خلص فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين (GEE) في تقريره الثالث الصادر اليوم الاربعاء، إلى أن جميع أطراف الصراع في اليمن استمرت بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقال الفريق في تقريره بعنوان "اليمن: جائحة الإفلات من العقاب في أرضٍ معذّبة"، إن انتهاكات أطراف الصراع "لا تحدث فقط في سياق سير الأعمال القتالية، على الخطوط الأمامية المتحركة باستمرار، بل تحدث أيضاً بعيداً عن ساحة المعركة ويظهر انماطاً من الضرر الذي يؤثر على الجميع في كل مكان". وشدد فريق الخبراء "على أنه ما من أيادٍ نظيفة في هذا النزاع. فتقع مسؤولية الانتهاكات على عاتق جميع أطراف النزاع. واستنتج التقرير، استناداً إلى النتائج، أن الانتهاكات ارتُكبت من قبل كل من حكومة اليمن والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي وأيضاً أعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة". واستعرض التقرير في موجزه للفترة بين يوليو/تموز 2019 ويونيو/حزيران 2020، القضايا والحوادث التي حقق فيها وتضمنت "انتهاكات حقوق الانسان المتحقق منها الحرمان التعسّفي من الحياة، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسّفي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي، والتعذيب وضروب أخرى من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال القتالية، والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة، وانتهاكات للحريات الأساسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وخلص التقرير إلى أن بعض ضربات طيران التحالف الذي تقوده السعودية، والمقذوفات والصواريخ التي أطلقها الحوثيون لا سيما في المناطق المأهولة بالسكان، قد "ترقى إلى مستوى الهجمات العشوائية المحظورة بموجب القانون الدولي الانساني". وأشار فرير الخبراء إلى التحقيق في حوادث الألغام التي زرعها الحوثيون التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي الانساني، وقال "إن الافراد يقتلون بشكل غير قانوني على أيدي أطراف النزاع". كما خلص فريق الخبراء إلى أن أطراف النزاع مسؤولون عن انتهاكات أخرى للقانون الدولي الإنساني، وعلى وجه الخصوص قتل المدنيين، والتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، والاعتداء على الكرامة الشخصية، والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة، وتجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشر أو استخدامهم للمشاركة النشطة في الأعمال القتالية، وهي أفعال قد ترقى لمستوى جرائم حرب. وأوضح التقرير أن "اطراف الصراع ساهمت في تدهور الوضع الإنساني من خلال طريقة إدارة العمليات العسكرية وتعذرها عن تسهيل الوصول إلى الإغاثة الإنسانية بشكل مناسب". وبشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي، أشار الفريق إلى استمراره في التحقيقات المتعلقة بقيام الحزام الأمني التابع للإمارات بحملات اعتقال جماعي للمهاجرين، كما واصل التحقيق في احتجاز الحوثيين للنساء في مرافق سرية في صنعاء. وقال إن لديه "اسباب معقولة للاعتقاد بأن أطراف النزاع (خاصة الحوثيين والحزام الامني التابع للإمارات) استمرت بارتكاب اعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي التي تعتبر انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني". وتابع: "قد ترقى هذه الافعال إلى جرائم حرب، بما في ذلك الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والمعاملة القاسية والتعذيب والاعتداء على الكرامة الشخصية". وقال ملخص التقرير المكون من خمس صفحات، إن الانتهاكات الجسيمة تحدث في إطار إدارة العدل في اليمن، "إن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، تستخدم كأداة لقمع المعارضة وترهيب المعارضين السياسيين أو تنمية رأس المال السياسي لاستخدامه في المفاوضات". وأشار في هذا الخصوص للأحكام الصادرة بحق البرلمانيين، مضيفاً "بسبب التدخل السياسي والفساد فإن الحق في المثول أمام محكمة محايدة ومستقلة في اليمن لا يمكن ضمانه. ويوجه بعض أفراد السلك القضائي هجمات عنيفة واعتقالات وتهديدات وتخويف بدوافع سياسية/أمنية ومصالح شخصية". وأكد التقرير باستمرار الانتهاكات الجسمية المرتكبة بحق الأقليات الدينية والاجتماعية، ومنها ما يتعرض له المهاجرون، مشيراً إلى أن "الافراج الأخير عن البهائيين المحتجزين في صنعاء على أساس معتقدهم الديني، إلا أن فريق الخبراء ينُوه بأنهم طردوا من اليمن ويقال أن المحامين المدافعين عن البهائيين تعرضوا إل تهديدات وحتى احتجزوا". وقال فريق الخبراء في "موجز الاستنتاجات"، إن لديه أسابا معقولة تدعو للاعتقاد بأن سلطة الأمر الواقع والحكومة اليمنية والسعودية والإمارات والمجلس الانتقالي كلا في حد ممارسة صلاحياته ومناطق سيطرته بما ينطبق على كل طرف، مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان بما يشمل الحرمان التعسفي من الحياة والاخفاء القسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي وتجنيد الاطفال والتعذيب وانتهاك الحريات الاساسية والحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وما ينطبق عليه من مسؤولية. وأوضح الفريق في الملخص التنفيذي أن "لديه أسباب معقولة بأن أطراف النزاع المسلح في اليمن ارتكبت عدداً كبير من انتهاكات القانون الدولي الانساني"، مستعرضاً بعض ما توصل إليه من استنتاجات عن انتهاكات كل طرف، وقال إن هذه الاستنتاجات "رهناَ بما تقرره محكمة مستقلة ومختصة". وأكد الخبراء في ختام الملخص التنفيذي أنهم حددوا "الأفراد اللذين قد يكونون مسؤولين عن مثل هذه الجرائم الدولية، وأرسل هذه الاسماء سراً إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان". وقال كمال الجندوبي، رئيس فريق الخبراء إن "اليمن أرضاً مُعذبةً، وشعبها مهشّم بطرق من شأنها أن تصدم الضمير الإنساني". وأضاف الجندوبي "تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية وضع حد لجائحة الإفلات من العقاب، ويجب ألا يغض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت في اليمن. بعد سنوات من توثيق الخسائر الفادحة لهذه الحرب، لا يمكن لأحد أن يقول "لم نكن نعلم ما كان يحدث في اليمن". المساءلة هي المفتاح لضمان تحقيق العدالة لشعب اليمن وللإنسانية ". وختام رئيس الفريق تصريحه الذي نشرته المفوضية على موقعها الإلكتروني بالقول، إنه "بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين للعقوبات، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيوجّه رسالة قوية إلى الأطراف المتنازعة بأنه لن يكون هناك إفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان." وفريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن أنشئ في سبتمبر 2017 بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان، وتم التجديد ولاية الفريق لفترة ثالثة في سبتمبر العام الماضي، ومن المتوقع أن يجدد مجلس حقوق الانسان في دورته الحالية الخامسة والأربعين ولاية الفريق لعام جديد وذلك للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة والكبيرة التي ترتكبها اطراف الصراع في اليمن.