أكد تقرير نشرته جريدة واشنطن بوست ان حزب الإصلاح وآل الاحمر واللواء علي محسن أطراف باليمن لم تتم هزيمتها بعد رغمالمحاولات المتكررة لإضعافها. وأشار الى انه لا يمكن الجزم من أن التجمع اليمني للإصلاح وآل الاحمر ومحسن قد تم اضعافهم بشكل لا يمكنهم بعده النهوض مرة أخرى. وأفاد التقرير ان الحوثي يخون خطابه السياسي واهدافه المعلنة وثورة 2011 التي شارك فيها من اجل ثورة مضادة وانقلاب لصالح الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقال إن السلوك الذي يميز الحوثيين منذ أصبحوا قوة فاعلة على الساحة اليمنية بقوة السلاح والتحالفات يكمن في ممارستهم للسياسة بطريقة تشبه قوانين الفيزياء. وأضاف انه من أجل وضع تصورات حقيقية للحالة الراهنة والوضع السياسي في اليمن من المهم العودة أولاً إلى التعامل مع مفهوم "الفوضى" ، غياب سيادة وسلطة قادرة على فرض قواعد الاشتباك والسيطرة. وأضاف التقرير الذي كتبه سلفانا توسكا بانه قد لا يختلف اثنان من أن الاحداث الاخيرة التي تمر بها اليمن قد لا تعدو كونها تشير إلى ظهور محاولات لإعطاء صالح وحزب المؤتمر دوراً كبيراً مرة أخرى في حكم اليمن. كما أنه ليس من المستبعد في الامر أن يخون الحوثيون خطابهم السياسي عبر إصرارهم على منح أنفسهم الحصول على شريحة كبيرة من كعكة التقاسم. ولفت الى ان الرئيس عبدربه منصور هادي قد فهم الدرس من صالح؛ اذ بعد سنوات طويلة من العمل تحت زعامة صالح كنائب للرئيس, لعل الدرس الحقيقي الذي استفاده هادي يبدو اليوم واضحاً, فخلال ثلاثة عقود من السلطة كان صالح وحلفاؤه يملكون براعة كبيرة في صناعة التهدئة المؤقتة بين الاطراف والاقطاب المتناحرة عبر شبكات المحسوبية والحرص على تأليب جماعة ضد أخرى. وقال: في حين أنهى اليمنيون مؤتمر الحوار الوطني الذي شاركت فيه جميع مكونات الطيف السياسي والمدني في اليمن, إلا أن العيوب كانت هائلة, ما أدى إلى عرقلة تنفيذ مخرجات هذا الحوار. الحوثيون مارسوا حضور جلسات الحوار في وقت واحد مع خوض معارك عنيفة في محافظات الشمال ضد التيارات والاتجاهات التي يختلفون معها فكرياً. صحيح أن الحوثيين تقدموا على مدى السنوات الثلاث الماضية عسكرياً في مناطق الشمال اضافة إلى التقدم الشعبي عبر مداعبة اللعب على أوتار السخط الشعبي ضد حكم بعض النخب, ورفع الدعم عن المشتقات النفطية إلا أن الادانات الواسعة ظلت تحذر من خطورة التهديد الحوثي وخطر الحرب الاهلية محليا ودولياً. ويجزم التقرير إن سير الاوضاع بشكل عام في مصلحة الحوثي لا يعني بأية حال حصول الحوثيين على التأييد العالمي, فهناك معارضة مسلحة كبيرة لهم من العديد من اليمنيين الذين يشعرون بالقلق من أن الحوثيين سيجبرون القاعدة الزيدية على أن تكون مصدر القمع لبقية مناطق اليمن. وتحت عنوان فرعي "ثورة مضادة" يسترسل التقرير: "حملت أحداث الأسابيع الماضية في اليمن مجموعة متنوعة من طرق وأساليب الصراع: الصراع الطائفي بين الجماعات الشيعية والسنية. ما توصف بالثورة الثانية التي حاولت إزالة الجهات الفاعلة في ثورة فبراير-2011 من السلطة؛ هي بلا شك ثورة مضادة مدعومة من حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحلفائه القبليين؛ وقد تغاضى الرئيس عبدربه منصور هادي عن ذلك الانقلاب المنظم لإضعاف خصومه السياسيين". ويضيف: "وبالنظر إلى الأحداث التي تتطور بسرعة، والتحالفات الجديدة ومسيرة التحول، فإن ذلك كله وفر عددا كبيراً من الصفقات السرية بين الجهات الفاعلة السياسية الرئيسية، وليس من المستغرب أن يلاقي ذلك قدراً مهولاً من التفسيرات المتنافسة –والتي كل منها يحتوي على كتلة صلبة من الحقيقة. مع ذلك، يبدو أن إلقاء نظرة أطول على الجهات السياسية الفاعلة في اليمن يفسر كيفية غياب التوازن بين هذه القوى, وأسلوبها الجديد الذي يقوم على التأليب ضد بعضها البعض، وكيفية قيام هذا التحول في ميزان القوى بين المجموعات التي لا تعكس بالضرورة الدور الجديد في توزيع السلطة والحقائب الحكومية، وهو ما يجعل من الصعب تقديم شرح أفضل للأزمة. لكنه رغم ذلك يوفر أيضا دروسا هامة حول كيفية تجنب بروز أي حالة من التصعيد المماثل في المستقبل. فوضى وغياب للسيطرة وقال تقرير الصحيفة الاميركية إن مفهوم الفوضى هو أفضل طريقة لوضع تصورات السياسة اليمنية في الوقت الراهن. قبل هذا، أنا لا أقصد الاضطراب والفوضى -على الرغم من أن الصور المرئية تثير انها ليست غير مبررة تماما–لكن المعنى المحدد للمصطلح في العلاقات الدولية يعني: غياب سيادة قادرة على فرض قواعد الاشتباك تحت الفوضى، الأطراف ذات القوة والنفوذ تسكن الفضاء السياسي نفسه، وليس هنالك أية ضمانات تفيد بأن هنالك أمل في أن تبقى أدنى اتفاقيات بين الأطراف, والسبب في ذلك يعود إلى غياب سلطة أعلى لإنفاذ مثل ذلك الامتثال أو الاتفاق. على هذا النحو، كان يجب أن يكون جميع الفاعلين في حالة التأهب والاستعداد لإمكانية أن تكون الجهات الفاعلة الأخرى, إما قادمة على التصرف بعدوانية أو التراجع عن الاتفاقات، مما يجعل أي من التحالفات بينهما غير مستقر على المدى الطويل. هذا هو ما نقصد به من مفهوم الفوضى الذي كثيراً ما يميز العلاقات الدولية وطرف السياسة الداخلية للبلدان، كما أنه هو من تجاوز الفوضى، والأنظمة السياسية المركزية الهرمية الحالية ومنع الدولة في أداء وظيفتها. من توحيد اليمن عموماً حتى انتفاضة العام 2011، والسلطة السياسية تشهد مركزية حادة. ذلك لم يكن نتيجة طبيعية لغياب المعارضة -المعارضة للحكومة كانت دائما موجودة في اليمن، وحتى قد تأتي في شكل دعم السلطة ورعايتها في بروز التطرف المعارض المسلح- لكن من خلال الاستقرار النسبي لميزان القوى بين القوى المعارضة نفسها. وكان صالح وحلفاؤه بارعون في اسلوب التهدئة المؤقتة فيما يخص المظالم من خلال زراعتهم عددا كبيراً من شبكات المحسوبية العاملة التي تخدم بقاء النظام، وتأليب جماعات مختلفة ضد أخرى. الحوثي.. من صعدة إلى صنعاء لقد أدت احتجاجات العام 2011 إلى جلب عدد من الفئات المهمشة إلى المركز. حركة الحوثي، كانت قد بدأت كما المعارضة الشيعية الزيدية, وتعرضت في بداياتها للقمع من طرف الحكومة المركزية التي تبديه تجاه الأقليات الدينية والتخلف المتعمد لمناطقهم من البلاد، وذلك قبل أن تتوجه إليهم أصابع الاتهامات باستقبال القليل من الدعم الخارجي إلى مركزها التقليدي شمال اليمن. من العام 2004 إلى 2010، خاض الحوثيون ست حروب مع الحكومة المركزية، وهي الفترة التي منحت الجناح العسكري للمتمردين الصلابة والفعالية. في عام 2011، دخل الحوثيون لفترة وجيزة في تحالف مع الجنرال علي محسن الأحمر، واحد من