نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مقالا لمحرر شؤون الشرق الأوسط ، إيان بلاك، يحلل فيه الدور الإماراتي في ليبيا والشائعات حول دعمهم الجنرال المنشق خليفة حفتر. وقال بلاك إن «الحديث عن الغارات التي قامت بها الإمارات بمشاركة مصرية على مواقع تابعة لجماعات إسلامية في ليبيا واحدة من اللحظات المثيرة للحيرة والتي تستمر بالحدوث في الشرق الأوسط هذه الأيام»، متسائلا: «ما الذي يدفع دولة صغيرة وغنية مثل الإمارات للقيام بغارات جوية ضد أهداف في بلد بعيد عنها مثل ليبيا مستخدمة قواعد عسكرية مصرية، وبدون إعلام الولاياتالمتحدة الحليف القريب؟». وأجاب الكاتب إن «الأمر لا ينظر إليه بهذه الطريقة انظر إليه بطريقة أقرب، فالأخبار تعكس تغيرات واسعة في المنطقة، وشعور بأن الولاياتالمتحدة تنسحب منها». وأشار بلاك إلى أن الإمارات التي هزتها اضطرابات الربيع العربي ظهرت كواحدة من الدول الخليجية المحافظة الساعية لفرض رأيها، فهي -حسب الكاتب- لا تشارك الموقف السعودي المحافظ، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهة ما تراه تهديدا للوضع القائم، من خلال صعود الإسلام السياسي في الداخل والخارج. وأضاف إن «هذه الدول التي ظلت في الماضي تعيش هاجس التهديد الإيراني تبدو اليوم أكثر خوفا من الإخوان المسلمين والجماعات المشابهة لهم». وتابع بلاك: «إن أول إشارة عن الدور البارز للإمارات برزت عام 2011، عندما انضم ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد -الحاكم الفعلي للبلاد- للحملة التي قادها الناتو للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ودعم الثوار في تحقيق المهمة». «اختارت الإمارات حلفاءها في ليبيا بناء على اعتبارات جهوية وقبلية، واختارت دعم ميليشيات الزنتان في غرب البلاد في تنافس مع دولة قطر التي قدمت السلاح والدعم للميليشيات الإسلامية في الشرق، خاصة كتائب مصراتة»، يقول الكاتب، ويضيف: «انتشرت ومنذ عدة أسابيع إشاعات عن دعم الإمارات سرا للجنرال خليفة حفتر، العسكري المنشق والذي يقدم نفسه على أنه الرجل المنقذ للبلاد والقادر على إخراجها من الفوضى ونهب الإسلاميين الذين ينظر إليهم كإرهابيين. ومثل مصر والإمارات لا يفرق حفتر بين الإخوان المسلمين الذين شاركوا في الانتخابات والجهاديين من أنصار الشريعة». وأردف بلاك إن «الإمارات مثل السعودية شعرت بالفزع من الإطاحة بالرئيس حسني مبارك وتخلي الولاياتالمتحدة عنه. وتعتبر الإمارات اليوم الداعم الرئيسي لعبد الفتاح السيسي الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي الصيف الماضي، والذي يعتبر ضربة خطيرة للإخوان المسلمين رحبت به كل دول الخليج باستثناء قطر، وقامت الإمارات بتمويل الانقلاب في مصر وقدمت له النصح في مجال الإصلاح الاقتصادي وبمساعدة من توني بلير». وأشار الكاتب إلى ما قامت به الحكومة الإماراتية على المستوى المحلي، موضحاً أن قمعت أي معارضة واتهمت أعضاء في جمعية الإصلاح بالتآمر لقلب نظام الحكم في البلاد، وحكمت على 69 منهم بالسجن بعد محاكمات مثيرة للجدل شجبتها منظمات حقوق الإنسان. وكان رئيس شرطة دبي السابق ضاحي خلفان، من أكثر الناقدين للإخوان و"تهديدهم". إلى جانب نائب وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي يعتبر من الداعين لمواجهة الإسلاميين بكافة تنوعاتهم. ومضى بلاك قائلاً: «إن الإمارات تدعم أفرادا ممن يتصدون لأعدائه مثل أحمد شفيق الذي هزم في انتخابات 2012 أمام محمد مرسي، وهو مقيم في أبو ظبي»، مردفاً: «وهناك شائعات مستمرة عن دعم