وطن في صلعة    باشراحيل: على مواطني عدن والمحافظات الخروج للشوارع وإسماع صوتهم للعالم    الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    الحوثي يعلق على الخلاف بين ترامب ونتنياهو..والحكيمي يحذر من الخديعة    الجولاني يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    *- شبوة برس – متابعات خاصة    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يرحل السيسي؟
نشر في الخبر يوم 10 - 06 - 2014

ستقبلتُ حفل تنصيب السيسي رئيسًا بقوة السلاح على مصر وأنا في العاصمة بيروت، طرحت السؤال على غير واحد من مثقفي اليسار بلبنان وكانت الإجابة أكثر من مدهشة، يتصور أصدقاؤنا في لبنان –وكاتب السطور معهم– أن ما حدث في مصر في 25 يناير 2011 أكبر بكثير وأعمق أثرًا من أن يتجاوزه أحد، أو يحتويه، أو يقفز على أهم منجزاته؛ فالمنجز الحقيقي لثورة الشباب ليس الانتخابات، أو المسار الديمقراطي، أو وصول الفصيل "س" أو "ص" إلى الحكم، رغم أهمية كل ما سبق، المنجز الحقيقي الذي لم يكن أحد يتوقعه في مصر أو غيرها من بلدان الربيع العربي هو كسر حاجز الخوف، وتحطمه على صخرة الهتاف: يسقط حسني مبارك، يسقط حكم العسكر، الشعب يريد إسقاط النظام.
انتهى زمن الفاشيات العسكرية المرعبة، انتهى زمن الحاكم الفرد، انتهى زمن الملهم المفدى، فتوة الحارة (اسم الله عليه اسم الله عليه)، لم يعد هناك مجال لطاغية جديد، وإن امتلك رؤية للنهوض، وبرنامجًا سياسيّا واقتصاديًّا، وتصورًا اجتماعيّا لإدارة مرحلة انتقالية ناجحة، وعصا موسى، وخاتم سليمان، فما بالك برئيس بلا رؤية وبلا هدف –سوى الكرسي ومصالح الطبقة– وبلا برنامج، وبلا شيء على الإطلاق، اللهم إلا برامج التطبيل شو.
السيسي مرشح بلا برنامج، ورئيس بلا طوابير انتخابية، والشرعية في مصر مفهوم له بعد اجتماعي و"شوارعي" لا يستطيع أحد بعد يناير أن يتجاوزه. السيسي الآن في نظر المصريين مزور، انتهى الأمر، حتى بعض من انتخبوه، أو أيدوه لما أسموه بضرورات المرحلة يعترفون بذلك، ويبررونه باللحظة المأزومة التي لا تحتمل مماحكات حقوقية أو ديمقراطية. رئيس لم ينتخبه أحدٌ ومع ذلك يحصل على أصوات الملايين، هذا زمن ولّى، و"تفويت" المصريين لمسألة التزوير ليس إلّا من باب الإملاء، المصريون لا يعنيهم كثيرًا في هذه المرحلة شرعية الوصول إلى الحكم، إنما يعنيهم شرعية الاستمرار، الفعل، المنجز، لسان أحوالهم يقول: لعله يفعل شيئًا، فإن لم يكن فهي الثورة.
في مصر يحاول إعلام رجال الأعمال المستفيدين من وجود السيسي الآن "برفانا" في الاتحادية لحماية لمصالحهم، يحاول إعلامهم أن يصور للناس أن الأمر قد انتهى لصالح الثورة المضادة، وأن رجال مبارك قد عادوا، وأن الثورة وهم، وأن دماء أولادهم أريقت سدى، يحاول أن يصدّر الإحباط، واليأس، وثقافة الهزيمة، ولعله نجح أو يوشك مع بعض القطاعات؛ إلّا أن الصورة من زاوية منفرجة تبدو غير ذلك: المصريون تعلموا الصراخ في وجه المستبد، وعاينوا هشاشة مؤسساتهم القمعية، وفرزوا مثقفيهم ونخبهم، وفرقوا –بمستوى ما– بين الغث والسمين، المصريون مثلهم مثل أي شعب يتعلمون بالتجارب، قد نبالغ إذا قلنا إننا أفضل الشعوب، وأعرق الحضارات، و(أجدع) ناس، ربما هي مبالغة من يدرك أن هذا زمن ولى وما من سبيل لاستعادته سوى الأغاني، والمبالغات و"المعر" كما يقول المصريون، إلا أن تجربة يناير لم تكن بالهينة، واشتغالها على ما تبقى من موروث حضاري حقيقي، وإرادة كانت تنتظر من يطلقها، ورغبة أكيدة في التغيير كانت تبحث عن بوصلتها ووجدتها في الشباب، كل ذلك ينبئ بمواطن مصري يختلف عن نظيره قبل 25 يناير.
نحن لم نصل بعد إلى المستوى المتوقع والمنتظر، إلا أننا على الطريق، ولن ننتظر طويلًا، مصر الآن تعرف ماذا تريد، كان هذا أصعب خطوة في قضية هذا البلد، يناير تجاوزت بنا هذه العقبة الكئود، وحالة الإحباط التي يصطنعها إعلام "خائن" بالمعنى الحرفي للكلمة دون تحرج من مزايدات أو اتهامات بالتخوين، ليست إلا سحابة صيف ستمر مع إخفاقات السيسي المتوقعة والمنتظرة من رجل ليس لديه ما يؤهله لإدارة كيلو متر واحد من مصر مدنية، ولا يخفى على أحد أنه لم يصل إلى موقع الصدارة في المؤّسسة العسكرية سوى بمؤهلات الترقي في دولة مبارك التي لم تكن تشترط الكفاءة، بل لعلها تشترط انعدامها، في مقابل الولاء وأهل الثقة والنفاق.
نحن أمام استحقاق نفسي، سيسقط السيسي قريبًا جدًّا، أقرب مما نتصور، ولن تحميه المؤسسة العسكرية، ولو ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم، سيسقط بأدائه، وبقدرتنا على تجاوز القرف والحزن والإحباط والمحافظة على حالة الترقب الشعبي، وتغذيتها دائمًا بكل إخفاق، أو تقصير، أو استغفال للناس، أو إلهاء، أو تبرير لفشل. فقط علينا أن نقاوم أنفسنا بإصرار، لا أن نقاوم حكم العسكر الذي ذهب زمانه، ولا تعدو محاولات إعادته البائسة سوى أوهام رجوع الشيخ إلى صباه، سيسقط السيسي حين نجيب على أسئلة ما بعد السيسي، ونعرف كيف ندير خلافاتنا بالحوار واعتبار المصالح لا بالكراهية و"فش الغل"...
سيسقط السيسي حين نعلو نحن، وهذا ليس صعبًا، كانوا يقولون إن سقوط مبارك حلم ورومانسية ثورية فارغة، وسقط مبارك، رغم أنوف من يربطون دائمًا بين الواقع والإخفاق، ومثله رجله، سيسقط السيسي قريبًا جدًّا، وسيرحل، فقط علينا أن نتجاوز، ونفكر، ونحلم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.