مبادرة فخامة رئيس الجمهورية التي أطلقها في خطابه الجماهيري في احتفالات الشعب والوطن بالعيد الثاني والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة المباركة، هي مبادرة واضحة وصريحة ومحددة الرؤى والأهداف، ولا تحتمل أي تأويلات أو تفسيرات لاجتهادات خاطئة، تعوَّد أن يتحفنا بها بعض المرضى والمأزومين من هواة الاصطياد في الماء العكر ونسف كل جميل ووأد كل بارقة أمل مرتجى في مهدها. مبادرة فخامة رئيس الجمهورية جاءت غاية في الوضوح فحواها أن نتصالح جميعنا مع الوطن ومع الشعب ومع أنفسنا، وأن نطوي صفحة الماضي الأليم بكلما حملته من مآسٍ ومحن، بأن نلتئم – جميعاً أيضاً – لحوار وطني جاد ومسؤول تحت رعاية وكنف المؤسسات الوطنية الدستورية، وعلى قاعدة المصلحة الوطنية العليا دون شرط أو إملاءات مسبقة، تفقد الحوار معناه وأهدافه الكبيرة والسامية. ولم تتوقف المبادرة الوطنية التاريخية لفخامة رئيس الجمهورية عند ذلك الحد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، عندما قرنها فخامته بترحيبه بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية من أجل مصالح الوطن ومقدراته العليا، وبما من شأنه أيضاً تحقيق الهدف الوطني الذي سعت إليه المبادرة والمتمثل في تجاوز كل صفحات الماضي، خاصة السوداء والكئيبة والمؤلمة منها، لنفتح صفحات جديدة عنوانها وشعارها "اليمن أولاً".. اليمن الجديد بكلما يحمل من خير ونماء وتطور. وتأكيداً على تلك الأهداف والتوجهات الوطنية السامية، قدمت مبادرة فخامة رئيس الجمهورية درساً جديداً وبليغاً في الوطنية والعمل على تجاوز الماضي، وذلك بتوجيهات فخامته بالعفو والإفراج الفوري والسريع عن جميع المحتجزين في السجون والمعتقلات على ذمة حرب صعدة، ممن قادوا فتنتها وسعَّروا نيرانها أو أولئك الخارجين عن الدستور والقوانين بإثارتهم النعرات الانفصالية والمناطقية في بعض مديريات ومناطق المحافظات الجنوبية، أو حتى أولئك المحتجزين من الصحفيين المحكوم عليهم أو الذين لديهم قضايا منظورة أمام المحاكم تتعلق بالحق العام، والذين تم إطلاقهم جميعاً وبتوجيهات رئاسية فورية وإجراءات سريعة وعاجلة، وجدت في المحصلة الإشادة والتقدير والاستحسان من قبل كل الأطراف التي اعتبرها العقلاء منهم أنها فعلاً تمثل بادرة حسن نية لا يرتقي إليها أي شك. لذا يجب التأكيد على أن المبادرة الوطنية التاريخية لفخامة الأخ رئيس الجمهورية بما حوته من مضامين ودلالات قدمت بالأساس المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من أية مصالح حزبية أو سياسية أو شخصية ضيقة، هي بالضرورة ستجد التأييد والمباركة والدعم والمساندة من كل الأطراف الوطنية المخلصة والواعية والمدركة تماماً للمصالح الوطنية والعمل التضامني والاصطفاف الجمعي لتجاوز أي خلافات أو سلبيات عالقة عبر الحوار الوطني الجاد والمسؤول. أما أولئك المسكونون بالأمراض والهواجس فسيظلون في صوامعهم تلك في حضرة الشيطان، يعادون الشعب والوطن ويقفون ضد مصالحة وتقدمه ونمائه وأمنه واستقراره.. لكن دون أن يحققوا أو ينالوا شيئاً من مبتغاهم، لأن الكلمة الأخيرة والفصل هي دائماً لجماهير الشعب الحرة الأبية التي تعرف تمام المعرفة أين تكمن مصالحها ومع من تجدها وتحققها.