أكثر الرجال نفوذا في اليمن، وكبير مهندسي الحروب ضد الحوثيين، وكذلك بدا التقارب مع حزب التجمع اليمني للإصلاح ومجموعات ثورية أخرى, وهو ما يشبه توحيد الصف في الانتفاضة التي اشتعلت احتجاجا على نظام الرئيس السابق صالح. لكن, مثل هذه التحالفات لم تدم طويلا. انقسمت الحكومة الانتقالية التي أنشئت بدعم ورعاية مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2011 تحت بنود المبادرة الخليجية لإنهاء التوتر والاحتجاجات في الشارع اليمني، التي أعطت صالح الحصانة من الملاحقة القضائية، وقد تم اختيار أعضاء تلك الحكومة مناصفة بين حزب صالح- المؤتمر الشعبي العام- وأحزاب اللقاء المشترك, ومنها حزب الإصلاح وهو العضو البارز، في حين لا شيء للحوثيين. وقد رفض الحوثيون الحكومة الانتقالية، فضلا عن رفضهم منح صالح للحصانة والشعور بأن لا شيء من مظالمهم قد عولجت. ولذلك، لا يبدو فقط الآن أن الحكومة الانتقالية لا تعكس تغير ميزان القوى في البلاد وأن كلا من الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين تمثل الدوائر الانتخابية الكبيرة والميليشيات، وظلت جميع المناصب السياسية الرسمية في أيدي النخب القائمة. فبراير 2011 ثورة مُتعبة ظلت ثورة اليمن ثورة متعبة بشكل لا يصدق: تم تقسيم الجيش إلى مختلف الكتل (مع جزء من الجيش الموالين لمحسن، الذين انقلبوا على صالح خلال احتجاجات عام 2011، وجزء منه تحت سلطة ابن صالح، وأخيراً كان اسميا تحت هادي). في تلك الاثناء كان الحوثيون يتجهون للسيطرة الكاملة على مناطق واسعة من الشمال. في حين كانت الدولة فعليا تفقد أي سيطرة على الجنوب. حتى لو منحنا القول صورة مبسطة، بعدم الأخذ في الاعتبار المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات السلفية أو الجماعات القبلية. بالتالي كانت الثورة، -فبراير 2011- قد أسفرت عن انتقال اليمن من دولة مركزية نسبيا (وفاسدة وقمعية للغاية) إلى دولة مشحونة بالفوضى وهو ما يحدث في عدد من الدول ضمن الدول ذات الافتراضية. الحوار.. عيوب تمنع التنفيذ في يناير/ كانون الثاني الماضي انتهى مؤتمر الحوار الوطني الذي أدركته العيوب الهائلة في تنفيذه, في حين كان الهدف من الحوار الشامل إنشاء إطار واضح وفعلي للانتقال، كذلك التسريع من العملية الانتخابية، وتقسيم البلاد إلى ولايات اتحادية، على الرغم من وجود عدد من القصور في عدد من الطرق. لم يتم معالجة القضايا الهامة إلى حد كبير, لعل من أهمها قضية كيفية تقاسم السلطة بين الأطراف بشكل منصف ومرضي، كما فشلت نتائج الحوار في تلبية مطالب الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين بشأن الحدود الاتحادية، وهو ما يعكس العيوب الهائلة التي لحقت الانتهاء من الحوار وهي عيوب تتعلق بشفافية تنفيذ مخرجات الحوار وصدق جميع الأطراف السياسية الفاعلة في ذلك. بينما شارك الحوثيون في عميلة وجلسات الحوار الوطني, إلا أن مثل تلك المشاركة حملت موقفا عمليا من خلال الدخول في الحوار، لكنهم في نفس الوقت كانوا يعملون في وقت واحد لشن معارك عنيفة ضد عدد من الأطراف التي تراها من قبيل الاختلاف معها في الأهداف مثل (القبائل والجماعات السلفية) من مجموعة قبلية الإصلاح، وآل الأحمر، وكتلة الجنرال علي محسن. انتصارات الحوثي تداعب السخط الشعبي على مدى