تمر الأيام وتتعاقب السنون وتحل الذكرى الأغلى في تاريخ اليمن الحديث والأجمل والأروع خلال ثلاثة عقود من حكم الرئيس علي عبدالله صالح صاحب المنجزات الكبيرة، التي لا ينكرها إلا جاحد مكابر من استخراج النفط إلى الأغلى من النفط ومن كل ثروات الدنيا، وهو تحقيق الحلم العربي والاسلامي وحلم الآباء والأجداد، الوحدة اليمنية المباركة في ال22 من مايو عام 1990م كنواة لحلم عموم العرب والمسلمين بوحدة عربية اسلامية شاملة، مروراً بالتعددية السياسية إلى استخراج الغاز وتصديره والتنمية التي تعم ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه. لقد عانى الوطن واليمانيون مرارة التمزق والصراع طويلاً.. وفي اليوم الأغر 22 مايو 90م عادت لحمته وتوحد الوطن أرضاً وإنساناً، وتجاوز مراحل عصيبة في فترات ما بعد الوحدة ومر بظروف قاسية وتحديات كبيرة، استطاع تجاوزها، ولا زالت تداعياتها حتى اليوم. الاقتصاد صحيح ان الاقتصاد تعرض لضربات موجعة بدءاً بالحرب الغير معلنة التي تعرض لها مع البلاد بشكل عام إبان الغزو العراقي للكويت، وما تلاه من تبعات ضريبية للموقف الرسمي والشعبي من الغزو، وربما لا زال حتى اليوم يدفع الثمن إذ خرج ما يزيد عن مليون مغترب في الخليج قسرا واستمر التضييق حتى اليوم، ثم حرب الانفصال التي كلفت الخزينة الكثير وما تلاها من تضارب المصالح للقوى الراديكالية واليسارية، وصولاً إلى افرازات القوى المتطرفة والمتمثلة اساسا في الإرهاب الذي اصاب السياحة في مقتل، وما يسمى "الحراك الجنوبي" بعد تحوله من حراك حقوقي إلى عنف مسلح، وحروب صعدة الستة التي حصدت الأخضر واليابس. ويتحمل المجتمع اليمني جزءاً من مسؤولية تدهور الاقتصاد نتيجة انعدام الوعي في التعامل مع العملة، التي تلاقي عبثاً ربما لا نظير له عند شعوب الأرض، متزامناً ذلك مع سياسة نقدية ومصرفية سيئة وأزمة عالمية وتذبذب أسعار النفط مع انخفاض الإنتاج، إضافة إلى التجاذبات الإقليمية والدولية والتدخلات الأجنبية.. ومع كل ذلك لا نجد سوى دور هش لمعارضة استمرأت اللعب على ايقاع المصالح وتفننت في تصيد الهفوات والأخطاء بحثاً عن المكاسب، غير آبهة بما يتعرض له الوطن وما يعانيه المواطنون، وفوق الكل فساد استشرى في غالب المؤسسات والقطاعات مستغلا غياب الرقابة والمساءلة. المعارضة دور المعارضة في بلادنا يشبه درجات الحرارة وحالات المد والجزر فالمواقف التي تتبناها وتتخذها تؤكد بلا شك الضعف والارتجال في اتخاذ القرارات، التي ربما كانت مبنية على توازنات المصالح وتحقيق المكاسب، ذلك ما يراه المواطن وبات مؤمناً به وبما يمر به الوطن من محن، تتهم المعارضة بأنها شريك في صنعها ومتفرج شامت في أدنى الاحوال أو متقمص قميص عثمان. حاجة البلاد الماسة لكافة ابنائها في توحدهم ورص صفوفهم وتعاونهم، وفي مقدمة الكل الحكماء والعقلاء وقادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والمفكرون والأكاديميون، ذلك أوجب الواجبات أما المماحكات والمناكفات والحرب الاعلامية فلن تقود إلا إلى كارثة لا يحمد عقباها، والنار التي يراهن البعض عليها لن تحرق أشخاصاً أو أحزاباً بعينها وانما سيطال شررها الكل بلا استثناء. طاولة الحوار في العيد العشرين الأغر لرمز عزتنا الوحدة أتمنى من الجميع الجلوس على طاولة حوار وطني لكافة الفرقاء "معارضة وحراك وحوثيين وقاعدة" مع المؤتمر الشعبي برعاية مسؤولة ومباشرة لفخامة الرئيس من أجل معالجة كافة الاختلالات، ومناقشة وجهات النظر والمطالب الحقوقية للوصول إلى حلول مرضية تحت سقف الوحدة والجمهورية والثوابت الوطنية بنيات صادقة ومخلصة، تغلب مصلحة الوطن على كل المصالح. وأتمنى أن يتخذ صاحب الفخامة - كما عودنا - قرارات حاسمة يتابع تنفيذها بنفسه: - تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الصادقين والمخلصين من كافة الأطياف السياسية. - اعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني والعملة الوطنية في خطوات هو أعرف بها. - الضرب بيد من حديد على كافة الأيادي الفاسدة والمفسدة والعابثة بمقدرات الوطن وخيراته. - تفعيل دور سيادة النظام والقانون ومبدأ الثواب والعقاب حتى يستوي القوي والضعيف والغني والفقير أمام القانون وسلطة الدولة الرادعة. - تعزيز دور القضاء واستقلاليته ومحاسبة المقصرين والمخلين. - إطلاق كافة المعتقلين على ذمة ما يسمى بالحراك وحروب صعدة وقضايا الرأي والصحافة. يا صاحب الفخامة: وشعبنا وأمتنا يحتفلون بإطفاء الشمعة العشرين من عمر الوحدة المباركة ننتظر حكمتكم المعهودة وحزمكم الصارم ليعود كل شيء إلى محله الطبيعي، وليعود لشعبكم الأمل الذي أخفت توقده معاناة الوطن وأزماته.. وليقل: "سحابة صيف وانقشعت.. عيد مبارك ووحدة محروسة بعين الله التي لا تنام". * خطيب الجامع الكبير بروضة صنعاء