كتب المعلق سايمون تيسدال في صحيفة "الغارديان"، عن مخاطر استعداد الأردن لتحرير سجينة متهمة بقتل العديد من المدنيين، مقابل الإفراج عن الطيار الأردني الرهينة لدى الدولة الإسلامية. ويرى الكاتب أن تحركًا كهذا سيثير رعب الكثير من الحكومات الغربية والدبلوماسيين والسياسيين، ولكن لو حدثت عملية التبادل، فستلقى ترحيبًا في معظم أنحاء الشرق الأوسط. ويشير التقرير إلى أن عمليات الاختطاف وتبادل الرهائن معروفة في محاور الحرب في المنطقة، وهو ما كان عليه الحال في أوروبا في العصور الوسطى، بل إن البابا ذاته وقع ضحية للاختطاف، وكان البابا ليو التاسع مثالًا واضحًا على ذلك، ووقع الكثير من الأمراء رهائن، وتعد الرهينة "عملة صعبة" وورقة مساومة، وعادة ما تكون ثمينة وهي حية وليست وهي ميتة. ويستدرك تيسدال بأن منطق الدولة الإسلامية للخطف مختلف بعدة طرق مهمة، فاستعداد الدولة لإعدام رهائنها بطريقة مروعة أضاف بعدًا آخر إلى سمعتها السيئة، وإلى الخوف الذي تزرعه في القلوب، والاحترام الذي تحظى به عندما تفرج عنهم، وهي تفاوض من موقع قوة. وتجد الصحيفة أنه بناء على هذا، فإن الحديث عن عقد صفقة يعد معارضًا لمواقف القادة الغربيين، الذين يعتقدون أن عملية الخطف وحجز رهائن هي فعل غير شرعي، والاستجابة لمطالب الخاطفين عبر التفاوض معهم لا يمكن التسامح معها في أي ظرف من الظروف. ويذكر الكاتب أن هذا الموقف تتبناه الولاياتالمتحدةوبريطانيا، اللتان لا تستبعدان المفاوضات، ولكنهما ترفضان تقديم تنازلات، ما يعني أن أي حديث مع الخاطفين يعد بلا قيمة. ويضيف تيسدال أنه عندما دفعت الحكومة الإيطالية والدول الأوروبية أموال فدية، مهما كانت طبيعتها، لتحرير رهائنها، فقد اتهمت بتشجيع عمليات اختطاف أكثر. ويلفت التقرير إلى أنه بالرغم من المواقف المتشددة من الولاياتالمتحدة، إلا أن الأخيرة ناقضت نفسها العام الماضي، عندما وافقت على الإفراج عن خمسة من معتقلي طالبان من سجن غوانتنامو، مقابل إفراج طالبان عن بوي بيرغال، الذي اختطفته الحركة في أفغانستان، وكان قرار الإدارة الأمريكية مثيرًا للجدل. وتنقل الصحيفة عن السيناتور الأمريكي مايك روجرز، وصفه القرار بأنه "تحول جوهري في السياسة الأمريكية، ويعطي إشارة للمسلحين في أنحاء العالم كله حوافز كبيرة لاختطاف الأمريكيين"، مضيفًا أن القرار "سيهدد حياة الجنود الأمريكيين لسنوات قادمة". ويبين الكاتب أن الازدواجية تبدو أعمق من هذا، فإن نقاد الإدارة يرون أن اعتقال مشتبه بتورطهم في أعمال مسلحة، ولسنوات في معتقل غوانتنامو دون محاكمتهم أو توجيه اتهامات لهم، لا يختلف عن اختطاف الجنود في المعارك، الأمر الذي أثار دهشة الذين يشجبون التفاوض للإفراج عن الرهائن، ويقولون: إنهم يتمسكون بالقانون. ويفيد التقرير بأن الحكومة اليابانية تجد نفسها وسط هذا الانقسام المؤلم، فهي تحاول تحرير الرهينة، وإن كان تحرير الرهينة المتبقي كينجي غوتو سيكون جزءًا من صفقة التبادل مع الدولة الإسلامية. فقد عقدت اليابان في الماضي صفقات لتحرير رهائنها، ومع ذلك فهي رفضت التنازل عندما داهمت جماعة يسارية سفارتها في العاصمة البيروفية "ليما" عام 1996. ويعتقد تيسدال أن رئيس الوزراء الياباني اليميني شينزو آبي يميل إلى الموقف غير المتسامح، الذي تتبناه كل من بريطانياوالولاياتالمتحدة، ويقول الدبلوماسيون اليابانيون: إن الرأي العام منقسم حول القضية، فهناك من يقول: إن اللوم يقع على غوتو، لأنه سافر إلى سوريا في المقام الأول، فيما يراه آخرون رجلًا شجاعًا. وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت نفسه ترك آبي في وضع لا يحسد عليه، يرغي ويزبد، فقد شجب شريط الفيديو الذي ظهر فيه غوتو، ووصفه بأنه "خسيس". ويورد التقرير أن مدير طاقم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، جوناثان باول، ذكر في كتاب له أن الحكومات تجد نفسها في وضع تجبر فيه على التفاوض مع المسلحين. وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن باول يرى أنه من الأفضل فتح خطوط الاتصالات، والبدء بالحديث عاجلًا وليس آجلًا، فمن خلال هذه الاتصالات تكون بداية المفاوضات لحل سلمي، ونزع الأسلحة والإفراج عن السجناء، كما حدث في إيرلندا الشمالية، عندما قررت حكومة بلير التحاور مباشرة مع الجيش الإيرلندي الحر.