رغم المثالب والمساوئ والسلبيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أوجدتها الأزمة السياسية الخانقة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من نصف عام وتداعياتها السلبية التي ستستمر إلى سنوات قادمة، فإن هذه الأزمة قد حملت أيضاً بعض الايجابيات التي لم تخل من مرارات وألم على الشعب والوطن، ومنها حقيقة ما تكشّف على أرض الواقع العملي علاقة وثيقة مضطردة بين الجماعات الإخوانية "تجمع الإصلاح" و" تنظيم القاعدة" الإرهابي في اليمن، والتي عكست اتفاقاً وتوافقاً تاماً بينهما في الأهداف والخطط والتنفيذ، وهي العلاقة المريبة التي كانت الكثير من الأطراف قد تحدثت عنها، قبل أن تأتي هذه الأزمة السياسية لتكشف حقيقتها بكل وضوح وبما لا يدع مجالاً للشك والريبة لأي طرف كان. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد بات واضحاً اليوم تلك الأعمال الاستفزازية المريضة التي تتبناها وتقوم بها العناصر الإخوانية والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ومن دار في فلكهم والمستهدفة للجيش والأمن، أو تلك التي ترمي إلى نهب وتخريب المنشآت والمرافق العامة، حتى صارت مكشوفة لكل اليمنيين، الذين ترسخت في نفوسهم وتعززت في قناعاتهم الرؤية إزاء تلك النوايا والممارسات الإخوانية العدوانية لهذه العناصر المتطرفة، والتي عمدت في الفترة الأخيرة إلى توجيه اعتداءاتها على أفراد القوات المسلحة والأمن في معسكراتهم أو في النقاط الأمنية التي يؤدون فيها واجباتهم في حماية الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع، وذلك بعد أن أيقنت تلك العناصر المتطرفة بأن مخططاتها الهمجية لا يمكن لها أن تتحقق وتنتج في ظل بقاء ووجود المؤسسة العسكرية والأمنية كصمام أمان وقوة ضاربة بيد الشعب وبيد الشرعية الدستورية، لحماية الوطن وأمنه واستقراره وسلامة بنيه والحفاظ على منجزاته ومقدراته وثوابته الوطنية. وإزاء هذه الحالة يبرز السؤال الذي ظل يدور في الآونة الأخيرة، ما هو موقف أحزاب اللقاء المشترك مما تقوم به العناصر الإخوانية المتطرفة المتدثرة تحت عباءة التجمع اليمني للإصلاح، خاصة بعد أصبحت هذه التيارات الإخوانية هي صاحبة السطوة واليد الطولى والكلمة العليا والهيمنة الكاملة على أحزاب اللقاء المشترك المتعارضة، مع تلك التوجهات الإخوانية المتطرفة. لذا على أحزاب اللقاء المشترك حتى لا تصبح شريكة في هذه التوجهات المتطرفة وشريكة في جرائم تجمع الإصلاح، أن تعلن وتوضح بصراحة وبشكل جلي مواقفها دون مواربة تجاه تلك الممارسات والأفعال العدوانية التي ترتكبها جماعة التطرف والإرهاب الإخوانية القاعدية، وتسمي الأشياء بمسمياتها ويتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ومن هم مع الديمقراطية والممارسة السلمية ومن هم مع التطرف والفوضى والانفلات، خاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد ولا تقبل ازدواجية أو ضبابية في المواقف السياسية المتعلقة بالوطن والشعب والثوابت الوطنية العليا.