المحاربون القدامى هم أكثر الفئات الشعبية حقداً وكرهاً للاستعمار واعوانه، فحنينهم إلى الموت والفناء أهون عليهم بكثير من الحنين إلى الاستعمار وإلى عهود الظلم والقهر والتعسف والاذلال والعبودية نقلت صحيفة "أخبار اليوم" في عددها الصادر يوم الأربعاء الموافق 20 يناير 2010م خبراً عن صحيفة "التايمز" البريطانية تحت عنوان: "المحاربون القدامى يحنون لعودة الاستعمار ويأسفون لاخراج بريطانيا من عدن" وعلى الرغم من غرابة ما تحدث عنه الخبر ومن حالة النفور والاشمئزاز التي سادت نفوس كل من تصفحه، فإنه – إن جازت مصداقيته - يعد ضرباً من الجنون أخذ صاحبه إلى حالة يستحيل معها التشافي أو التهدئة ولو باستخدام عقاقير التخدير والمسكنات، ولم نسمع منذ ان خلق الله سبحانه وتعالى الدنيا بمن عليها واستوى أن ثورة قامت في الأرض وانتصرت عادت تطالب بعودة ما ثارت عليه.. ولا شعباً انتفض على جلاديه عاد لينتفض على نفسه.. ولا وطنا قدم من اجل حريته واستقلاله واستعادة كرامته دماء الآلاف من أبنائه الشرفاء وطرد الاستعمار من ارضه ورفع راية استقلاله في سمائه ونهض لبناء وطن تشمخ فيه الكرامة والإباء والحرية، خرج بعدها يحن لعودة الغاصبين وينادي بعودة الاستعمار من جديد، حتى العملاء الذين تجردوا من وطنيتهم وباعوا ضمائرهم للشيطان قد تصل اهدافهم إلى الطموح بالانتقام من انظمة أو رموز أو الاستيلاء على حكم أوطانهم.. أما التفكير بعودة انظمة استعمارية بائدة فهذا باعتقادي لا يرضونه على انفسهم، وهذا التفكير لا يحمله الا أناس لا تربطهم بتلك الأوطان عقائد أو صلات رحم أو قربى، أما المحاربون القدامى فهم أكثر الفئات الشعبية حقداً وكرهاً للاستعمار واعوانه، فحنينهم إلى الموت والفناء أهون عليهم بكثير من الحنين إلى الاستعمار والى عهود الظلم والقهر والتعسف والاذلال والعبودية، وما هذا الخبر إلا جزء من حملة متكاملة ابطالها صناع الوهم والأفاكون يساندهم فيها بعض من بارت تجارتهم أمام وعي الشعب اليمني الذي ضحى بكل غالٍ ونفيس من اجل الحرية والاستقلال، فلم يهدأ له جفن أو بال إلا بعد انتزاع حقوقه في السيادة والحياة الكريمة بعد نضال شاق وطويل، حتى أجبر المستعمر الغاصب على الرحيل من ارضنا الطاهرة في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م.. واكثر شيء يتفاخر به اليمانيون قوة الاحساس الوطني وحب الانتماء لهذا الوطن الشامخ الذي رفض الظلم وحياة العبودية على مدى تاريخه، وسجل اروع الملاحم الوطنية في انتصار ثورة سبتمبر واكتوبر ونوفمبر التي تشربنا منها قيم الانتصارات ومذاق الحرية والعيش الكريم.. وما هذه الأخبار المصطنعة إلا تعشعش في خيلاء الفاشلين الذين يحاولون استفزاز مشاعر أمة ويستعدون إرادة شعب بمثل هذه الأخبار، التي اقل ما توصف بأنها ساذجة ولا يعرف مروجوها مدى إرادة اليمنيين وغيرتهم على وطنهم وثورتهم مهما تعالت خلافاتهم وبرزت التباينات بينهم. وباعتقادي الأكيد انه لا يوجد من ينتمي لتراب هذا الوطن يمكن ان يخالجه الحنين لحياة الذل والعبودية، فأبناء اليمن أحرار بالفطرة ولا يقبلون مطلقا بأي قول من هذا القبيل، لأنهم شرفاء وشعبنا اليمني العظيم لا يستطيع ان يتعايش مع حياة القهر والظلم والاستبداد، وهذه القيم الوطنية الرفيعة يتوارثها الأجيال وهي من ابرز السمات التي يتميز بها شعبنا بكل عزة وعنفوان، فانا لم استغرب كثيرا لمثل هذا الخبر فجزء من الإعلام الدولي المشبوه بلغ به من الوقاحة غير الاخلاقية ان يتطاول على تشويه معتقداتنا ومقدساتنا، التي لم تعرف من قبل مثل هذه الأساليب الوقحة والعدوانية، ونكتفي بترديد ما قاله العرب لكل من يضمر لليمن وثورته وأمنه واستقراره شرا كثيراً (القافلة تسير والكلاب تنبح) وستظل الثورة والوحدة واليمن بألف خير وسلام بعناية الخالق وتفاني أبنائها الأوفياء. (*) وكيل محافظة لحج