أثارت الأخبار التي تواردت من اليمن عن وجود تحركات عسكرية لعناصر حوثية نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي، والذي يقع بين البحر الأحمر وبحر العرب، للسيطرة عليه؛ موجة من القلق وإطلاق التحذيرات للحكومة المصرية للتحرك، لما تمثله هذه الخطوة من خطورة على مصر وأمنها القومي، خاصةً في الوقت الذي تستكمل فيه مصر مشروعها الملاحي (قناة السويس الجديدة)، الذي أطلقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. مساعدة إيران وعلى الرغم من تشكك البعض من قدرة الحوثيين الحالية في النجاح للقيام بمثل هذه الخطوة الخطيرة، إلا أن تسليم البعض بوقوف قوى دولية كدولة إيران بجانبهم وتقديم الدعم لهم هو ما أثار التخوف، ولا سيما أن موقف إيران تجاه معظم دول المنطقة يبرر مصلحتها في دعم الحوثيين في تهديدهم بالسيطرة على «باب المندب»، ومن ثمّ غلقه في وجه الملاحة الدولية. وتربح مصر من قناة السويس نحو 5.6 مليار دولار سنويًّا، ما يعادل نحو 10% من إيرادات النقد الأجنبي للبلاد، في حين تتوزع الموارد الأخرى ما بين السياحة والاستثمارات الخارجية والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج. تخوفات القاهرة التهديد الحوثي الجديد لمصر، أثار تخوفات مسؤولين القاهرة، وهو ما دفع رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش، بالتأكيد على أن مصر لن تسمح للحوثيين بالسيطرة على مضيق باب المندب؛ لما له من تأثير على قناة السويس وحركة الملاحة فيها. وفي ذات السياق، أشار وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات له، إلى أن القوانين الدولية تكفل حرية الملاحة، وبالتالي فإن تهديد الحوثيين في اليمن ليس مباشرًا، وإنه حال تحول الأمر لتهديد مباشر فمصر لن تتأخر عن ضمان أمنها القومي. من جانبه، اعتبر رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية دكتور معتز سلامة، أن تهديد السيطرة الحوثية للملاحة في باب المندب هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري، وليس فقط قناة السويس، وبالتالي لن تقف مصر مكتوفة الأيدي أمام أي حركة أو فصيل إرهابي يهدد مصالحها، كما أكد أن التهديد ما زال حتى الآن مجرد كلام، ولكن في حال وصوله لمرحلة الجدية، فستكون واقعة غير مسبوقة وهو ما سيسفر عنه رد فعل مصري غير مسبوق وغير معتاد. الحل العسكري كما لم يستبعد سلامة الحل العسكري، مؤكدًا أن أية خطوة ستتخذها مصر ستكون شرعية ومشروعة أمام تهديد أمنها القومي ومصالحها، لا سيما أن مصر في صدد مشروع قومي ملاحي ضخم (مشروع قناة السويس الجديدة)، وفي حال أن قررت مصر التدخل العسكري بعد فشل باقي المساعي الأخرى سيكون أمرًا مرحبًا به دوليًا، هذا إن لم تسبق مصر إليه دول أخرى مثل السعودية أو الولاياتالمتحدةالأمريكية. في حين شكك سلامة في قدرة الحوثيين على تنفيذ تلك التهديدات؛ واصفًا إياهم «مجرد كلام وتهديد فارغ»، مبررًا رأيه بأن تواجد الحوثيين وسيطرتهم في مناطق الشمال «صنعاء»، والسيطرة على باب المندب يستوجب منهم أن يسيطروا على اليمن كاملة حتى يصلوا للجنوب حيث باب المندب، وهو أمر شبه مستحيل في ظل قدراتهم وإمكانيتهم اللوجستية المحدودة، ولا سيما أن الجنوب به جماعات من تنظيم القاعدة وجماعات الأصوليين، إلا في حال إن ساعدتهم قوى دولية أخرى من مصالحتها ضرب الملاحة العالمية والأمن القومي المصري. النيل من السعودية بينما يرى مراقبون، أن الأمر أعمق من كونها خطوة لبسط الحوثيين سيطرتهم على الملاحة الدولية، مؤكدين أنها جزء من خطة إيرانية يرجى بها النيل من دولة السعودية -حسب قولهم- عن طريق تهديد حدودها حتى تتقوقع السعودية في مشاكل داخلية، وتنسى دورها القومي تجاه الدول العربية، ويهتز دورها في المنطقة، كما تطرق البعض على أن ما وصل إليه الوضع في اليمن من سيطرة للحوثيين يعود لكون الحكومة هناك حكومة رخوة وضعيفة، سمحت لتقسيم اليمن واعترفت بالحوثيين وسمحت لهم بالسيطرة على صنعاء. فيما تساءل الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى عبد السلام، خلال تدوينة لع عبر موقعه على «الفيسبوك» عن تحرك النظام المصري لحماية قناة السويس؟ أم سيكتفي بتصريحات مهاب مميش؛ قائلًا: «إذا كان الحوثيون يسيطرون على اليمن، فهل خنق التجارة في البحر الأحمر ومضايقة مصر تنفيذًا لتعليمات النظام الإيراني ستكون مهمة صعبة؟». لا يمثلون خطرًا غير أن القيادي بحزب التيار الشعبي السفير معصوم مرزوق، أكد أن الحوثيين لا يُمثلون خطرًا على قناة السويس أو على سير الملاحة بها، مبررًا رأيه بأن الحوثيين لا قدرة عسكرية لهم في السيطرة على باب المندب من الأساس؛ نظرًا للسيطرة الدولية التي يحظى بها باب المندب في الوقت الحالي، لحمايته من سيطرة جماعات القرصنة الصومالية المنتشرة هناك، حسب قوله. وأشار إلى أن الخطر الحقيقي من التحركات الحوثية والتطورات الدرامية في اليمن، بمثابة استدعاء للقوى الاستعمارية الخارجية للتدخل والسيطرة على دولة عربية كاليمن، لا سيما أن اليمن به العديد من الجزر على سبيل المثال «حنيش الصغرى والكبرى»، كانت محل نزاع بين اليمن ودولة إريتريا وكادت أن تنشب حربًا لهذا السبب، لولا قرار التحكيم الدولي بأحقية اليمن، وقد يؤخذ هذا التوتر الحالي في اليمن كذريعة للتدخل الأجنبي للسيطرة على هذه الجزر.