أسفرت اشتباكات مسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطى، منذ الجمعة، عن مقتل 14 شخصًا خلال أقلّ من 24 ساعة، وفقًا لشهادات شهود عيان لمراسلي الأناضول. واستقبل مسجد "علي بابورو" بحي "الكيلومتر 5″، معقل المسلمين بالعاصمة بانغي، السبت ، بقايا جثث خمسة مدنيين مسلمين، قتلوا أمس على أيدي الميلشيات المسيحية المسلحة "أنت بالاكا"، قبل أن يتمّ تقطيع أوصالهم، بحسب شهود عيان. وبحسب مراسل الأناضول، فإن "بقاء الجثث في المسجد لفترة طويلة تحت درجات حرارة مرتفعة ناهزت ال 35 مئوية أدّى إلى تعفّنها، وهو ما أثار حنق المسلمين في الحي". وكحل للمشلكة، قام عمدة الحيّ "آتاهيرو بالا دودو" بتوفير قطعة أرض كانت مخصّصة لبناء مدرسة، غير أنّ الظرف الطارئ دفعه إلى وضعها على تصرف المسلمين لاستعمالها كمقبرة جماعية. وأضاف المراسل أنه خوفا من بطش "أنت بالاكا" لم يتمكّن المسلمون من دفن الجثث بالمقبرة وفقًا للطقوس الإسلامية. وتعود أربع من تلك الجثث الخمس إلى أربعة مدنيين مسلمين من التشاد، قضوا وهم في طريقهم نحو حيّ "الكيلومتر 5″، عائدين من مطار "مبوكو" في بانغي على متن سيارة تابعة لأمن المطار، وذلك بعد أن تبيّنوا عدم وجود أماكن شاغرة في الرحلة المتوجّهة نحو العاصمة التشادية نجامينا. وفي الطريق لقوا حتفهم على أيدي عناصر من "أنت بالاكا"، التي قامت إثر ذلك بتشويه جثثهم وتقطيع أجزائها، وفقا لمراسل الأناضول. أمّا الجثة الخامسة، فتعود إلى حارس مسلم، لقي حتفه بعد استهدافه بهجوم من قبل "أنت بالاكا"، لتقوم عناصر الميليشيا المسيحية بعد ذلك بتقطيع أوصال جثته إلى قطع صغيرة في العاصمة بانغي. ووفقًا لشهود عيان، استعرضت عناصر "أنت بالاكا" في وقت لاحق قطعًا من الجثث المقطوعة في الحي المسيحي "مبوكو"، معبّرة عن فخرها بما اقترفته بحق المسلمين الخمس. واستأنفت، صبيحة اليوم السبت، أعمال العنف في حيّ "الكيلومتر 5″، حيث قتل خمسة من عناصر "أنت بالاكا" على أيدي مدنيين مسلمين، بحسب الشهود. وانتشرت القوات الفرنسية والقوات الدولية (الميسكا) في محاولة لمنع الاشتباكات، إلاّ أنّ وصولها متأخّرة لم يمنع وقوع المجزرة. وقتلت القوات الفرنسية، اليوم السبت، أربعة من عناصر "سيليكا" (ميلشيات مسلمة مسلحة) خلال عملية لنزع السلاح في مدينة ندالي على بعد 600 كم شمالي بانغي، بحسب شاهد عيان خلال اتصال مع الأناضول. وتستمرّ الاشتباكات في بانغي، حيث لايزال منسوب التوتر مرتفعا. وأفاد شهود عيان بأن قوات البعثة الدولية (الميسكا) فتحت النار على عناصر من "أنت بالاكا" ظهر اليوم، والتي حاولت السطو على مبنى تجاري تابع لمسلم، ويخضع لحماية البعثة الدولية منذ انطلاق الأزمة في أفريقيا الوسطى، فيما لم يسفر عن وقوع ضحايا. ووفقا لمراقبين، فإنّ تجدّد أعمال العنف في بانغي خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة مثير للقلق، ويجعل من فرضية المصالحة بين المسلمين والمسيحيين أمرا صعب المنال في الوقت الراهن. ويواصل المسلمون الفرار من منازلهم في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى، ومختلف أنحاء البلاد إثر تصاعد الهجمات الطائفية، حيث زاد استهدف الأقلية المسلمة منذ تنصيب كاثرين سامبا-بانزا المسيحية، رئيسة مؤقتة جديدة للبلاد شهر فبراير/ شباط الماضي، خلفًا لميشال دجوتوديا، أول رئيس مسلم للبلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، الذي استقال من منصبه بفعل ضغوط دولية وإقليمية. وفى أبريل/ نيسان من العام الماضي، أعلن المجلس الوطني الانتقالي في أفريقيا الوسطى، اختيار دجوتوديا، رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وأعلن الأخير أنه سيسلم السلطة في العام 2016 أي بعد فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات. وجاء اختيار دجوتوديا رئيسا مؤقتا للبلاد بعد شهر واحد من إطاحة مسلحي مجموعة "سيليكا" بالرئيس السابق فرانسوا بوزيز، وهو مسيحي جاء إلى السلطة عبر انقلاب عام 2003. وبعد تنصيب زعيم ميليشيات "سيليكا"، ميشال دجوتوديا، رئيسا للبلاد، واصلت فلول "سيليكا" شن غاراتها على أجزاء واسعة من البلاد، في ظل ارتكاب جرائم قتل ونهب بحق ذوي الأغلبية المسيحية، الذين لجأوا بدورهم إلى العنف، ما أفضى إلى تصاعد التوترات الطائفية. وتطور الأمر إلى اشتباكات طائفية بين سكان مسلمين ومسيحيين، شارك فيها مسلحو "سيليكا" و"أنت بالاكا"، وأسفرت عن مقتل المئات، وفقا لتقديرات وكالة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين.