مسلمة أن الشعوب الحية الحرة صانعة التحولات الثورية العظيمة لا تلغي أهمية دور الفرد في الانعطافات الكبرى في حياة الشعوب.. سفر الحركة الوطنية الجنوبية إذا حكى سيخرص الادعاء القائل بأن انتصار ثورة 14 أكتوبر 63م تحقق لأن مقاومة الشعب لحظتها تختلف عن مقاومته لحظة الاحتلال البريطاني 19 يناير 1839م ولم يكتب لها الانتصار.. حتما أسباب موضوعية وذاتية عدة تضافرت وحققت الاستقلال الأول 30 نوفمبر 67م، لعل أبرزها تصدر قيادة الحركة الوطنية نخبة سياسية وميدانية كفأة استطاعت تأطير نضال الشعب وقيادته للانتصار التاريخي، وهو ما لم يتوافر للشعب لحظة الاحتلال البريطاني.. أبرز تلك القيادات التاريخية شخصية الرئيس قحطان محمد الشعبي التي مع "كاريزميتها" وحيويتها لم تكن قادرة وحدها على انجاز ذلك الاستحقاق دون إسناد فريق متكامل انجحا معا مهام التحرر الوطني من الاستعمار البريطاني.. أبرز عناصر ذلك الفريق المساند كان الشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي بمهاراته الاستراتيجية والتنظيمية المتناسقة مع فعل قيادة ميدانية شجاعة ومهابة ونظيفة، يتقدم صفوفها الرئيس الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) وعنتر والبيض ومطيع ... الخ.. تناسق الأداء الكفاحي (للجبهة القومية) وكادرها الملتحم بالشعب سطر لوحة تحررية رائعة بكل المقاييس، سيظل يتغنى بها شعب الجنوب العربي واجياله المتلاحقة. المؤسف أن الاختراقات التي تعرضت لها (الجبهة القومية) أحدثت تصدعات سياسية في الدولة الوطنية الناشئة، قادت في المحصلة النهائية إلى الهزيمة العسكرية للجنوب صيف 94م.. طبيعة الخصم في معركة الاستقلال الثاني وأطماعه تجعل الصراع اشد ضراوة بحكم عدوانية الخصم المستهدف للهوية الوطنية الجنوبية. استهداف الوجود الجنوبي يتطلب من قوى الثورة جهداً نضالياً متمرساً وعملاً جماهيرياً منظماً لمواجهة التحدي الاستعماري الجديد.. مرحليا توافر للثورة الجنوبية المعاصرة قائد سياسي هو الرئيس علي سالم البيض مسنوداً بإرادة شعب حسم خياراته بالتحرير والاستقلال. السؤال: رغم كل التضحيات المقدمة على مذبح التحرير والاستقلال وآلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الأسرى والمسيرات المليونية، لماذا تأخر استحقاق الانتصار؟!!.. الحقيقة التي لا تخطئها عين المراقب المتابع للأحداث من داخل الثورة التحررية الجنوبية المعاصرة أن سبب ذلك هو غياب الفريق المساعد للقائد المجرب في تتويج نضال الشعب بالانتصار، لذلك الحقيقة المرة التي علينا الاعتراف بها أن كل ما لدينا طفح منتن يدعى القيادة سواءً في المجلس (أ) أو (ب)، وكذا بقية (أكشاك) و(دكاكين) التحرير والاستقلال الوهمية. واقع مرير طالما أكدنا على ضرورة حله وتجاوزه كشرط أساس لتحقيق الاستقلال الثاني.. القدرة على التخلص من ذلك الركام العالق بالحراك يمثل التحدي الحقيقي للثورة التحررية الجنوبية والمؤشر المادي على بداية جدية الذهاب نحو استكمال مهام التحرر الوطني من الاحتلال اليمني. * منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن