يعتقد مراقبون أن العمل الحكومي خلال الفترة الحالية في ظل حكومة باسندوة منذ تشكيلها في نوفمبر 2011م ارتبط بظاهرة اختراق القوانين وتنازع في الصلاحيات بين مكوناتها، في اطار المساعي الحثيثة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الوظيفة العامة للدولة. ورسخت حكومة باسندوة المشكلة من أحزاب اللقاء المشترك وشركاءه والمؤتمر الشعبي العام وحلفاءة، حالة من تنازع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة، إضافة إلى تجاوزات قانونية ودستورية في التعيين والقرارات. وبحسب المراقبين فان أبرز مظاهر التجاوزات القانونية والدستورية التي رسخت سلوكياتها هذه الحكومة تمثل في قيام رئيس الحكومة محمد باسندوة بالتعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية والقانونية وإصدار قرارات بمناصب التعيين فيها من اختصاصات الرئيس. وأصدر باسندوة منتصف العام الماضي أربعة قرارات وزارية تجاوز فيها صلاحيات رئيس الجمهورية حيث قام بإصدار قرار وزاري بتكليف الأستاذ الدكتور مجدي عقلان للقيام بأعمال رئيس جامعة صنعاء في تعد صارخ على صلاحيات رئيس الجمهورية. وبعد أن رفض الدكتور مجدي عقلان القبول بتكليف باسندوة له بالقيام بأعمال رئيس جامعة صنعاء "أصدر باسندوة تكليف أخر للدكتور عبدالصمد هزاع قبل أن يرفض الأخير التكليف". وفي إصرار واضح على التمرد على قرارات رئيس الجمهورية والتعدي على صلاحياته قام للمرة الثالثة بإصدار قرار وزاري بتكليف الدكتور عبدالله الوشلي للقيام بأعمال رئيس الجامعة إلا أن الوشلي رفض هو الأخر القبول بالتكليف، إلا أن باسندوة وفي إصرار عجيب على مواصلة تمرده وتجاوزه لصلاحياته اصدر تكليفا رابعا للدكتور عبدالحكيم الشرجبي للقيام بأعمال رئيس الجامعة المعين بقرار جمهوري. قرارات باسندوة تزامنت اثناء سفر الرئيس عبدربه منصور هادي خارج البلاد، كما ان اتخاذها كان بدون الرجوع أو التشاور إلى الجهة المشرفة على الجامعات اليمنية المتمثلة في وزارة التعليم العالي، ما جعل وزير التعليم العالي والبحث العلمي المهندس هشام شرف يعلن رفضه لقرار رئيس مجلس الوزراء، وقال إن الوضع في جامعة صنعاء "سيبقى على ما هو عليه إلى حين عودة الرئيس عبدربه منصور هادي من جولته الخارجية الحالية. واعتبر مصدر حكومي مثل هذه القرارات تعبر عن مدى فوضوية العمل الحكومي والذي اصبحت سلوكا ترسخ من خلال منهجية رئيس الحكومة وأعضاء حكومته. وقال المصدر في تصريح لوكالة خبرك"هذه القرارات غير قانونية لأن مُصدر القرار من يحق له تعديله أو الغائة". لافتا إلى امكانية توقيف مسئول ما في بعض الحالات ولأسباب جوهرية بشرط بموافقة الرئيس ورئيس الوزراء، مع احالة المسؤول الموقف للتحقيق. وأضاف مستغربا " لكن إقالة فهو قرار كأنه لم يكن. وتابع "قرار صدر ممن لا سلطه له فصاحب السلطه والاختصاص الاصيل هو رئيس الجمهورية وبالتالي يعتبر قرار منعدم قانوناً ولا اثر قانوني له". وأشار إلى ان هذا الموضوع صار سلوكا لكثير من أعضاء حكومة باسندوة حيث أصدر وزير المياه مؤخرا قرارا بتكليف رئيسا جديدا للهيئة العامة لحماية البيئة المعين بقرار جمهوري. مؤكدا ان هذه التجاوزات القانونية والدستورية تدل ان فشل الحكومة وعدمية الدولة بشكل كبير. وكان رئيس الحكومة محمد سالم باسندوه عارض في منتصف العام الماضي قرارا رئاسيا اصدره الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيين حمير يحيى الراعي رئيسا للشركة اليمنية الليبية القابضة. كما يشهد العمل الحكومي تصاعد حدة الخلافات بين وزراء حكومة باسندوة، في اطار التنازع الشديد على الصلاحيات