قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    السعوديون يستعيدون نداء "خلجت أم اللاش" مع تصاعد التوترات الإيرانية في الحج ..فهل يعاد النداء يوم عرفه؟!    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    تسوية نزاع مالي بقيمة 120 مليون ريال تؤدي إلى إطلاق سراح شاب مخطوف في أبين    1. ثورة شعبية تهز البيضاء: أهالي حارة الحفرة ينتفضون ضد مليشيا الحوثي ويطردون مشرفيها    لماذا فك الحوثي الحصار عن تعز جزئيا؟!    الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن: أي عملية سلام يجب أن تستند على المرجعيات الثلاث    "تعز في عين العاصفة : تحذيرات من انهيار وسيطرة حوثية وسط الاسترخاء العيدي"    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    وزير الخارجية الدكتور الزنداني يعلق على المنحة السعودية الجديدة لليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفا و266 منذ 7 أكتوبر    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    محافظ تعز يؤكد على ضرورة فتح طرقات مستدامة ومنظمة تشرف عليها الأمم المتحدة    الرئيس العليمي يشيد بمواقف قيادة المملكة من أجل تخفيف معاناة الشعب اليمني    القضية التهامية: صعود الوعي نحو استعادة الحقوق واستقلال القرار    اختتام دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    يعني إيه طائفية في المقاومة؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    ضيوف الرحمن على صعيد منى لقضاء يوم التروية    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    إرم نيوز: "انهيار تاريخي" للريال.. يخطف فرحة العيد من اليمنيين    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عودة 62 صيادًا يمنيًا من السجون الأرتيرية بعد مصادرة قواربهم    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    الحجاج يتوجهون إلى منى استعدادًا ليوم عرفة ووزير الأوقاف يدعو لتظافر الجهود    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    أبطال "مصر" جاهزون للتحدي في صالات "الرياض" الخضراء    أزمة المياه مدينة عتق يتحملها من اوصل مؤسسة المياه إلى الإفلاس وعدم صرف مرتبات الموظفين    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاهم الحوثي الإصلاحي لن يستقر
نشر في الخبر يوم 03 - 12 - 2014

ربما شكل صدمة لدى بعضهم خبر موقع "الصحوة نت" الإصلاحي، عن لقاء جمع قيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح، بزعيم جماعة الحوثي في محافظة صعدة، 28 نوفمبر الماضي، مقتضباً الخبر بأنه جاء لطي صفحة الماضي، والتوجه نحو بناء الثقة والتعاون في بناء الدولة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة. وأضاف الخبر أن الجميع أبدوا رغبتهم في التعاون والتعايش، عملاً بمبادئ الإسلام الحنيف التي تدعو إلى الأخوة والمحبة والسلام، واستشعاراً للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والمخاطر المحدقة التي تحيط باليمن، مؤكدين استمرار لقاءاتهم.
ربما يأتي مصدر الصدمة لدى بعضهم من حجم العداء والكراهية المتبادلة التي وصلت إلى مواجهات مسلحة بين الجانبين، قرر "الإصلاح"، في لحظة ما، انسحابه منها، بعد أن اكتشف أن ثمة مؤامرة محلية وإقليمية ودولية تستهدف جرّه إلى حرب طاحنة مع مليشيات الحوثي، لضربه، أو لضربهم ببعض.
الملاحظ أن صيغة خبر المصدر الإصلاحي هي نفسها التي صدرت عن مكتب زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، ربما، في إشارة إلى أن ثمة اتفاق مسبق عليها، في دلالة على أن اللقاء ناقش مواضيع عدة، لم يتم التطرق إليها إعلاميّاً، اتساقاً مع طبيعة مثل هكذا نقاشات، تتسم بالتعقيد الشديد في ظرفٍ خطير كهذا.
ما يهمنا، كمراقبين، أن هذا اللقاء لا شك يمثل خطوة سياسية براجماتية وجريئة من حزب الإصلاح، لكنها، من حيث التوقيت، جاءت متأخرةً جداً، وربما في الزمن الضائع تماماً، بالنظر إلى حجم الأحداث والتحولات التي طرأت على سطح المشهد السياسي اليمني، منذ سيطرة مسلحي الحوثي ومليشياته على العاصمة صنعاء صبيحة 21 سبتمبر الماضي، وفرضها واقعاً سياسيّاً جديداً.
ومن هنا، ربما يتخوف بعضهم من مثل هكذا تفاهمات، أتت بعد وضع انقلابي غير طبيعي، كشف عن حقيقة الحوثيين جماعة مليشياوية، تريد فرض واقع سياسي بقوة السلاح. وبالتالي، مثل هكذا تفاهمات لن تؤدي من وظيفة إن كُتب لها النجاح، سوى شرعنة ذلك الانقلاب المسلح، بالتطبيع مع كل أوضاعه المستحدثة، كسلطة أمر واقع، بديلاً من سلطة الدولة ومؤسساتها التي تعرضت، العسكرية منها، لأكبر عملية سطو في تاريخها، عدا عن الإهانة المعنوية الكبيرة لشرفها العسكري.