السنوات الثلاث الماضية أظهرت جماعة الحوثيون البراغماتية العميقة والتخطيط الاستراتيجي. بالإضافة إلى تحقيقهم عددا واسعا من الانتصارات العسكرية المتتالية في الشمال، مثل تلك الانتصارات, داعبت السخط الشعبي ضد حكم استمرار النخب القديمة، كذلك قضية رفع الدعم عن الوقود هذا الصيف، وهي أشياء كانت مفقودة من جانب بعض الأحزاب الكبيرة ذات التأثير الشعبي الكبير والواسع مثل حزب الإصلاح. من ذلك، أصبحت قضية إعادة دعم الوقود هي –نقطة تجمع- النقطة التي تجمع جماعات غير تابعة للحوثيين. في حين أن قرار إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية كان يمثل الضرورة المالية التي كان لها فائدة إضافية تتمثل في القضاء على مصدر كبير للدخل في شبكات المحسوبية والنخب المتنفذة والمستفيدة منذ سنوات النظام السابق، إلا أن المشكلة الحقيقية في حدوث التبعات السلبية لمثل هذا النوع من القرارات أن يتم القيام به بشكل مفاجئ ودون أي تشاور يذكر. ويبقى أن التكلفة السياسية لمثل هذه الخطوة لا تحظى بالتوافق والرضى الشعبي. بالتالي الحوثيون، استمروا في المطالبة بضم دوائر انتخابية خاصة في أماكن تشتهر بالتجمع الزيدي، كذلك الحلفاء لهم في الحراك الجنوبي، فضلا عن وجود أعداد كبيرة من اليمنيين الذين ينظرون لهم كمعارضة حقيقية على عكس النخب التي هي غير ملوثة بالفساد. هذا لا يعني بأي حال أن الحوثيين يحظون بتأييد عالمي، لأنه وبالإضافة إلى المعارضة المسلحة لهم, يبقى أن العديد من اليمنيين يشعرون بالقلق من أن الحوثيين سيجبرون القاعدة الزيدية أخيراً على أن تكون قاعدة من الطراز القمعي تجاه السكان المدنيين في بقية مناطق ومحافظاتاليمن كما هو الحاصل الآن في عدد من المناطق الخاضعة بالفعل لسيطرتهم. الحوثي تجاوزات للمعقل ومع ذلك، فإن هذا النوع من الدعم الواسع الذي يتجاوز المعقل الزيدي قد تسبب في ظهور عدد من وجهات النظر التي ترفض التفسيرات الثنائية التبسيطية للصراع الطائفي كشيعي مقابل السني. من يناير وحتى نهاية أغسطس الماضي، سار المتمردون الحوثيون بثبات نحو العاصمة اليمنيةصنعاء بعد فوزهم في جولات القتال ضد الجماعات السلفية المنتسبة إلى التجمع اليمني للإصلاح، خصوصاً قبائل الأحمر (أقوى الدعم العسكري لحزب الإصلاح) في معاقلهم التقليدية، والكتائب الموالية لمحسن. ذلك ما جعل الرئيس هادي في ذلك الوقت أن يبدي الاختيار الذكي والاستراتيجي بعدم التدخل في الصراع: ليس فقط لأنه لا يفتقر إلى القوة العسكرية القادرة على وقف ذلك، لكن لأن مثل هذا التدخل يمكن بسهولة أن يفاقم الوضع والنتيجة أن يسوق وبشكل واسع إلى نشوب حرب أهلية شاملة. كما أن هادي استفاد أيضا من هذا النوع من الصراع بقدر ما يساعد وبشكل جذري في أن يضعف كل طرف على حساب الآخر وهكذا. وهي طريقة فعلها في السابق صالح، الذي حرص في كل عقود حكمه على ترك استمرار ونشوب الصراعات بين عدد من الأطراف التي قد يؤدي توحدها في التأثير المباشر على سلطته وبقائه في الحكم. الحوثي يستثمر التحول في الموازين خطابيا، كان هنالك الكثير من ظهور وخروج عدد من الإدانات للتوسع والتهديد الحوثي وخطر الحرب الأهلية على مستقبل البلد وعملية الانتقال، وهو خطر يتماثل على حد سواء محليا ودوليا. ومن المفارقات في الأحداث، أن المتمردين الحوثيين أيضا