لتحقيق مكاسب سياسية، حتى وان كان فيها تجاوزا للصلاحيات القانونية والدستورية. ففي يونيو 2012م وصلت حالة الخلاف بين وزيري المالية والنقل إلى اشدها إثر تمسك كل منهما بموقفه من قرار تعيين مدير الشئون المالية الجديد في الهيئة العامة للشئون البحرية. حيث يرفض وزير المالية صخر الوجيه اعتماد توقيعات مدير الشئون المالية الجديد (نشوان السلامي) المعين بتكليف من وزير النقل. كما وجه وزير المالية حينها البنوك والدوائر المالية الحكومية بعدم اعتماد توقيعات المدير الجديد. في حين يتمسك وزير النقل القادم من الحزب الاشتراكي اليمني واعد باذيب بقراره، بمبرر أن القانون يعطي الحق لوزير النقل بالتكليف المباشر لمدراء الوحدات المالية فيها.من دون الاشارة إلى اسم القانون. وفي يناير 2013م قام وزير النقل بإقالة مدير عام الشئون المالية في الهيئة العامة لتنظيم شئون النقل البري المعين بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (5) لسنة 2010م والذي لم تثبت إدانته متجاوزاً بذلك تعاميم وتوجيهات رئيس الوزراء. بحسب مصدر مسئول في الهيئة. وبحسب المصدر فان رئيس الوزراء اصدر تعميه الاول والموجه للوزراء والمحافظين بتاريخ 18/12/2012م والذي يقضي بعدم إصدار أي قرار بالتكليف لشغل مجموعة الوظائف العليا (مدراء عموم - وكلاء مساعدين- وكلاء ) بالمحافظات والوزارات والهيئات والمؤسسات والشركات العامة إلا بعد أخذ موافقة خطية ومسبقة من رئيس مجلس الوزراء والتعميم الثاني صدر بتاريخ 8/1/2013م والذي قضى أيضاً بالالتزام بالتعميم السابق والتوجيه لممثلي وزارة المالي ووزارة الخدمة المدنية والتأمينات باعتبار أي قرارات صادرة بالتكليف اعتباراً من تاريخ 18/12/2012 كأن لم تكن ولا يترتب عليها أية حقوق أو آثار مالية. وقام وزير النقل بصحبة 30 مسلحة بالاشراف على استلام المدير المالي الجديد لعمله في هيئة النقل البري كما وجه محافظ البنك المركزي اليمني بتجميد توقيع مدير عام الشئون المالية للهيئة وإلغاء التعامل به منذ أن قام بإصدار قرار التكليف بالرغم من أن الهيئة لم تقوم حتى تاريخه بصرف مرتبات موظفيها بالمركز الرئيسي وفروعها. كما قام الوزير باذيب بإصدار ثلاثة قرارات بالتكليف لمدراء عموم في الهيئة العامة للنقل البري، بدون التشاور مع رئيس هيئة النقل البري او موافقة رئيس الحكومة. وعلى خلفية رفض رئيس هيئة النقل البري قرار الوزير باقالة مدير عام الشؤون المالية بالهيئة أصدر الوزير باذيب قرارا وزاريا خامسا قضى بإقالة رئيس الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري المهندس صالح الوالي، في اكبر تجاوز لصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس حكومته. حكومة باسندوة والسلطة المحلية وكان يناير 2013م شاهدا على جولة جديدة من جولات تنازع الصلاحيات بين مسؤولي الدولة استمرت أكثر من اسبوعين بعد رفض محافظ تعز شوقي هائي قرار وزير الكهرباء صالح سميع اقالة مدير كهرباء منطقة تعز، كونه تعدي فاضح على صلاحيات السلطة المحلية بالمحافظة بموجب قانون السلطة المحلية. وبعد خلاف بين سميع وشوقي هائل اصدر الأخير قرارا بتعيين مدير جديد لمنطقة كهرباء تعز بناءا على توجيهات رئاسية بإلغاء القرار الصادر من وزير الكهرباء صالح سميع رقم (268)لسنة 2012م،وتفويض محافظ المحافظة بتكليف من يري مناسباً لشغل تلك الوظائف. وكان وزير الكهرباء صالح سميع قد اصدر قراراً بتعيين احمد عبده صالح الشرماني مديراً عاماً لكهرباء منطقة تعز، وتعيين نبيل علي احمد جامل نائباً لمدير عام المنطقة، وامجد احمد علي العبسي مديراً للشئون