أزمة جديدة تلاحق النظام الحالي وحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي على المستوى الخارجي فبعد تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير بأحقية السودان بمثلث حلايب وشلاتين ، يواجه السيسي أزمة إقليمية جديدة بعد سيطرة جماعة الحوثيين في اليمن على المدن القريبة من مضيق باب المندب المدخل الجنوبى للبحر الاحمر وقناة السويس مما يعد تهديدا للأمن القومي المصري، وهو الأمر الذي كان سببا لحرب اليمن التي خاضها الجيش المصري فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، طبقا لما يراه محللون موالون لهذه الحقبة التاريخية. وبحسب مراقبين، باتت محافظة الحُدَيْدة الهدف الجديد لجماعة الحوثيين التي كثّفت من حضورها المسلح فيها خلال الأيام الماضية، لبدء طريق السيطرة على "باب المندب". ولم تكن تخوفات القوى السياسية المعارضة للنظام الحالى من حيث تشبيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر مقتصرة على قمع الحريات وتغييب المخالفين للرأي فى السجون، إلا أن البعض يتخوف من توريط مصر فى حروب إقليمية قد تسبب خسائر عسكرية واقتصادية لا قبل لنا بها فى الوقت الحالى. وبعد أكثر من خمسين عاما من دعم عبدالناصر لثورة اليمن ضد الحكم الملكى، يتكرر مشهد الصراع على السلطة الآن حيث اقتربت جماعة "الحوثيون" المتمردة على نظام الحكم من السيطرة على مضيق "باب المندب" بعد أن وصلت إلى مدينة "الحديدة" أقرب المدن من المضيق، وأصبح النظام المصري الآن بين مطرقة دعم نظام الحكم فى اليمن وسندان جماعة "الحوثيون" المدعومة من إيران. وأكد اللواء سامح أبو هشيمة، الخبير العسكري، أن الصراع الحالى فى اليمن ليس له تأثير على قناة السويس، موضحًا أن الوضع فى اليمن داخلى، ولا علاقة للأطراف المتصارعة بالحركة الملاحية. واستبعد "أبوهشيمة" تدخل مصر عسكريًا لحماية مدخل البحر الأحمر والمجرى الملاحى فى حالة وقوع ما يهدد الحركة الملاحية بمضيق "باب المندب"، لأن المكان استراتيجى لكل دول العالم باعتباره ممر عالمي له أهمية كبرى لدول أخرى غير مصر، وسيقف الجميع لحمايته، مؤكدًا على أن مصر يحق لها التدخل عسكريًا فى اليمن إذا طلبت السلطة الشرعية ذلك وهذا لا يتم إلا فى حالتى وجود أى تهديد خارجى للدولة أو وجود تهديد للسطلة. وأشار "أبوهشيمة" إلى أن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب مؤمنة تمامًا ومتواجد بها قطع بحرية أمريكية وأوروبية منذ عدة سنوات لتأمين الملاحة بالبحر من القرصنة لأن المكان يعتبر حركة تجارية استراتيجية لكل دول العالم، كما أن ميناء مدينة الحديدة التى سيطر الحوثيون عليها منذ أيام تقع تحت يد قوات البحرية الأمريكية لأنها تُعتبر مكان استراتيجي فيه أكثر إجراءات التمويل الأمريكي لقطعها البحرية المتمركزة فى المحيط الهندى، ولن تسمح الولاياتالمتحدة لأحد السيطرة عليها. وقال الدكتور معتز سلامة، رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "الوضع في اليمن برغم أنه يتجه لعقد صفقة بين الحوثيين والسلطة، إلا أن "الضعف" أصبح هو الصفة اللصيقة بالدولة اليمنية، ومحاولة الاستيلاء على السلطة سيتكرر بنسبة كبيرة، ربما من جانب الحوثيين مرة أخرى وربما من الجماعات المتطرفة والمسلحة . وأشار إن القرصنة أخطر ما يهدد مضيق باب المندب، وبالتالي التجارة الدولية بقناة السويس، بعد أن ظهر ضعف الدولة اليمنية بوضوح أمام جماعات الحوثيين المسلحة. وتابع: «انه وفي ظل هذه التهديدات التي لا تستطيع الدولة اليمنية بضعفها أن تتصدى لها، ربما يحدث تنسيق واتفقاقات بين الجماعات المسلحة هناك وشباب المجاهدين في الصومال الذين هددوا البحر الأحمر بالقرصنة في فترة ما». وأضاف اللواء يسرى قنديل الخبير الاستراتيجى وقائد القوات البحرية الأسبق إن «جماعة الحوثيين تسعى للسيطرة على العديد من المناطق الحيوية والتى تعد ذات نفوز محلى ودولى واقليمى وفى مقدمتها مضيق باب المندب ، الذى يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، بغرض التحكم بهذا المضيق الإستراتيجى، الذي يعد المنفذ البحرى الرئيسى بين الشرق والغرب وهو ما يهدد الامن القومى لمصر». وأشار إلى أن منطقة اليمن مهمة جدا جغرافيا وسياسيا بالنسبة لمصر أكثر بكثير مما يحدث فى سوريا والعراق ، وأن خطر الحوثيين فى اليمن يهدد مصر بشكل مباشر أكبر مما تسببه داعش فى ترتيب التهديدات المباشرة للأمن القومى المصري وأى تهديد هناك هو تهديد مباشر لسلامة الملاحة فى قناة السويس. وطالب قنديل بضرورة تحرك كل الدول العربية من أجل التصدى للحوثيين لأن خليج باب المندب هو المتحكم فى حرية وسلامة الملاحه فى البحر الأحمر، وهو المنفذ الرئيسى لمرور البترول لدول الخليج وأوروبا والولاياتالمتحدة موضحا أنه لو سيطرت جماعة مناصرة لإيران على اليمن وأحكمت جماعة الحوثيين سيطرتها على مضيق باب المندب يترتب على ذلك تحكم إيران فى المضايق الأساسية فى المياه الإقليمية مما يؤثر على مستقبل نقل الطاقة وتصبح الأمور فى ورطة عالمية كبرى قد تشعل المنطقة برمتها، وهذا الإحكام على المضايق من هرمز إلى باب المندب سيؤدى بالضرورة إلى مواجهة بحرية بين إيران والأسطول الأمريكى المتمركز فى البحرين فى منطقة الخليج.