بقدر ما طرف الإخوان فوَّج من اليمن للجهاد في سوريا فأطراف أخرى سارت إلى تفويج وفودي وعلاقاتي إلى دمشقوإيران في إطار التموضع والتنوع السياسي في اليمن بعد أحداث 2011م. أحد أفراد أو قيادات هذه الوفود خلال زيارة طهران في حديث مع سياسيين كان في تحمس وحماس اندفاعي ليطال حديثه الجانب الديني بما هو لصالح إيران المذهبية أو الخط الديني فهل تعرفون كيف رد عليه السياسيون؟ قالوا له نحن نتحدث عن أوضاع وعلاقات أساسية سياسية والدين والملالي مرجعية لمن يريد في "قم" وبالتالي فإذا نحن بحاجة إلى تعاون أو دعم فباصطفاف سياسي واقعي وليس باصطفاف مذهبي أو ديني عموما. الذي لا يستطيق النظام الإيراني هو الاستغناء عن الدين أو المذهب كأرضية لمشروعيته أو مسانده وربما ضمن العوامل الأهم والحاسمة في الانتخابات أو للحفاظ على سقف لشعبيته الحقيقية في الداخل. سيكتشف الحوثي و "أنصار الله" بأن مفاجأتهم بحروب صعدة جعلتهم يتسرعون في محاور خطابهم وشعاراتهم حينها وإذا هم بوضوح تلاقوا وعالجوا جوانب داخلية في الخطاب والشعارات بعد أحداث 2011م فالشعار المقتطف أو المأخوذ من شعارات الخميني سيصبح عبئاً عليهم أو هو واقعياً بات كذلك "الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود.. الخ". ربما وقع إيران مل هذه الشعارات أو نسيها لأن تكرار الاستعمال هو استهلاك لاستمرار واستجابات الاستعمال فوق القيمة أو المدلول، وإذا إيران هي الطرف الذي يطالب برفع أو تخفيف العقوبات الأمريكية وبأرصدة الشاة التي لا زالت مجمدة، فماذا يبقى لمدلول "الموت لأمريكا" من قيمة في الواقع أو كواقعية؟ إذا ذلك على مستوى إيران فكيف على مستوى حزب الله؟ وإذا ذلك على مستوى حزب الله في لبنان فليف على مستوى أنصار الله في اليمن؟ صحيح أن حروب صعدة جاءت كمعطى مباشر في اليمن من المخطط الأمريكي 2001م "الحرب ضد الإرهاب" ولكن أميركا لم تكن تريد هذه الحرب ولم تكن معها وإنما أقنعت بها بصعوبة كبديل مؤقت للحرب ضد الإرهاب. حتى الرئيس السابق علي عبدالله صالح فهو لم يكن ثقل قرار تلك الحروب وإرادتها، والإخوان ثقل القرار وثقل الإرادة حتى لا تكون الأولوية "القاعدة" وهم استفادوا من عوامل إضافية ضاغطة كرد الفعل تجاه استهداف ثقل للقاعدة في المحافظات الجنوبية والشرقية في ظل متراكم واقعي وتعبوي. الصحيح أيضا أن تموضع قوة استثنائي للحوثي جاء بغير المباشرة أكثر من مباشرة كمعطى لتفعيل الحلقة الأمريكية التالية 2011م. الإخوان في مصر ظلت تقدمهم محاولات وتنفيذ اغتيالات الحكام قبل وبعد الثورة المصرية 1952م وصفّوا السادات كما حاولوا اغتيال عبدالناصر ومبارك. خطة أمريكية هي التي دفعتهم للواجهة ليكونوا النظام والحكام بدلا من اغتيال الحكام. الإخوان في اليمن الذين قزمتهم خطة أميركية 2001م أعادتهم الخطة الأمريكية التالية 2011م إلى واجهة الأحداث والتطورات فانتقلوا من تطرف التقزيم إلى تطرف طرزاني وطاووسي غريب الفنون والجنون، ما دام الإسلام كدين كان أرضية المحطات الأمريكية في المنطقة منذ آخر الحروب مع إسرائيل فقنوات تكفير الأحياء لقتلهم سلفياً أو تكفير أموات لإثارة فتنة شيعيا كما ما يبث من العراق هي معطى وأدواتية للمحطات الأمريكية بالمباشرة وبدونها وبالوعي وبدونه. ما دام الإخوان في اليمن يستطيعون أداء دور مزدوج فيحاربون بالإرهاب كجهاد في سوريا ويحاربون الإرهاب مع أمريكا ووصلوا إلى فرض الطاعة للإرهاب أو التطويع لوجهي هذا الدور المزدوج فتلك أفضلية أمريكية لا تتوفر في طرف آخر ولا تستطيع أميركا أن تجدها لدى طرف آخر. ولهذا فالذي لم يدرك مغزى نفي الإخوان في اليمن أن تكون القاعدة استهدفت الرئيس عبد ربه منصور هادي من خلال عملية وزارة الدفاع عليه الرجوع فقط لتصريح للإخواني في مصر "البلتاجي" الذي قال حرفيا "في اللحظة أو الدقيقة التي سيعلن فيها السيسي التراجع عن الانقلاب ستتوقف كل أعمال العنف في مصر وفي سيناء كإرهاب تحديداً". الإخوان ساروا في صفقة حل وتسوية تقاطع القاعدة والإرهاب مع أمريكا فمنحوا الترقية أمريكيا كأحزاب سياسية واقعيا وشهادة أهلية ليحكموا وصك غفران. ولا أعتقد مقابل ذلك أن شعارات الخميني باتت لها واقعية أو حتى رواج وتطور تموضع أنصار الله بعد أحداث 2011م يجعل هذه الشعارات لا تتناغم مع واقعية ومستوى يرتفع من الرصانة السياسية في تفاعلهم وتفعيلهم. هذا مجرد تحليل أو اجتهاد ووجهة نظر ولكنه على كل طرف يكبر من متغيرات أو محطات داخلية أو خارجية وبغض النظر عن شعارات سار فيها أو يسير تذكر مثل يمني "من كبرت له كبرت عليه" في تحمل وأداء المسؤولية تجاه الواقع الداخلي عموما. نحن نتمنى أن لا يقبل الإخوان في اليمن تبعية أو ارتباط تبعية بإخوان مصر أو التنظيم الدولي للإخوان وأن لا يقبل "أنصار الله" مستوى تبعية بأي سقف للنظام في إيران. لقد كان الإسلام كمذاهب وأنظمة أو أطراف سياسية دينية في المنطقة على مستوى كل واقع هي الأرضية الأساسية للمخططات والحلقات الأمريكية بما في ذلك الطرف الذي يعادي أو يرفع العداء لأمريكا كما النظام الإيراني أو تنظيم القاعدة فهذا العداء هو في التفعيل عداء وأعداء في المنطقة أو في أي واقع!