تصعيد الحوثي الاخير وتحركات الميدانية والخيارات التي يلوح بها والإستعراض الذي يظهر به في العاصمة صنعاء والمحافظات، لا يخرج في تقديري عن اربعة احتمالات. الأول وجود ضوء اخضر دولي لمشروعه التوسعي يسعى الحوثي لإستغلاله، والنفاذ من خلاله الى كل الأرض اليمنية، ولايستطيع هادي كبح تلك الرغبة الدولية، بل يعمل على تقديم التسهيلات اللازمة له كتحييد الجيش و لجان الوساطات المتكررة والتغاضي عن جرائمه. و اعتراض بعض الدول عن ادراج الحوثي كمعيق للتسوية السياسية في مجلس الأمن يقوي هذا الخيار اضافة الى سكوت هادي تجاه تصعيد الحوثي، ولجوئه الى خيارات لا ترقى لمستوى مواجهة المشروع الحوثي كلقاءه مع القبائل واطلاق تصريحات فاترة تدعو الحوثي لتحكيم العقل والابتعاد عن المغالطات والتشنج. ومن ذلك ايضا اللجنة الرئاسية التي ارسلها هادي لمقابلة الحوثي بصعدة لدعوته على التراجع عن التصعيد والمكونة من مدير مكتب الرئيس احمد بن مبارك وحمود عباد وزير الأوقاف ومدير مكتب جمال بن عمر بصنعاء، هذة اللجنة لا تعكس جدية وحماس لدى هادي لإقناع الحوثي، وشخصياتها روعي فيها اطراف معينة فعباد عن الحكومة وبن مبارك عن الرئاسة ومدير مكتب بن عمر عن ممثل الاممالمتحدة لإضفاء البعد الدولي، لكنها في طابعها لا تعطي ثقلا كافيا للضغط على الحوثي وكان من المفترض ان تشكل من شخصيات سياسية رفيعة من مختلف الاحزاب. الاحتمال الثاني وقد يبدو ضعيفا وهو شعور الحوثي بالقوة وامتلاكه الأدوات الكافية لفرض مشروعه مستفيدا من الإنتصارات التي حققها ميدانيا ومن بعض الأخطاء الحكومية في الحصول على تعاطف شعبي عندما اعتبر في خطبته انه يخرج لأجل الشعب، وبالتالي فهو يشعر ان الوقت المناسب لولادة مشروعه قد حان آوانه، ويستغل في هذه النقطة بالذات التوجه الدولي المعادي للإخوان المسلمين ويقدم نفسه كبديل سياسي ديني متقارب في التوجه مع تطلعات الغرب. الاحتمال الثالث وقد يكون الأرجح وهو وجود تنسيق سياسي بين الحوثي وهادي في هذا التصعيد، يسعى هادي من خلاله الى تخوييف القوى السياسية داخل اللقاء المشترك وشركائه، بالعنف الحوثي والضغط عليها للقبول في تغيير الحكومة ورئيسها، وإشراك الحوثي فيها بمقاعد تقع من نصيبها مقابل توقف الحوثي عن هذا الصلف التصعيدي، وسيبدو هادي حينها كوسيط و صاحب حل لهذي القضية، وبالتالي سيحقق رغبة طالما سعى لتحقيقها، وهي ابعاد باسندوة من رئاسة الحكومة، وتقليل حصة القوى الأخرى فيها خاصة حزب الإصلاح وبنفس الوقت قدم للحوثي مكافأة كبيرة كثمن للدور الذي قام به و التحالف معه، ويدعم هذه الفرضية حالة الرضا من جماعة الحوثي على هادي وعدم استهدافها لشخصه في خطاب عبدالملك الحوثي ومخططها التصعيدي الذي حصرته على الحكومة فقط دون مؤسسة الرئاسة. الاحتمال الرابع من المحتمل ان يكون هذا التهاون من هادي والسكوت وإتاحة الفرصة للجماعة ازاء تصعيدها لتظهر بهذا الحجم والتعنت والتصعيد ضد الحكومة خلافا للمبادرة الخليجية المدعومة دوليا، استدراجا للجماعة تمهيدا لفرض عقوبات اممية عليها واعتبار ما تقوم به من انشطة وتحركات تصعيدية اعمال واضحة لإعاقة عملية التسوية السياسية بالبلد. خيارات الحلول امام هذا الوضع من تصعيد الحوثي وتلويحه بالقوة في حال عدم الإستجابة لمطالبه، في مقابل فتور تفاعل الرئاسة والحكومة والأحزاب امام ذلك التصعيد، سيكون امام هادي وحكومة الوفاق ثلاثة خيارات. الاول رفض مطالب الحوثي وعدم التراجع عن قرار رفع الدعم الذي يصفه هادي بانه اتخذ بإجماع سياسي، وهو ما سيدفع الحوثي للتصعيد في وجه الرئاسة والحكومة والمضي قدما نحو اتخاذ اجراءات خانقة للنظام كمهاجمة المؤسسات الحكومية واقتحامها واثارة الفوضى في العاصمة ومحاصرتها وفرض السيطرة الميدانية المسلحة على الأرض حتى تستجيب الرئاسة و الحكومة، وسيكون عليهما (الرئاسة والحكومة) اللجوء للمجتمع الدولي، او الدخول بمواجهة مسلحة مع الحوثي وبالتالي انفجار الوضع عسكريا وستكون كلفة هذه الخطوة باهظة من الدماء. الخيار الثاني رضوخ هادي لضغوطات الحوثي والتراجع عن قرار رفع الدعم ولو بمبلغ بسيط مقابل وقف حالة التصعيد الحوثية، وفي هذه الحالة يكون الحوثي قد حقق هدفا تاريخيا يخلق له تعاطفا والتفافيا شعبيا واسعا، سيمكنه من تعزيز حضوره السياسي والشعبي الى مدى طويل، وذلك على حساب رصيد القوى السياسية الحية سواء المؤتمر وحلفاؤه او المشترك وشركاؤه وحتى الرئيس هادي نفسه. الخيار الثالث تدخل جمال بنعمر وتقديمه حلول توافقية -كعادته- تعمل على تشكيل حكومة جديدة ويدخل الحوثي فيها كطرف اساسي ويمنح المقاعد التي يرغب بها. اخيرا تبقى كل الإحتمالات واردة، وجميع الحلول بيد الرئيس هادي نفسه وهو وحده من يقرر الحل المناسب ويتحمل تبعات وتداعيات ذلك الحل، وعلى القوى السياسية سواء المؤتمر وحلفائه او المشترك وشركائه ان يقدروا اللحظة الحرجة التي تمر بها اليمن ويتحملوا مسؤوليتهم التأريخية في تجنيب اليمن ويلات الانزلاق نحو العنف والفوضى والعودة للمربع الأول، وكأنك يا ابو زيد ماغزيت.