفية الشهيد سالم ربيع على وفي اعتقادي الشخصي أن إحداث 78 هي التي مثلت الانعطافة الكبيرة نحو الهاوية في تجربة اليمن الديمقراطية لتأتي إحداث يناير 1986 استكمال لها ونهاية لفصل مأساوي من تاريخ التأمر على اليمن الديمقراطية وقد دفع أبناء الجنوب ثمناً غالياً جداً جداً من حياتهم ومن مستقبلهم وأضاعوا وطنهم الذي أصبح تحت الاحتلال لنظام الجمهورية العربية اليمنية . لسنا بحاجة الى نبش المأساة كما قلت ولكن اعتقد انه من الضروري جداً أن تتصدى مجموعة من الدارسين والمهتمين بتقييم وتحليل احداث يناير 86 الماساوية وتستخلص العبر والدروس التي يمكن ان تفيد الجيل الحالي والاجيال القادمة في تجنب تلك السلبيات ومع هذا فأن مايمكن ان اشير اليه في هذة العجالة أن أهم درس وعبره نأخذها من تلك الاحداث هو ان نحسن التعاطي مع عامل الزمن وان نعطي وقتاً اكبر واوسع مهما كان هذا الوقت لدراسة وفهم نقاط الخلاف والاختلاف اذ لاتستحق مهما كانت تلك الاختلافات في الرؤى ةالافكار ان يكون ثمنها تصفيه الاخر واقصاءه . بكلمات اخرى ان نحسن توظيف عامل الوقت لمزيد من الحوار والنقاش والقبول بالاخر مهما اختلفت معه * والاقلاع نهائياً عن اسلوب الاقصاء والتخوين ومايجرانه من كوارث على المجتمع وعلى الحياة السياسة عموماً . كما ان درساً اعتقد انه لايقل اهمية عن ماسبقه وهو ان تكون مصالحنا الوطنية أي مصلحه الوطن ومصالح الناس هي العامل الرئيسي والمحور الرئيسي في معالجتنا للمستجدات وفي قراراتنا الصغيره والكبيرة ذات العلاقات بمصالح بالمجتمع والوطن سواء داخلياً او على المستوى الخارجي وعدم تغليب المصلحه الخارجية او مصلحه الاخرين على المصالح الوطنية تحت أي مسمى او تحت اي شعار واعتقد ان على الاخوة من القيادات الكبيرة التي ساهمت بهذا القدر او ذاك في مأساة يناير 1986م من من لازالوا احياء تقع مسؤليه تاريخية في ضياع الوطن وفي ماوصلت اليه الامور في الوقت الراهن من احتلال للوطن واضطهاد لأهله ونهب للثروة وضياع مستقبل اجيالنا القادمة * كل ذلك يدعوا الى ان تتحمل تلك القيادات مسؤلياتها التاريخية بان تقر بالاخطاء الكبرى وتعمل دون كلل وبمثابره لتخليص شعبنا ووطنا من وبلات الاحتلال والاسهام مع القوى الحيه في المجتمع على امتداد الجنوب لتقريب فجر الاستقلال الثاني وتقريب يوم الخلاص الابدي من ربقه الاحتلال العسكري القبلي المتخلف واستعادة الحقوق كامله غير منقوصه وامتلاك شعبنا لحقه في تقرير مصيره وبناء دولته الحرة المستقلة . طبعاً هذا يحتاج الى ان نستوعب الدرس وان نقبل بالاختلاف وان نوحد الصفوف على اساس وطني عام يتفهم هواجس وتحفظات الاخرين ولايزايد عليها او يتجاوزها . واكرر هنا ان تلك القيادات تتحمل المسؤلية التاريخية وعليها ان لاتتهرب من هذة المهمه مع التأكيد ان دعوتنا هذه ليست دعوة الى العودة الى تبؤ مراكز القرار لان ذلك قد يكون مؤذ وغير نافع وانما المطلوب هو الوقوف بمسؤليه وبجدية بجانب القوى الحيه وبجانب القيادات الشابة في الجنوب لانجاح عملها ونصره قضيتها وتسهيل مهامها التي هي قضية الشعب قضية الوطن كله من المهره شرقاً الى جزيرة ميون غرباً وانا على ثقة بأن بامكانها ان تعمل الكثير وان تقدم الكثير ان هي حسمت امرها فعلاً لاقولاً .