الإمارات لمحمد دحلان، مستشار عرفات لشؤون الأمن سابقا والعدو اللدود ل"حماس" التي تلقى الدعم من قطر». وينقل الكاتب عن مراقبين للشؤون الإماراتية قولهم إن التنافس مع قطر يعتبر واحدا من دوافع أبو ظبي للتدخل في مصر وليبيا، وغيرها من دول المنطقة. وقال إن «السياسة التي تتبعها الإمارات والتي تحاول فرض رؤيتها لا تقتصر على الدول العربية، بل وفي علاقتها مع الدول الأوروبية الحليفة، خاصة بريطانيا التي تعتبر الشريك التجاري لأبو ظبي». وكانت الإمارات أول بلد عربي يرسل سفيرا لدى الناتو، وهو تصرف لم يفاجئ أحدا في بلد ينفق معظم ميزانيته للدفاع عن طريق شراء أسلحة من الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا. وكانت الضغوط الإماراتية واحدة من الأسباب التي أجبرت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجراء تحقيق في نشاطات وأيديولوجية الإخوان المسلمين، وفق الكاتب. وتم الانتهاء من التحقيق، ولكنه لم ينشر بعد بسبب صعوبة تقديم توصيات. وألمحت الإمارات بأنها ستتخذ إجراءات ستؤثر على العلاقات الثنائية في حال لم تكن نتائج التحقيق حسبما تريد. ويختم الكاتب مقاله بالقول: «إن الغارات على ليبيا ستؤدي لتوتر بين الغرب وحلفائه العرب القلقين، فصمت أبو ظبي ونفي القاهرة الظاهري لن يقنع أحدا، مع العلم أن الغارات لم تنجح في منع سقوط مطار طرابلس بيد المقاتلين الإسلاميين، مستدركاً: «صحيح أن الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا ذهبت للإطاحة بمعمر القذافي، وصحيح أن الربيع العربي أصبح ذكرى بعيدة، ولكن دول الغرب تؤكد على أن تقديم السلاح للجماعات المتقاتلة في ليبيا لن يؤدي للاستقرار، بل إن الحل الوحيد هو عبر الحوار، وهو الأمر الذي لا توافق عليه الإمارات ومصر». وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قالت إن مصر اشتركت سرًا مع الإمارات عدة مرات لقصف الميليشيات الليبية التي تحارب على السلطة في طرابلس، وفقًا لما أعلنه، الاثنين، أربعة مسؤولين أمريكيين كبار. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن «الولاياتالمتحدة تفاجأت من القصف المصري دون علم سابق للولايات المتحدةالأمريكية أو موافقتها على شن الهجمات، مضيفة أن المسؤولين المصريين نفوا تنفيذهم لهذه العملية». وأضافت الصحيفة الإسرائيلية إن «التدخل المصري الإماراتي في ليبيا جاء على خلفية تدهور الوضع الأمني في طرابلس، وعلى خلفية التصعيد في الصراع بين مؤيدي ومعارضي الإسلام السياسي في ليبيا». وتابعت إن «الضربة الأولى كانت قبل أسبوع، وتم استهداف فيها مواقع تسيطر عليها الميليشيات الإسلامية، كما تم قصف مخزن للأسلحة وقتل ستة أشخاص، أما الضربة الثانية استهدفت قواعد لإطلاق الصواريخ ومعدات عسكرية ومخازن تابعة للميلشيات». وأضافت هآرتس، إنه «منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي أقامت الحكومة المصرية الجديدة بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والسعودية، والإمارات كتلة تعمل ضد ما سمته بالخطر الإسلامي في المنطقة، ومنهم حركة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر وتركيا». ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأمريكيين، القول إن «مصر وفرت القواعد التي خرجت منها الطائرات التي نفذت الهجوم في ليبيا، والإمارات وفرت الطائرات والطيارين». كما نقلت هآرتس النفي المصري عن تورط القاهرة في القصف الليبي، وفقًا لما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن الجيش المصري لم ينفذ أي عمل عسكري داخل ليبيا.