مثل هذا الموقف كان في وسع قيادات حزب الإصلاح القيام به قبل عام، بالنظر إلى أن الحوثي كان يسعى، بقوة، إلى أن يكون شريكاً في الحكومة التي تم إقصاؤه منها حينها، شريطة تخليه عن سلاحه الذي أسقط به الدولة، وأحل مليشياته محلها فيما بعد، وأصبح أمر التقارب معه، الآن، مجرد تحصيل حاصل، باعتباره صار قوة على الأرض، بغض النظر عن القوى التي تقف خلفه.
كثرة التكهنات عن نوعية هذه الخطوة الإصلاحية لن تغيّر من واقعيتها ومرارتها، فقد يحلُّ لبعضهم تفسيرها بأنها انحنائية إصلاحية أمام عاصفة المؤامرة المحلية والإقليمية والدولية التي استهدفته، ومحاولته امتصاص تلك الضربة التي أُريد بها أن تنهي قوته، أكبر الأحزاب السياسية التي وقفت سنداً لثورة 11 فبراير 2011، اتساقاً مع المشهد الدولي العام لضرب قوى ثورات الربيع العربي وحوامله.
لكن، حتى مع افتراض مثل هذا القول، وهو أقرب إلى الواقع، فإن الخطوة ستحدث إرباكاً كبيراً لأطراف عدة في الداخل والخارج، بالنظر إلى أن ما حدث، يوم 21 سبتمبر الماضي، كان بمثابة صدمة للجميع، حتى الذين كانوا ربما على اطلاعٍ بمهمة الحوثي مسبقاً، باعتبارها مهمة لتخليصهم من حزب الإصلاح، وعودة الحوثي، عند ذلك، إلى قواعده في صعدة سالماً، وهو ما لم يحدث سوى عكسه تماماً، بخروج الحوثي عن نص الاتفاق، ومضيه في إسقاط الدولة كلها، بيد أن ما يهمنا، هنا، بالعودة إلى الحديث عن طبيعة تلك التفاهمات التي تمت بين الطرفين، وفي هذا التوقيت بالذات، أن ثمة جملة تساؤلات تتوارد في أذهان المراقبين والمعنيين، باحثةً عن إجابات لها، وفي مقدمها، من المستفيد الأكبر؟
وقطعاً، كما هي مسلمات علم السياسة، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة. وتقودنا هذه البديهية السياسية إلى بديهية أخرى، أن خسائر أي طرف ومكاسبه من أي عملية سياسية تبقى نسبية أيضاً. وبالتالي، تباين المكاسب والخسائر وتفاوتها لا يمكن تحديده بدقة. لكن، ما لا شك فيه أن الكاسب الأول والأكبر والأخير هي اليمن التي تمر حاليّاً بأخطر مراحلها السياسية، ويحتاج تجنيبها مزيداً من المواجهات والاقتتال بين أبنائها.
أما الحديث عن خسارة هذا الطرف وربح الطرف الآخر، فلا أعتقد أن منطقاً كهذا يستقيم مع أبسط قواعد السياسة ومفاهيمها. ومن ثم، أعتقد، هنا، أن تفاهم حزب الإصلاح مع جماعة الحوثي لم يكن رغبةً إصلاحية منفردة، ما لم تكن هناك، أيضاً، رغبة حوثية مقابلة لها، وبالتقاء الرغبتين، تم اللقاء والتفاهم.
ومن هنا، مثلما قد يكسب الإصلاح، بتخفيف حجم الضغط الذي يواجهه، حزباً وأفراداً، تعرضا لضربة قاسية، يستفيد الحوثي، أيضاً، في المقابل، بتقديم نفسه بالطريقة غير المعتادة التي تشكلت في أذهان الناس عنه، جماعة دموية مسلحة، لا تقبل بالآخر المختلف معها فكريّاً، وهو ما تحتاجه هذه الجماعة، الآن، لتجميل صورتها المشوهة.
خطوة مرتبكة ومفاجئة
أما بالنسبة للإصلاح وإقدامه على هكذا خطوة، مفاجئة ومرتبكة، فداخليّاً لا شك أنه يواجه عدم قبول كبير لهذه الخطوة، بالنظر إلى أن مثل هذا التفاهم، الجميع في الحزب معني به، قيادات وقواعد، خصوصاً أولياء من سقطوا في المواجهات، إصلاحيين وغير إصلاحيين، سيحز في نفوس أوليائهم كثيراً مثل هذا التصرف الذي كان يمكن القيام به مبكراً، والحفاظ على من سقطوا في تلك المواجهات.
