"اللقاء التشاوري" ولد من الوهم وسينتهي إلى الوهم لا محالة فلا يمكن لمن يمتلك فطرة سليمة أن ينساق وراء خزعبلات تجار السياسة الذين صنعوا هذه الخرافة معتقدين أن إضفاء هالة إعلامية عليه ستكسبه الشرعية مسميات وشعارات ومشاريع ومؤتمرات تختلقها تصورات بعض العقول المريضة ثم يتوهم أصحابها أنها حقيقة فيصدقون كذبهم، وهكذا هو الحال مع لقائهم التشاوري الذي ولد خدجاً مشوهاً هلامياً لا ملامح له.. هل هو كائن فضائي جاء من كوكب آخر حاولوا من خلاله محاكات أفلام الخيال الهوليودية؟!.. أم هو مخلوق يعكس تفكير ومنطق مبتكريه الذين يقدمونه في صحافتهم أنه كائن سحري (مبروك)، وبدونه ستحل بالبلاد والعباد الكوارث والنوازل؟!.. وحتى لا يحصل ذلك على الوطن وأبنائه عليهم أن يسترضوه ويقدموا له القرابين ويصغون إلى مواعظ سدنته.. هكذا نجد أنفسنا أمام شعوذات سياسية لقيادات حزبية تقدم لنا كائنها الخرافي المسمى "اللقاء التشاوري" غير الشرعي بأنه في منتهى الشرعية، فلا حاجة لدستور أو قانون، وبوجوده ليس هناك ثوابت وطنية.. مصورة هذا المولود العجيب الغريب الذي لا أب له ولا أم بأنه هو من ينبغي التحاور معه. إننا أمام جنون سياسي من طراز فريد.. ولا ندري هل تريد أحزاب اللقاء المشترك بإصرارها على الحوار مع هذا المخلوق العجيب المسمى (اللقاء التشاوري) أن تحول الحوار إلى حفلات (زار)؟!!. إن مثل هذا الطرح لا يمكن أن يأتي حتى من مساطيل.. وعلينا أن نتصور حواراً مع أشباح يمكن أن تُناقش فيه قضايا وتُعالج مشكلات وتحُل معضلات ويخرج بنتائج، تمكننا من مواجهة تحديات واستحقاقات وطنية في حين أنهم يرفضون الحوار في إطار مؤسسات دستورية شرعية ديمقراطية تستمد شرعيتها من الشعب. إن وجود تصور هكذا أمر لا يقبل به العقل ولا يقره منطق، وهذا يخلص بنا إلى نتيجة أن اشتراطهم التحاور مع كائنهم الفضائي الذي أطلقوا عليه (اللقاء التشاوري) يعني أنهم لا يريدون الحوار، وكأنهم بهذا المنطق الأخرق يسعون إلى أمر آخر يدركون أن الوصول إليه لا يكون عبر طاولة الحوار.. فماذا يريدون؟!.. سؤال الإجابة عليه بكل تأكيد تعنيهم هم.. بل هي مسؤوليتهم، لكننا على يقين أنها ستكون أعجوبة لا تقل غرابة عن منتجهم السياسي المجسد في مسخ لقائهم التشاوري، فماداموا يعتبرون أنفسهم فوق المؤسسات الدستورية والديمقراطية التي تستمد مشروعيتها من الدستور والقانون، ويرفضون الحوار في إطارها إلا إذا سُوَّيت مع صنيعة أضغاث أحلامهم التي انبثق منها ما يسمى ب "اللقاء التشاوري". إنهم يستبدلون الديمقراطية بالفوضى.. والدستور والقانون بشريعة الغاب، وأمر طبيعي أن يقف وراء هذا كله صاحب هذه الشريعة التي تعود بنا إلى مجاهيل القرون الوسطى، وهذا واضح في ذلك التفاخر وتلك البجاحة التي رأيناها على وسائل الإعلام.. لهذا نقول لأولئك (المتشاورين) إن المضي في هذا الطريق الخاطئ قبل أن يكون مضراً بالوطن وأبنائه فهو مضر بكم، وندعو ذوي العقول - إن بقي أحد منهم – إلى أن يراجعوا أنفسهم، ويستعيدوا وعيهم، ويتأملوا ما هم فيه من سقوط مريع وهم في أتون دوامة ذلك التشاور المبني على الوهم والخرافة.. فأن تختلف مع عاقل خير من أن تتفق مع جاهل؛ لأنه حتماً سيقودك إلى الهاوية، واللقاء التشاوري ولد من الوهم وسينتهي إلى الوهم لا محالة، ولا يصح إلاَّ الصحيح، وهذا ما يتوجب إدراكه، فلا يمكن لمن يمتلك فطرة سليمة وحساً وطنياً وشعوراً بالمسؤولية أن ينساق وراء ترهات وخزعبلات وأوهام تجار السياسة، الذين صنعوا خرافة اللقاء التشاوري واعتقدوا أن إضفاء الهالة الإعلامية عليه ستكسبه الشرعية بحثاً عن زعامة زائفة.. فما بني على باطل فهو باطل، والمنطق يقول إن المقدمات الخاطئة تنتهي بأصحابها إلى نتائج خاطئة.