تعتبر تنمية الموارد المائية في اليمن من أخطر التحديات خلال القرن الحالي، خاصة في ظل تناقص الموارد المائية من ناحية، وتزايد الطلب عليها من ناحية أخرى , وتعد الزيادة السكانية من أهم العوامل التي تساعد على تفاقم أزمة المياه , فضلاً عن سوء استخدام الانسان اليمني لمصادر المياه مما يزيد حدة أزمة المياه في اليمن بشكل عام. وتؤكد الدراسات المتخصصة أن صنعاء تحديداً أول مدينة تجف فيها المياه في العالم خلال العشرين سنة المقبلة نظراً لندرة الأمطار غير المنتظمة والتناقص الحاد في المياه الجوفية ( حوض صنعاء) المصدر الوحيد للمياه في العاصمة صنعاء, وقد وصل حفر بعض الآبار إلى عمق 1000م في جوف الأرض بحثا عن الماء, وهذا العمق لا يستخدم إلا في حفر آبار النفط وليس الماء !! فآبار الماء لا يزيد عمقها عن 400م. ومع تزايد الهجرة الريفية إلى المدينة في العقود الثلاثة الماضية وتزايد عدد السكان، فقد وصل سكان صنعاء إلى مليوني نسمة أو يزيد, مما أدى إلى زيادة الحاجة إلى المياه عشرات الأضعاف, فضلاً عن أن نسبة 90 % من المياه تذهب لزراعة المحاصيل الزراعية, منها 37 % لزراعة القات التي لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني بأي شكل من الأشكال وتعتبر زراعته وباءً مدمراً على الفرد والمجتمع. قبل حوالي 3 سنوات لاحت في الأفق مبادرة من وزارة الزراعة والبيئة في إنشاء محطات تحلية تزود أمانة العاصمة وما جاورها بإمدادات المياه , إلا أنه لا يُعرف مصير تلك المبادرة وإلى أين وصلت ؟!!. ولعل حكومتنا الرشيدة تتدارك الخطر القادم وتعمل على إيجاد حلول استراتيجيه وبدائل ناجعة، وألا تنتظر مكتوفة الأيدي إلى أن يقع الفأس في الرأس , وما أكثر التحديات أمام الحكومة أعانها الله .. فالهجرة البشرية في تزايد مستمر ونسبة زيادة السكان ليست بالقليلة، وربما يصل عدد سكان صنعاء إلى 4 ملايين نسمة في عام 2020 وليس ذلك ببعيد. ويمكن للحكومة أن تعمل على خطين متوازيين لحل هذا الأزمة: الأول: الحد من الهجرة إلى صنعاء وذلك بالعمل على توفير سبل العيش في الأرياف وشق الطرقات وتأمين المستشفيات والمعاهد والكليات في التجمعات السكانية، وتوفير الخدمات العامة في الأرياف والتشجيع على الاستثمار الزراعي والصناعات الخفيفة ومنح قروض ميسرة تساعدهم على تطوير مشاريعهم , وإنشاء المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة وتحفيز السياحة الريفية، خاصة وأن أرياف محافظة صنعاء في مجملها مناطق سياحية وأثرية وزراعية. الثاني: العمل وبشكل جدي على إنشاء محطات تحلية توفر المياه للعاصمة صنعاء وما حولها, والحفاظ على موارد المياه الجوفية وسن قوانين صارمة لمنع حفر الآبار لأكثر من 300م, واجتثاث مزارع القات التي تستنزف أكثر من ثلث المياه, وتنظيم حملات إعلامية توعوية للتخلص من العادات التي تؤدي إلى إهدار الموارد المائية. خلاصة القول: الأمر يتطلب وقفة جريئة وحازمة من قبل الحكومة الرشيدة للتصدي لأزمة المياه لكيلا تصبح صنعاء بدون ماء .