أربعة تحديات اقتصادية تشمل اعتماد اقتصاد السعودية على النفط والغاز وتراجع أسعار النفط وزيادة نسبة الشباب مقارنة بعدد السكان والمزايا الاقتصادية التي يحصل عليها المواطنون، تنتقل إلى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، حسب رصد أجرته وكالة الأناضول اليوم السبت. وفي أعقاب وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمس الجمعة، أعلن الديوان الملكي مبايعته الأمير سلمان بن عبدالعزيز (79 عاما) ولي العهد، ملكا للبلاد، وقال إن الملك سلمان بن عبدالعزيز يدعو إلى مبايعة الأمير مقرن (69 عاما) وليا للعهد. التحدي الأول، اعتماد اقتصاد المملكة على النفط والغاز ليمثل نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يتعين عليها التوجه سريعا نحو تنويع مصادر الدخل الاقتصادي، الأمر الذي أوصى به صندوق النقد الدولي السعودية وغيرها من الدول الخليجية.، وفق رصد الأناضول. وقال ستيفن هيرتوج، المحاضر في كلية لندن للاقتصاد والمتخصص في الاقتصاد السياسي للخليج إن السعودية بحاجة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية لأنه في المستوى الحالي للإنفاق ستواجه عجزا هيكليا. التحدي الثاني يتمثل في تراجع أسعار النفط بنحو 60% منذ الصيف، حيث تشكل الإيرادات النفطية أكثر من 90% من إيرادات الموازنة السعودية لكونها أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم بنحو 7.6 مليون برميل يوميا، كما أن إنتاجها من النفط يقترب من 10 ملايين برميل يوميا، وطاقتها الاستيعابية بحدود 12.5 مليون برميل نفط يوميا، حسب الرصد التي أجرته وكالة الأناضول. ويحد انخفاض أسعار النفط من قدرة الملك السعودي الجديد على المناورة خلال المدى الطويل، حيث تعتمد المملكة على عائدات النفط لتمويل ميزانيتها التوسعية، والتي تغطي المدفوعات السخية لأعضاء العائلة المالكة، فضلا عن الامتيازات مثل الوقود المدعوم وأعداد كبيرة من فرص العمل في القطاع العام للسعوديين العاديين. ويؤدي تراجع أسعار النفط إلى تقليل مرونة السعودية للحفاظ على مستويات الإنفاق في الداخل والتأثير في سياساتها بالخارج، رغم أن لديها احتياطي من النقد الأجنبي بنحو 737.7 مليار دولار. وتوقع صندوق النقد أن تسجل السعودية عجزا في الموازنة بنسبة 10.1% في العام الجاري مقابل فائض 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، بسبب تراجع أسعار النفط. وتراجعت أسعار النفط إلى دون 50 دولارا للبرميل، أقل مما تحتاجه المملكة لإحداث تعادل في الموازنة، وهو 89 دولارا للبرميل، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. التحدي الثالث، يتمثل في مثل المزايا الاقتصادية التي يحصل عليها السعوديون حيث بدأت المملكة في رفع إنفاقها الحكومي بعد ثورات الربيع العربي، فزادت خلال عام 2011 بنسبة 26% إلى 827 مليار ريال مقابل 654 مليار ريال في عام 2010، وزادت هذا الإنفاق ليصل إلى 860 مليار ريال لموازنة عام 2015. ويذهب نصف النفقات العامة للأجور والبدلات، ولذا فإن أي خطوة لتخفيضها يهدد بإثارة الاستياء لدى المواطنين ويقضي على النوايا الحسنة التي أحدثها الإنفاق الإضافي الذي أقره الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز بعد اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2011. وتوقع غانم نسيبة وهو محلل كبير فى مؤسسة "كورنرستون جلوبال"، شركة استشارات لدراسة المخاطر السياسية ومعنية بالشرق الأوسط ألا يقدم النظام السعودي على تقليص المزايا الاقتصادية التي أقرها الملك الراحل في المستقبل القريب. ولكون السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في أوبك واحدة من أكبر المنتجين في العالم، فلديها القدرة على خفض الانتاج بشكل كبير في محاولة لرفع الأسعار، ولكنها لم تظهر الاستعداد للقيام بذلك حاليا، حيث تفضل الحفاظ على حصتها في السوق والضغط على المنتجين الذين يدفعون تكلفة مرتفعة بدلا من أن خفض إنتاجها. التحدي الرابع، تزايد عدد السكان من الشباب الذي يشكل ضغطا على الأسرة الحاكمة لبذل المزيد من الجهد لخلق الوظائف ذات المرتبات المجزية في البلاد.ويمثل الشباب دون 25 عاما نحو سكان المملكة البالغ 29.37 مليون نسمة في عام 2014 وفقا لتقديرات البنك الدولي. ولمواجهة هذا التحدي، يتعين على السعودية أن تمهد الطريق أمام شركات القطاع الخاص لجذب المواطنين للعمل بها، بينما يعمل أكثر من ثلثي السعوديين في القطاع الحكومي. ويهمين غير السعوديين على القطاع الخاص، لذا حاول الملك الراحل عبد الله تحويل هذه الدينامية من خلال فرض نظام الحصص الذي يجبر شركات القطاع الخاص على توظيف السعوديين ومن خلال التغييرات في قوانين العمل في عام 2013 التي منعت الأجانب من إدارة الأعمال بشكل مستقل عن الكفيل المحلي. وقال غانم نسيبة إن الملك سلمان ليس لديه منهج مختلف بشكل ملحوظ في الاقتصاد عن سلفه عبد الله، لكنه سوف يضطر للتعامل مع الحقائق الاقتصادية المتغيرة، مثل انخفاض أسعار النفط". وعلى الرغم من ذلك، قال صندوق النقد الدولي في يونيو حزيران الماضي إن الحوافز والفرص بالنسبة للسعوديين للمشاركة في القطاع الخاص لا تزال منخفضة نظرا لارتفاع الأجور والمزايا المتاحة في القطاع العام، موضحا أن التحرك نحو اقتصاد متنوع "يتطلب على الأرجح تغيير هيكل هذه الحوافز.