يتمتعون حاليا بدعم واسع من القبائل الموالية لصالح وحزبه. في حين أن أيا من الطرفين لا يقبل وجود ارتباط رسمي بينهما، لأنها تخدمهما على حد سواء في محاربة العدو المشترك. هذا هو، بطبيعة الحال، ما يناقض تماما الأحداث الواقعة في الفترة الزمنية ما بين العامين 2011 إلى 2012. لكن يبقى أنه إذا كان هنالك شيء واحد يمكن التنبؤ به في اليمن، فهو أن تتغير خريطة التحالفات، كما أنها ستفعل ما لا يمكن التنبؤ به. وتعتمد التحالفات في اليمن على التوازن النسبي للقوة بين الفاعلين، كما أن التحول في مثل هذا التوازن، كله تقريبا يحصل من جانب كل المجموعات الرئيسية، ولكن ولفترة وجيزة في بعض الأحيان، تحول مثل هذا التوازن وفي وقت واحد إلى نوع من العدوان المفتوح بين جميع التحالفات وهو ما عفاها تماما من طقوس الراحة على الأرض. العمق الاقليمي للأزمة إن أي تحليل للشأن والمشكل اليمني في الوقت الراهن سيكون ناقصاّ من دون النظر في القوى الإقليمية. وعلى الدوام ترتفع أصابع الاتهامات إلى الحوثيين بأنهم مجرد بيادق لإيران. ويمارس الحوثيون السعار على الشعار التقليدي ("الموت لأمريكا الموت! لإسرائيل!") إضافة إلى نهج عدد من التكتيكات العسكرية التي تشبه تماما تلك التي ينتهجها حليف إيران الآخر، حزب الله. وفي الوقت نفسه، حاولت المملكة العربية السعودية مرارا وتكرارا سحق التمرد الحوثي من خلال الهجمات الجوية، ومنذ سنوات تقوم المملكة بدعم الجماعات السلفية وكذلك حزب الإصلاح (التي تتألف من جماعة الإخوان المسلمون، الجماعات السلفية ورجال الأعمال) في معاركهم ضد الحوثيين, وهو دعم يعكس مدى تورط إيران، لكن العداء السعودي تجاه الحوثيين يظل معروفاً. مع ذلك، أدت تحولات الأحداث في بقية دول الشرق الأوسط إلى انغماس السعودية في اليمن أيضا. فمع هزيمة الإخوان المسلمون في مصر، اتخذت المملكة العربية السعودية الفرصة المناسبة لإضعاف جماعة الإخوان المسلمين في اليمن من خلال سحب الدعم الذي تقدمه عن حزب الإصلاح ببطء. وبالمثل، أثارت الأحداث في سوريا والعراق المخاوف من التطرف في المنطقة، ونظرا إلى أن اليمن هو بالفعل موطن لفرع تنظيم القاعدة في الخليج، وينظر إلى جانب أهمية استقرار الأوضاع في اليمن كون ذلك يعد ضرورة سياسية وأساسية للاستقرار الإقليمي والدولي عموما. يجب على جميع الأطراف الاعتراف بمدى صعوبة أن تكون اليمن بلداً مستقراً, وهي أمنية تكاد أن تكون مستحيلة تماماً, طالما لا تزال هنالك عدد من مراكز القوى التي تتنافس مع بعضها البعض. وبالتالي، نظرا إلى بروز الشهية اللامتناهية للحوثيين في مصادرة السلطة والسيطرة عليها خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد كان من المنطقي الاستراتيجي والضروري رمي دعمهم وراء الفريق الفائز. الخليجيون.. إجبار خارج السياق قبل بضعة أسابيع ظلت دول مجلس التعاون الخليجي تعطي التحذيرات المتكررة ضد زحف الحوثيين تجاه العاصمة صنعاء قبل أن يصل المتمردون إليها، وقد أيدت تلك التحذيرات الأحداث الأخيرة التي بدت بالطبع غير متماسكة في الصورة لأنها كانت تشير إلى أنها خارج سياق السياسة الإقليمية. وقد رحبت إيران والمملكة العربية السعودية والأمم المتحدة بمجموعة من التطورات (على الرغم من أن هذه الأخيرة أكثر حذرا)، والذي كان قد بدا لا يسبر