هذا الارتباك والتناقض تعيشه جماعة الحوثي أيضاً. ولكن، على مستوى آخر، هو المستوى الخارجي ونظرة المجتمعيْن، المحلي والإقليمي، لهذه الحركة التي صنفتها، أخيراً، دولة الإمارات، جماعة إرهابية، وقبلها المملكة العربية السعودية، فضلاً عن القرار الأممي الذي طال اثنين من قيادييها.
وكل هذه مجتمعة تشكل عزلة سياسية على الجماعة التي تتهيأ للحكم، وإن من خلف الكواليس، وخطوة تفاهم كهذه مع حزب الإصلاح، لا شك مثلت نوعاً من كسر قيود تلك العزلة، وإن كان الحديث عن عزلة جماعة مسلحة تفرض واقعاً ما بالقوة، قد يكون حديثاً غير ذي معنى بالنسبة لجماعة تغلب سطوة جناحها العسكري على جناحها السياسي.
لكن، الأهم بالنسبة لهذه الجماعة، والذي ربما تسعى إلى تحقيقه من هذا التفاهم، هو محاولتها تخفيف حجم الغضب السعودي تجاهها، ذلك الغضب الذي يخشى الحوثي أن يتحول إلى تقارب سعودي إصلاحي، ومن ثم دعم المملكة هذا الطرف سياسيّاً، لما تمثله السعودية من ثقل وحضور قوي في المشهد السياسي اليمني، تاريخيّاً.
الأمر الآخر المهم، أن الجماعة تروم، أيضاً، من هذا التفاهم سرعة إنجازه، متمثلاً في محاولتها لملمة المشهد السياسي، المنهار تماماً عشية سقوط صنعاء، لا للحفاظ عليه، وإنما لاستخدام الجماعة له ديكوراً، تشرعن، من خلاله، كل خطواتها الساعية إلى التهام وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة المختلفة، وفقاً لأجندتها السلالية والطائفية، كما صرح بذلك لصحيفة السياسية الكويتية، مستشار رئيس الجمهورية، فارس السقاف، الذي قال، إن كل قرارات رئيس الجمهورية لا تصدر إلا بموافقة لجان الحوثي الشعبية.
وهنا، ربما، يكمن المأزق الكبير لقيادة حزب الإصلاح، والتي ربما لم تعمل له حساباً، بإقدامها على خطوة التفاهم مع الحوثي، وهو، أي الحوثي، غدا سلطة حاكمة، وإنْ في الظل، وبالتالي، أي تفاهم مع جماعة الحوثي سيعني الاعتراف بسلطة الحوثي القائمة، وكل ما تقوم به، ما يعني، أيضاً، استمرار الأوضاع على ما هي عليه، بل وربما أشد مما هي عليه الآن، من إقصاء وتهميش وملاحقة لأعضاء الحزب، وهو ما عكسه تصريح مسؤول دائرة السياسة في الإصلاح، في حديثه عن مطالب إصلاحية لجماعة الحوثي، بعدم الاعتداء على مقراته ومنازل قياداته وإطلاق سراح معتقليه لدى الجماعة، ولم يتم التطرق لأي شيء آخر.
من هنا، مبكر جدّاً الحديث عن نجاح مثل هذا التفاهم من خلال ذلك اللقاء، بالنظر إلى عوامل موضوعية، قد تمثل عقبة كبيرة أمام أي تفاهم، أهمها سلطة الأمر الواقع التي تفرضها المليشيات الحوثية، تمدد الحوثي المتواصل، ودخوله مناطق جديدة، التناقض الموضوعي وانعدام الثقة بين الطرفين.
ومن تلك العوامل، أيضاً، تنازع قرار جماعة الحوثي بين أجنحتها المختلفة وسطوة النفوذ والتأثير الإيراني على قرارها، التأثير الإقليمي والدولي ووجود طرفين رئيسيين في الداخل، ليس من مصلحتهما تفاهم الحوثي والإصلاح، وهما الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، حليف الجماعة القوي، ورئيس شبه مقيد بإقامة جبرية، عبد ربه منصور هادي.
وأخيراً، لست متفائلاً ولا متشائماً، وإن كان منطق الاشتغال السياسي هو صانع التفاؤل، ما يعني أن لا خيار أمام جميع فرقاء المشهد السياسي اليمني، سوى مزيد من الاشتغال السياسي الذي يجترح الحلول، بقوة المنطق لا منطق القوة، المستحكمة بكل تفاصيل المشهد، الذي نتمنى، كيمنيين، تجاوزه قبل فوات الأوان، إن لم نكن قد تجاوزناه فعلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.