بات من الواضح أن طموحات "إخوان" مصر ليس لها سقف، وأن الجماعة تسعى "لاختطاف" المشهد السياسي المصري برمته، مدفوعة بنجاحها الساحق في الانتخابات التشريعية، والزخم الذي رافق ظهورها على المسرح السياسي، بعد زوال نظام مبارك. القرار المفاجئ للجماعة، بطرح مرشح للانتخابات الرئاسية، خلط أوراق اللعبة وضرب توقعات المحللين التي ذهبت في بادئ الأمر إلى "صفقة مكتومة" بين الإخوان والجيش، تدعم بموجبها الجماعة مرشحا من المؤسسة العسكرية لرئاسة البلاد، مقابل استحواذهم على الحكومة. لا أحد يدري إلى أين تتجه بوصلة العلاقة بين العسكر والإخوان في ظل تصاعد حدة المواجهات بينهما، والتي قد ترقى إلى صدام مباشر يعيد عجلة التاريخ إلى الوراء. ويمكن قراءة هذا السيناريو باستصحاب الدعوات المتكررة من القوى الليبرالية واليسارية للقوات المسلحة، لحسم الإسلاميين وحل مجلسي الشعب والشورى وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. وهذا السيناريو في حال حدوثه يعني حدوث انهيار دستوري واستغلال الجيش للوضع، تحت ستار الحفاظ على مدنية الدولة. كذلك لا يمكن قراءة المشهد المصري السريالي بمعزل عن بوادر التشظي التي يشهدها جسم الإسلاميين، مع انسلاخ بعض القيادات عن الجماعة و"التململ" من عضويتها داخل مجلس الشعب، ومن ثم فإن احتكار الإخوان للسلطة واستبعادهم لكافة القوى الأخرى، خاصة القوى الحديثة المتمثلة في منظمات المجتمع المدني والفعاليات الشبابية، سيضع المنجزات، التي تحققت من خلال التحول الديمقراطي، في مهب الريح. كما أن سيطرة الجماعة على مفاصل الدولة ستجعلها في مواجهة تحد ضخم يتمثل في تولي مسؤولية إصلاح الاقتصاد المتداعي وتحمل مسؤولية أي إخفاقات. إن التساؤل المطروح الآن: ما فرص نجاح القيادات العسكرية والإخوان في الخروج من نفق الأزمة الجديدة، وتوفير الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للبلاد، على أسس ديمقراطية تراعي التعدد وتحفظ حقوق الكيانات السياسية الأخرى التي أسهمت بنصيب وافر في إنجاح الثورة الشعبية التي أدت لتمكين الإخوان أنفسهم من الممارسة السياسية المفتوحة؟