بعد تقديم الرئيس عبد ربه منصور هادي استقالته مساء اليوم، كشف الكاتب والمحلل السياسي منير الماوري عن الغلطة الكبرى للرئيس هادي والتي سيسطرها التاريخ كالخطاء القاتل والذي يلاحق كل رئيس سابق، معتبراً أن هادي منذ اختياره لموقع الرجل الأول في البلاد ظل يحارب على جبهات متعددة ولكن بأسلحة فاسدة. وقال الماوري في حديث خاص ل «الخبر» إن «هادي لم يتلق الضربات من خصومه كما يتصور البعض بل جاءته الطعنات من معاونيه الذين اختارهم لتسيير دفة الأمور، فكشروا أنياب انتهازيتهم»، مؤكداً أنهم لم يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية والفرصة النادرة التي أتيحت لهم لإنقاذ الوطن من براثن التقسيم والتشظي. وأضاف: «إذا كان في تاريخ كل رئيس من رؤساء اليمن بل كل رئيس في العالم خطأ واحد يسمى بالخطأ القاتل أو الغلطة الكبرى فإن الرئيس هادي سوف يدون التاريخ في سجله غلطة كبرى رئيسية وبجانبها ثلاثة أخطاء تبدو صغيرة مقارنة بالغلطة الكبرى لكنها كانت كافية لتدمير دول عظمى وليس دول هشة مثل اليمن فقط». وأشار إلى أن الغلطة الكبرى تمثلت في تمسكه بوزير دفاع يفتقد لأبسط القدرات إن لم يكن متخلف عقليا، مضيفاً: «حيث اكتشفنا لاحقا أن فاسدا صغيرا من تجار دائرة المشتريات في وزارة الدفاع وكان يعمل رسميا مديرا لعلاقات الوزير الكارثة وهو الذي قاد هذا الوزير بسلالية بغيضة إلى حضيرة الخيانة التي انتهت بتقطيع أوصال الجيش وقتل كرامة ضباط وجنود القوات المسلحة اليمنية وإهانة العسكرية اليمنية برمتها». وأوضح بالقول: «كنا حينها نعتقد مثلما كان الرئيس يعتقد أن وزيره المخلص يعيد هيكلة الجيش فإذا بنا نكتشف أنه كان يعيد هيكلة نصائح الخبراء العسكريين الأردنيين لينفذ العكس تماما مما ورد في توصيات الأشقاء الأفاضل الذين كان يهمهم إعادة بناء الجيش وليس تدميره». وواصل الماوري حديثه قائلاً: «أما الأخطاء الفرعية للرئيس هادي فيؤسفني أني شخصيا ساهمت بدون قصد ضمن من ساهم في جر الرئيس إلى ارتكاب أحد هذه الأخطاء وهو تعيين نصر طه مصطفى في موقع مدير مكتب الرئاسة، حيث كنت أول من نصح الرئيس بذلك ظنا مني أن ضمير الرجل على بلاده وليس على أولاده وأحفاده فقط ولكن خاب ظني مثلما خاب ظن الرئيس واستمر الفساد في مكتب الرئاسة وغابت الرؤية المتوقعة من المكتب لرسم استراتيجية عمل للرئيس بعيدا عن الفضائح التي سئمناها». وأردف: «قد يستهجن البعض ما سأقوله هنا ولكني على قناعة تامة بأن منصب مدير مكتب الرئاسة أهم وأخطر من منصب رئيس الجمهورية ذاته. فرغم ما عرف عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح من فوضوية وعبث وممارسات رعناء إلا أن مدير مكتبه المرتب والدقيق في رؤيته والاستراتيجي علي محمد الآنسي استطاع أن يبني لصالح دولة من العدم ويمدد في حكمه عقدا بعد آخر»، مستدركاً: «وبعد الخطأ الكارثي في تعيين نصر طه مصطفى جاء الخطأ الأقل كارثية ولكنه أقوى أثرا على الرئيس هادي وهو اختيار أحمد بن مبارك الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير ويتحمل مسؤولية اختياره لموقع خطير لم يكن أهلا له المبعوث الأممي جمال بن عمر الذي استغل بن مبارك علاقته به ليوهم الرئيس هادي وقادة أحزاب اليمن أنه رجل أمريكا في اليمن بديلا عن الإرياني في حين أن أمريكا لم تكن بحاجة لبن مبارك ولا لأمثاله مادام أن هادي ذاته بحاجة إلى أمريكا». وأضاف الماوري: «وهناك من يقول أن خلافات شخصية لي مع نصر طه وبن مبارك أو حتى محمد ناصر أحمد كانت وراء انتقادي لهؤلاء والحقيقة أن العكس هو الصحيح إذ أن وزير الدفاع أكثر من قدم لي خدمات أثناء وجودي في اليمن على الصعيد الشخصي وكان في منتهى الكرم معي كما أن نصر طه كان له أفضال شخصية علي مثلما كان بن مبارك في منتهى الأخلاق والدماثة في تعامله معي ولكني لا أتحدث عن شخصي بل كنت أتوقع المصير الذي أوصلت بلادي إليه أفعال هؤلاء، وإذا ما كان هناك أي أسى شخصي من جانبهم فقد كان بسبب موقفي من توجهاتهم ولم يكن سابقا لذلك فقد كانت الصداقة هي السائدة ولكن الصداقة أو العداء الشخصي لم ولن يكون يوما ما منبعا لتحليلاتي السياسية فأنا لا أعرف أحد عندما أدلي برأيي. ويتأذى من ذلك من أعرفهم أكثر ممن لا أعرفهم لأني أشاهد أخطاءهم بأم عيني ولا أردد في كشفها». واستشهد الماوري بالقول: «وما عرفتموه من التسجيل الذي بثته قناة المسيرة عن أساليب بن مبارك كنت قد تحدثت به علنا وكتبته مرارا وكان غالبية المعلقين يتهمني بالاستهداف الشخصي دون وجه حق». وعن الخطأ الكارثي الثالث يرى الماوري أنه «الموافقة على اختيار رئيس حكومة انفصالي لا يؤمن بانفصال جنوباليمن عن شماله وانما يؤمن بما يؤمن به رجل الأعمال الذي قدمه للسياسة عبدالله بقشان الذي يؤمن بحضرموت كيانا منفصلا عاصمته المكلا. وأعتقد أن من حق بقشان أن يؤمن بما يشاء بما في ذلك حق انفصال حضرموت عن اليمن ولكن ليس من حقه أن يفرض على اليمن رئيس وزراء لا يؤمن بكيان اليمن الموحد». ومضى قائلاً: «من هنا أستطيع أن أقول الرئيس هادي كان يحارب بأسلحة فاسدة وذخائر فاسدة مثلما حارب قادة الجيوش العربية في فلسطين عام 1948، ومن الذخائر الفاسدة التي حارب بها هادي عشرات الأشخاص الذين عينهم في المؤسسات السيادية، وفي السلك الدبلوماسي من أمثال محمد الحاوري وفيصل مكرم وقافلة طويلة من أمثالهما. ولو أن الرئيس هادي خاض المعركة برجال اشداء من ذوي الضمير لتمكن من بناء دولة بدلا من تدمير ما تبقى منها». وختم الماوري حديثه ل «الخبر» قائلاً: «وهذا هو تقييمي للرجل الذي سيظل في نظري عظيما ومخلصا لبلده وليس خائنا كما يصوره البعض»