لأن العيد مقرر إلهي يأتي بعد صوم شهر رمضان، يضطر أولياء أمور التماهي بسعادة مصطنعة مجاراة لأطفالهم الذين ينتظرون هذه الأيام كل عام رغبة بشراء ثوب جديد، واللعب في أجواء عائلية تفرضها زيارات ذوي القربى والأصدقاء. لكن في قلب كل أب وأم ممثلين بشعوب عربية بأكملها غصة في القلب، وهم يشاهدون أشلاء أطفال غزة تتطاير قبل العيد بأيام، وضحايا الهمجية الإسرائيلية التي خلفت شهداء ومصابين وإعاقات مستدامة. أعيادنا في كل مرة ينقصها البهجة البديهية إما بسبب حروب أو اقتتالات داخلية، وخلافات بين الدول العربية والاسلامية، لأسباب سياسية برضا النخب تارة وقسرا تارة أخرى. الأمر لا يتوقف عند غزة فالوضع في سوريا ولبنان ومصر والعراق لا يقل مأساة، فهنالك المحرومون من الحرية والسعادة، وآلاف القتلى والايتام والمشردين واللاجئين، بسبب الأوضاع. إن كان لا بد من السؤال عن السبب، ستكون النتيجة الجواب القديم الحديث، حكام ارتضوا لشعوبهم الذل والهوان مقابل الكراسي العالية، وآخرون تجاهلوا الأحداث لجمع مزيد من المال. المآسي لم تقف عند الدول العربية بل إن مجتمعات غربية سبقتنا في الثوارات، وكانت حقيقية تركت وراءها ملايين القتلى ودمارا شاملا تمتد معالمه التاريخية حتى يومنا هذا. إذا هل هو مقدر لنا أن نعيش هذه الظروف في سبيل الحرية والكرامة؟ سؤال تصعب الإجابة عليه في ظل شعوب مقسومة بين مؤيد ومعارض، وفي أجواء يتصدر فيها متصهينون يدافعون عن المعتدين وهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم ضد قناعاتهم الشخصية، لكنهم غلبوا مصلحتهم الخاصة على العموم. في كل الاحوال سيبقى العيد بدون بهجة، حتى لو امتلأت الشوارع بالمتنزهين والمتسوقين، وسيبقى العيد معلقا حتى تدار الأمور بالشكل الصحيح ضمن مواثيق تحكمها الإنسانية والعدالة. أما ما نخافه في هذه المرة أن يكون ثمن الحرية غاليا، وبخاصة أنها ليست ككل مرة، فربيع عربي قدر له أن يخبو سريعا كما يدعي البعض، ليس إلا بداية ربيع شامل سيفرض أدواته أخيرا، وإلا كيف انهارت دول عظمى وامبراطوريات حكمت آلاف السنين، فكيف لدول صغيرة يحكمها ولاة أن تصمد ضد شعوب ملت القهر والغدر؟!.