الإدارية، وخالد السقاف مدير إدارة الحاسوب.. والجميع ينتمون سياسياً لحزب التجمع اليمني للإصلاح. ووصف محافظ محافظة تعز شوقي هائل، تصرف سميع بمحاولة إعادة تعزواليمن إلى العصور الوسطي، مؤكداً على ان الوضع في السابق كان أفضل من الآن بكثير. وأشار هائل إلى أن الثورة لا تعني إثارة الفوضى وإنما التغيير إلى الأفضل وأن السلطة المحلية بدأت بتغيير المكاتب التنفيذية واختيار المناصب القيادية لها بحسب المفاضلة لنتفاجأ ببعض وزراء يصدرون قرارات تتجاوز قانون السلطة المحلية، مؤكداً على انه لن يقبل بالتغيير إلا بالتنسيق مع المحافظ. وقال: ان قانون السلطة المحلية يُعد من الأهمية بمكان ويأتي بعد الدستور بقوته ووجوب تنفيذه. ومؤخرا رفض أمين العاصمة عبدالقادر علي هلال قرارا لوزير المالية بإقالة مدير حسابات أمانة العاصمة وتعيين مدير حسابات جديد خلفا له. ويقول أمين العاصمة ان هذا التغيير الانتقائي غير مقبول، ويعد تدخلا في عمل أمانة العاصمة وفقا لقانون السلطة المحلية. وفي يناير 2012م رفض المجلس المحلي بمحافظة الحديدة تعيين مدير جديد لفرع هيئة المواصفات والمقاييس في المحافظة بدلاً عن مدير الفرع الذي تم إيقافه على خلفية -ماوصف بانها- "قضايا فساد كبيرة". وكان مدير عام الهيئة وليد عثمان قد أوقف مدير فرع الحديدة بموجب توجيهات من وزير الصناعة والتجارة الدكتور سعد الدين بن طالب على خلفية "قضايا فساد" تم من خلالها السماح بدخول منتجات منتهية الصلاحية مسببة لأمراض مثل الفشل الكلوي والضغط والسرطان والعمى وغيرها. وكان محافظ الحديدة قد قام بإغلاق فرع هيئة المواصفات والمقاييس ومنع الموظفين من ممارسة عملهم في يوليو بعد توقيف مدير الفرع عن عمله. وفي 1 سبتمبر 2012 قدم مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء استقالته من منصبه احتجاجا على إقرار وزير الكهرباء تعيين 14 مديرا ونائباً للمدير بالمخالفة. وكان مصدر رئاسي اتهم بعض الوزراء في حكومة الوفاق بالتمرد على الشرعية الدستورية، وتلقى أوامر من خارج الحكومة واتخاذ اجراءات غير قانونية. وقال المصدر في تصريحات صحفية نشرت في يونيو 2012م ان وزﯾر المالية صخر الوجيه ، ووزير الإعلام على العمراني متمردان على القرارات والقانون ويتخذا إجراءات غير قانونية" وجاء الاتهام الرئاسي الصريح بعد كشف مصادر إعلامية عن تجاوزات قانونية ارتكبها وزير المالية صخر الوجيه (المحسوب على حصة المشترك في الحكومة) بإصداره تعيينات في مواقع إدارية هامه من خارج سجلات القوى العاملة وبما يتناقض وطبيعة بيانات السجل المدني لموظفي الدولة وهو ما يتعارض وسلامة وقانونية إجراءات التعيين. ويذكر أن المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2014 بشان الأزمة في اليمن الزما حكومة الوفاق الوطني ب(إصدار تعليمات قانونية وإدارية ملائمة إلى جميع فروع القطاع الحكومي للإلتزام الفوري بمعايير الحكم الرشيد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان) ، كما اشترطت المبادرة الخليجية أن يكون المرشحين لعضوية حكومة الوفاق على درجة عالية من النزاهة والالتزام بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وفي برنامجها الحكومي أكدت الحكومة التي ترأسها أحزاب المشترك على تطبيق مبادئ الحكم الرشيد ضمن الأولويات التي تسعى إليها بما يؤدي إلى ضمان سيادة القانون، وتحسين الكفاءة والمساءلة والشفافية ، كما انها تعهدت امام مجلس النواب ب( مكافحة شبكة المصالح الذاتية أينما وجدت في أجهزة ومؤسسات الدولة ، مشيرة كذلك الى انها (ستهتم بزيادة الشفافية ). *وكالة خبر للانباء