تخريجات وتقليعات غرائبية عجيبة تتحفنا بها أحزاب معارضة "اللقاء المشترك" حول الحوار الذي تريده، فتارة تحشر كل القضايا والموضوعات في سلة بيض واحدة، وتارة أخرى تضرب بكل القضايا عرض الحائط وتذهب إلى خيارات تتنافى مع كونها أحزاب سياسية، تستمد شرعية وجودها من الدستور والقانون، فتتبنى كلما هو ضد هذه المشروعية وتتحول إلى الاتجاهات التخريبية الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وضرب الوحدة الوطنية وإعاقة مفهوم السلطة والمعارضة في ظل الديمقراطية، إلى ذلك الحد الذي يخرج تلك الأحزاب عن وظيفتها في إطار المعادلة السياسية لأي نظام ديمقراطي، خالطة - عن قصد- معارضة السلطة بمعارضة الوطن، متجاوزةً هذا الخلط في الفترة الأخيرة لتكون فقط معارضة للوطن غير آبهة بمترتبات ما تقوم به من أعمال وممارسات سلبية عليها وعلى الوطن. وهذا سلوك لا يقدم عليه إلا محبط يائس أفلس سياسياً ولم يبق له إلا هذه العدمية المختزلة في خيار وحيد هو هدم المعبد على رؤوس الجميع كما تصور له أوهام قيادته، في حين الحقيقة هي أن تحالف المتضادات المسمى ب "اللقاء المشترك" يدفع بنفسه إلى الانتحار ناحراً الأحزاب المنضوية فيه.. وإلا ما معنى إصرار قيادة هذه الأحزاب على النفخ في كير الفتن كلما كاد وقودها ينطفئ، وتأجيج نيرانها كلما بدأت تلوح في الأفق بوادر هدوءها، مفسحة الطريق للحلول والمعالجات لما هو صحيح منطقي من الأسباب، والتي تاهت في تشعبات المسارات التخريبية التدميرية للعناصر الابتزازية الارتزاقية الانفصالية والتي جعلها المشترك ديدن رهاناته، وهذا نفهمه من رغبتة في نقل الحوار إلى الخارج المعبر عنه في شكواه للسفارات على ذلك النحو الذي رأيناه في اجتماع قيادته بسفراء أحد الدول الصديقة، لتبدأ بعدها عملية السعي لنقل الحوار إلى الخارج والذي قدم على شكل مقترح من المعهد الديمقراطي الامريكي، الذي ليس لنا ملاحظة على تقديمه للمقترح مفترضين حسن النية في دوافعه.. لكن في ذات الوقت هناك أسئلة تفرض نفسها علينا: لماذا الحوار في الخارج ما دامت ابوابه مشروعة ولم تقفل أبداً في الداخل؟!!.. ثم على ماذا؟!.. ومع من؟!!. إن استخدام المشترك لوسائط بكل تأكيد ليس الغاية منه الحوار، ولو كان يسعى فعلاً للحوار من أجل الوطن لاستجاب لدعواته التي لم تتوقف في يوم من الأيام سواء من قبل القيادة السياسية أو المؤتمر الشعبي العام، ناهيك عن الشخصيات الوطنية الحريصة فعلاً على مصلحة اليمن ووحدته وأمنه واستقراره ونمائه وازدهاره، ولا أقدمت أحزاب المشترك على النكوث باتفاقية فبراير2009م والانقلاب عليها بمحاولة فرض أجندة لا علاقة لها بالاتفاقية، ليتضح أن غايتها من ذلك الاتفاق هو تأجيل الانتخابات والعمل باتجاه الوصول إلى صفقة مع المؤتمر الشعبي أو استغلال التمرد والتخريب للعناصر الحوثية في محافظة صعدة للضغط باتجاهات انتهازية لابتزاز النظام الديمقراطي تحقق بغيتها في خارج سياقاته، وفي ذات المنحى استخدامها لما تقوم به العناصر التمزيقية الانفصالية في بعض المحافظات الجنوبية من أعمال فتن وتخريب وقتل للطرقات واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مستهدفةً مواطنين أبرياء جريمتهم أنهم ينتمون إلى مناطق معينة من هذا الوطن.. ومع ذلك نجد المشترك يبرر تلك الأعمال ويؤججها بواسطة عناصره في الشارع، في ذات الوقت يرفع شعارات الحوار الذي ينسفه عملياً بممارساته تلك.. وهكذا تأتي آخر صرعاته السياسية ؟؟من وساطه الحوار الأمريكية غير الرسمية التي قدمت عبر المعهد الديمقراطي الأمريكي، واللافت أن قيادات أحزاب اللقاء المشترك استجابت سريعاً للمقترح وكأنها كانت تنتظره.. فلم تكن محتاجة لدراسته ومناقشته مع صاحبه لأنه يصب في اتجاه تفكيرها السياسي، معتبرة أنه ورقة جديدة تقع في أضابير أجندتها المهترئة.. وهكذا لا يهم شماتة المشترك الوطن والشعب فهي مستعدة للمقامرة حتى النهاية بالوطن وبحاضره ومستقبله بهدف تحقيق مصالح تلك القيادات السياسية والحزبية الضيقة، ولو بالارتهان إلى الشيطان وهذا هو أسوأ أنواع السقوط السياسي والأخلاقي والإنساني.. إنه جنون ما قبل النهاية لأحزاب المشترك التي ليست إلا ضحية لقيادات حمقاء.