تحاول إيران توسيع مجال تدخلها في الشأن الداخلي لليمن من بوابات متعددة، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وبتسهيلات من الحوثيين لتهيئة أرضية مناسبة لزيادة حجم الضغط على القيادة السياسية. وتدعم إيران جماعة أنصار الله عسكريا لدفع اليمن إلى الفوضى والتقسيم بغية الانقضاض على السلطة وبداية تنفيذ أجندات طهران في المنطقة نظرا للمكانة الجغرافية الهامة لليمن. وإلى جانب المطامع السياسية تمد طهران يدها إلى المجال الاقتصادي للاستفادة من خيرات اليمن، خاصة محاولتها الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لخليج عدن وتوظيف الموانئ لتنشيط مجالها التجاري والعسكري. وطفحت على السطح مؤخرا تحركات إيرانية للسيطرة على ميناء عدن في جنوباليمن والتي تعتبر من أهم الموانئ العالمية، في ظل وجود نشاطات محمومة يقوم بها هذه الأيام للسفير الإيراني لدى اليمن سيد حسين نام، بمدينة عدن. وزار السفير الإيراني في اليمن سيد حسين نام، الخميس، المنطقة الحرة في محافظة عدن وكان في استقباله حسن أحمد الحيد نائب رئيس المنطقة الحرة وعدد من كوادرها. كما التقى السفير خلال الزيارة، محافظ عدن الدكتور عبد العزيز بن حبتور، وناقش معه فرص ومزايا الاستثمارات المتاحة أمام الشركات الإيرانية في مدينة عدن ومنطقتها الحرة. وأشار السفير الإيراني في تصريحات له، إلى مجالات الاستثمار التي من الممكن أن تفتح أفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين وبالأخص في مجالات توليد الطاقة والنقل البري والبحري والجوي، منوهاً بأن مدينة عدن تمتلك العديد من المزايا النسبية أهمها الموقع الجغرافي المميز ووجود ميناء عدن ذي السمعة العالمية ومطارها الدولي ومصفاتها التي كانت في يوم ما تعمل بشكل وطيد مع الجانب الإيراني، والمنطقة الحرة البوابة الاقتصادية الواعدة لليمن. وأبدى استعداد بلاده تلبية أي دعوة للحكومة لدعم اليمن إنشاء مصانع محطات التوليد الكهربائية والمصافي والإسمنت وإنتاج الأدوية، وأكد استعدادهم أيضا بحث احتياجات مدينة عدن من كافة المشاريع الخدمية والاستثمارية، إضافة إلى دعمها في عدد من المجالات منها تأهيل الطلاب في الجامعات الإيرانية وتوسيع قاعدة الابتعاث للطلاب اليمنيين. وفي هذا السياق كشفت مصادر حكومية لصحيفة «المدينة» السعودية عن أن السفير سيد حسين نام، زار المنطقة الحرة، الخميس، وعقد اجتماعا مع نائب رئيس المنطقة الحرة، حسن أحمد الحيد، وعدد من كوادر المنطقة الحرة. وقالت المصادر إن «السفير الإيراني ومسؤولين بالمنطقة الحرة بعدن استعرضوا في الاجتماع نشاط المنطقة الحرة وفرص الاستثمار، وكذا المشروعات القائمة فيها والتسهيلات والمزايا المقدمة للمستثمرين ومساعي المنطقة الحرة في تحقيق رؤيتها المتمثلة في تحويل مدينة عدن إلى ميناء محوري ومركز للتجارة الدولية والاستثمار وتحقيق البيئة الاستثمارية المناسبة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية». السفير الإيراني خلال لقائه مع قيادة المنطقة الحرة بعدن ويرى مراقبون أن ايران تسعى لبسط نفوذها على أهم المناطق الاستراتيجية للحركة التجارية في المنطقة تحت ذرائع، زيادة حجم الاستثمار الخارجي لليمن تحريك عجلة الاقتصاد المأزوم. وأكد هؤلاء أن طهران ستكلف الحوثيين بمهام تسهيل الطريق لها للدخول في مفاوضات جدية، وإقناع المسؤولين اليمنيين بضرورة عدم إغلاق الابواب في وجه الاستثمار الخارجي. ويقول الدكتور نجيب غلاب – أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات- إن الاستثمارات الإيرانية في اليمن لا مشكلة فيها إذا كان هدفها الربح وتشتغل بوعي رجل الاعمال، منوهاً بأن المشكلة مع إيران أن بضاعتها واستثماراتها ليست إلا مقدمة لنفوذ ديني وعسكري. وأوضح غلاب في حديث ل «الخبر» إن السلعة الإيرانية تحركها أيديولوجيا دينية تحكمها الأساطير وخيالات رجال دين تعتقد أن الاقتصاد حرب من أجل الامام الغائب الذي يعتقدون به مما يجعل الاقتصاد أداة لتنمية الحروب. ويطل خليج عدن معظم مضيق باب المندب مضيق باب المندب، وهو ممر مائي لناقلات النفط القادمة من الخليج العربي. وللحوثيين صلات وثيقة بإيران، ويقول مسؤولون يمنيون وإيرانيون إن طهران زودت الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء بأسلحة ومال وتدريب في الوقت الذي تصعد فيه طهران صراعها الإقليمي على النفوذ مع المملكة العربية السعودية. ويصف غلاب حكام طهران بأنهم أشد وطأة من الاستعمار البريطاني، لافتاً إلى أن إيران تستخدم قوى داخلية لاحتلال اليمن باسم الله ومقاومة الاستعمار، مستدركاً: «إنها صورة جديدة لاستعمار قاتل استعمار داخلي لجعل وطننا أداة دينية بأيدي الولي الفقيه .. وهي أكثر خبثا ودهاء من( موسكو) التي حكمت جنوباليمن بأدوات داخلية». ويوضح أن مشكلتنا مع الاستعمار الإيراني أنه يدخل اليمن في صراعات دائمة لن تنتهي، مضيفاً: «فالأصولية الخمينية ليس إلا قومية إيرانية غارقة في أساطيرها لاستعباد الشعوب الإيرانية وتوظيفها في تفكيك العرب وأضعافهم وتفجير حروب طائفية لإنهاك وجودنا، فالخمينية تغزو بلداننا بكل الممكنات». وأشار إلى أن طهران تستغل الضعف العربي والوعي السياسي الذي لا يفقه طبيعة الصراع ولا طموحات الملالي، معتبراً دخولها إلى اليمن بهذه الفجاجة ليس إلا مقدمة لتخريب جزيرة العرب ومحاصرتها من جنوبها. ويرى خبراء أن طهران سعت منذ دخولها حلبة التحالف مع الحوثيين إلى تزويد حلفائها بالأسلحة والعتاد إلى جانب تخصيص معسكرات تدريب تشرف عليها بنفسها، وفيها يتدرب حوثيون وانفصاليون على استخدام الأسلحة المختلفة على أيدي مدربين من الحرس الثوري الإيراني. ولا يقتصر الدعم الإيراني للحوثيين على الرغبة في تحقيق مصالح داخلية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية، بل لها أبعاد استراتيجية إقليمية تتمحور أساسا في محاولة إيران كسب ورقة ضغط جديدة في مواجهة دول الخليج.