الكلام المفبرك لعبدالملك الحوثي يصلح للإجابة عن أي سؤال.. ولو كان عبدالملك حياً لما احتاج أنصاره لسؤال يجيب عنه ويظهر خطيباً ينفي كل ما يُسرب عن مقتله أراد المتمردون الحوثيون ببث مقطع صغير من التسجيل المصور نفي إصابة زعيمهم عبدالملك، فإذا بهم بالتسجيل ذاته يؤكدون الإصابة من حيث لا يشعرون، بل ويفتحون الباب واسعاً أمام التكهنات بمصرع الحوثي وليس إصابته فحسب. في التسجيل المصور – إياه - يمكن النظر إلى عدة أوجه أو معطيات، من خلالها يتضح مدى ما مني به المتمردون الحوثيون من انتكاسات طالت زعيمهم إلى الحد الذي لجأوا معه إلى فبركة مكشوفة لم يكونوا فيها موفقين بالمطلق، بمعنى أن ما اجتهدوا أن يكون دليلاً لهم صار دليلاً عليهم. ما معنى اقتصار مدة التسجيل المصور على ثماني وثلاثين ثانية فقط؟!!.. ولماذا تعمد المتمردون أن يكون على شكل سؤال من أحدهم وجواب من زعيمهم؟!!.. ولماذا ظهر المتمرد الحوثي على خلاف ما كان عليه في السابق من تعمده تحريك يديه خلال الكلام ورفع نبرة صوته؟!.. ولماذا غاب عنه ذات الحماس والانفعال الذي ظهر به من قبل فيما يبثه مكتبه الإعلامي؟!. لقد ظهر الحوثي متعباً كمن يعاني الإخفاقات والنكسات وعلى وجهه مسحة يأس وضعف ملحوظين، ثم إنه لم يحرك يده اليسرى، وإنما ظلت ساكنة جامدة، وفوق هذا فإن ملاحظة كيف كان يحاول تحريك أصابع يده اليسرى، تكشف عن إصابة تعانيها هذه اليد في الساعد والعضد ولم تزل ملفوفة بجبس، وإلا لو كانت سليمة ويستطيع رفعها وتحريكها لفعل، لأن التسجيلات التي ظهر فيها سابقاً تؤكد أنه مولع بتحريك يديه خلال الكلام يميناً وشمالاً وأعلى وأسفل بمناسبة وغير مناسبة. هذه المسألة تقودنا إلى معرفة أسباب اقتصار التسجيل على تلك المدة القصيرة، وكذلك وروده على شكل سؤال وجواب ، وهنا نستطيع الجزم بأن إصابة زعيم المتمردين الحوثيين أمرٌ لا شك ولا جدال فيه، أما التكهن بمصرعه متأثراً بتلك الإصابة فهو ما يعززه هذا التسجيل المصور. ورود المقطع المصور على شكل سؤال وجواب يعني أن المتمردين الحوثيين سجلوا لزعيمهم في حال كونه لم يزل مصاباً أجوبة على أسئلة مختلفة، أو سجلوا له أحاديث مصورة منوعة، ولما مات متأثراً بإصابته، ووجدوا أنفسهم في حالة ضعف من بقية أتباعه وكذلك إحراج من المتابعين بعد تأكيد الحكومة لإصابته مراراً، اُضطروا لفبركة هذا المقطع بإيراد سؤال يتضمن الحديث عن إصابته ثم أخذ إجابة سابقة له من الواضح أنها تصلح للرد على غير هذا السؤال، بمعنى جوازها رداً على إصابته أو مصرعه أو استسلامه، أو هروبه.. إلى ما هنالك من أمور كان يتوقع المتمردون أنهم قد يواجهون أحدها فاستعدوا لجميعها بهذه الإجابة العائمة. ثم يأتي اقتصار التسجيل المصور على هذه المدة بالغة القصر، والتي ليس لها من مبرر إلا أن المتمردين الحوثيين لم يجدوا وسيلة إلى إطالتها دون انفضاح أمرهم وكشف فبركتهم بسهولة متناهية، ولذلك فإنهم آثروا الاكتفاء بهذه المدة القصيرة على انكشاف زيفهم لدى الجميع، بما في ذلك المغرر بهم من أتباعهم. ومن كل ذلك فإن المرجح ليس إصابة زعيم المتمردين-لأنها أصبحت لا مراء فيها- وإنما مقتله أيضاً، وترجيح مقتل عبدالملك الحوثي يعود الفضل فيه إلى المقطع المصور الذي بثه مكتبه الإعلامي، فالحق أن المتأمل سيصل إلى هذه النتيجة، ولن يعدم الدلائل على ثبوتها، وربما يرتكب إعلام المتمردين الحوثيين قريباً، لتأكيد مقتل زعيمهم، حماقة أخرى على شاكلة هذا المقطع.