غورها قبل بضعة أسابيع, من السرعة التي تفوق بها الحوثيون خلال زحفهم على العاصمة صنعاء وبعض مناطق الشمال يجب أن ينظر إليه جزئيا على الأقل في هذا السياق. لم يعرض هادي ولا الجيش اليمني أية مقاومة تذكر ضد التقدم المحرز للميليشيات الحوثية, إلا أن ذلك التقدم كان قد واجه فقط مقاومة طفيفة من قوات موالية للواء محسن. وكان في الواقع، أن أصدرت وزارة الداخلية بيانا بسرعة التعاون مع الحوثيين في ما تم وصفه بتثبيت الأمن. وفي هذا المعنى، كانت هذه الأحداث لا تبدو وكأنها انقلاب مكتوم النفس، ولو عن طريق الاطراف المتبقية على الهامش: هادي ودول الخليج تخلوا عن حزب الإصلاح وأعلنوا حيادهم، الذي كان له تأثير غير مباشر (لكن ربما كان عن قصد) لكن من أجل تمكين الحوثيين. بين الحوثي والحكومة هذا النوع من التحول بسرعة هو بالضبط ما ينبغي أن يكون بمثابة تحذير حقيقي في المراحل المقبلة. الحوثيون والحكومة وقعا على اتفاقية السلم والشراكة الذي من شأنه أن يعطي كلاً من الحوثيين والانفصاليين الجنوبيين مناصب وزارية وعدداً من الأدوار الاستشارية في الرئاسة. في البراغماتية التي لا حصر لها، يتجاهل الحوثي شعار "الموت لأمريكا / إسرائيل" مستيقظون على تحرك شامل باتجاه المكاسب الشعبوية، الحث على العدالة الاجتماعية والدعوة إلى الوحدة. زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، كان قد قدم خطابا حثت نبرته في التهديد بالسيطرة على المكاتب الحكومية وهو خطاب تركز بشكل واضح بدعوته إلى الشمولية والديمقراطية وأهداف الحركة وطريقة رؤيتهم لمستقبل اليمن. كما أن الحوثيين رفضوا بتاتا التوقيع على الاتفاق المرفق الذي من شأنه أن يدعو إلى نزع السلاح وانسحاب المسلحين الحوثيين من المدن والعاصمة صنعاء. أخيرا ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل اليمن؟ ذلك يعتمد على مدى ما تعلمته البلد من دروس الماضي. قد يكون الحاصل بمثابة استهلال جديد يمكن أن يوفر بداية جديدة لليمن، مع بعض الشخصيات السياسية. ويمكن، أيضا، إعطاء صالح والمؤتمر الشعبي العام دورا أكبر مرة أخرى، والذي سيكون خطوة لجني محصول الثورة المضادة. والأسوأ من ذلك، يمكن أن يخون الحوثيون خطابهم ومنح أنفسهم شريحة من الكعكة الضخمة. وبالنظر إلى أن التجمع اليمني للإصلاح، محسن والقاعدة قد أعلنوا بالفعل الحرب ضد الحوثيين (ربما مع صفقة وراء الكواليس أخرى من بينهما)، هذا سيكون مزعزعا للاستقرار بشكل كبير. يبقى أن اليمن يعاني من كسور وجروح عميقة بين مختلف مراكز السلطة وعلى الرغم من أن التجمع اليمني للإصلاح، آل الأحمر ومحسن كما لو بان ضعفهم، إلا أن هزيمتهم لم تتم بعد. لعل السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو إنشاء حكومة تعكس التوازن الحقيقي للسلطة وغير شاملة من الناحية العملية, والتي من شأنها عمل الكثير, هذا يعتمد على ما إذا كان أو لم يكن الحوثيون قرروا تقاسم القوة التي لديهم مع البعض بالفعل وهو ما يبعث على القلق. هامش: - سيلفانا توسكا حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كورنيل، متخصص في جانب التركيز الإقليمي في الشرق الأوسط. حاليا يكتب توسكا أطروحته حول الأسباب التي أدت إلى اندلاع الموجات الثورية في عدد من بلدان الشرق الأوسط قبل أكثر من عامين تقريبا.