حرمت من الدراسة بتهمة ترددها على منزل مشبوه تقرير طبي يشير إلى تعرضها للاعتداء الجسدي أثناء احتجازها في قسم الشرطة اخصائية اجتماعية اعترفت بأنها وجهت لها «لطمة» ومكتب الشئون القانونية ينفي تعرضها للإعتداء إدارة المدرسة تعدت صلاحياتها وانتهكت القانون حين فصلها وعدم قبول قرارات النيابة محامي الطفلة: عام التعليم في اليمن يحرم طفلة من التعليم تم ايقافها عن الدراسة وتم تجاهل قرارات النيابة بإعادتها «كنت مفجوعة وخايفة وما اتكلمش ولا حاجة ولا آكل، لمن يكلموني أقلهم ولاحاجة» هكذا وصفت الطفلة مريم بسام رشاد حالتها حين تم اقتيادها إلى قسم الشرطة. بلهجتها العامية تحدثت عن خوفها الذي رافقها منذ الاعتداء عليها في منزل جارهم حتى وصولها إلى القسم وليس انتهاء باستلامها من أمها، قالت إن الخوف سيطر عليها لأيام عديدة ومازالت تتذكر كيف ارتداها الخوف حين انتهك طفولتها رجال الأمن مرة، وإدارة المدرسة مرة أخرى. * انتهاك جسدي «مريم» الطالبة في الصف السادس الابتدائي؛ اعتادت أن تأخذ مصروفها المدرسي من جيرانهم – بحسب المحامي أكرم المسني- وتدرس مريم في مدرسة «الأنصار» غير البعيدة عن حيّها الكائن في محافظة الحديدة. في صباح السابع عشر من نوفمبر المنصرم فوجئت الطفلة مريم بطقم عسكري يتبع شرطة «السلخانة» بمعية مديرة مدرستها ومدرستين وعاقل حارة أخرى مختلف عن عاقل حارتهم، قاموا باقتياد طفولتها إلى قسم الشرطة منتهكين للقانون الذي لا يسمح باحتجاز أي طفل (حدث) في أي قسم شرطة. تم اعتقالها ساعتين، تعرضت خلالها للاعتداء الجسدي كما يشير تقرير طبي صادر عن مستشفى الشهيد العلفي العام بتاريخ 18 نوفمبر 2014 والذي قال إنها «تعاني من تورم بسيط في أعلى الأنف مع اسوداد واخضرار بسيط بجانب العين اليسرى وتورم بسيط في فروة الرأس من الجانب الأيمن». 13 عامًا هو عمرها الذي لم يكن كافيًا لتحمّل ما أورده التقرير ليتم تسجيل حادثة انتهاك جسدي بحق الطفلة التي لم تعلم لما تم اقتيادها إلا من خلال التحقيقات. * انتهاك أخلاقي عرفت «مريم» أنه تم الامساك بها بتهمة ترددها على بيت جارهم الذين قالوا إنه منزل «مشبوه» وحضرت والدتها لاستلامها بعد احتجازها في القسم لساعتين، وعلى ضوء هذه التهمة تم ايقافها عن الدراسة من قبل مديرة المدرسة ما اضطر بوالدها -الموظف الصغير في شركة ملاحية- تقديم شكوى ضد مديرة المدرسة قام برفعها إلى إدارة الرقابة والمراجعة الداخلية التابع لمكتب التربية والتعليم. نزلت لجنة خاصة من الإدارة وقالت في تقريرها الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 2014 قيام إدارة المدرسة بناء على معلومات واردة إليها من مصادر خاصة رفضت الافصاح عنها؛ بوجود الطالبة في أحد المنازل المشبوهة فاستدعت العاقل وذهبوا إلى قسم شرطة السلخانة وتوجهوا إلى المنزل ودخلوا إليه وقاموا بتفتيشه ووجدوا الطالبة فتم أخذها إلى القسم واحتجازها حتى وصلت أمها لاستلامها بعد توقيعها على أوراق لا تعرف ماهيتها لكونها لا تقرأ ولا تكتب. تقرير الرقابة والمراجعة وجاء في التقرير: «إن الاخصائية الاجتماعية كانت مترددة من مشروعية هذا الإجراء وأنها قامت بإلباسها البالطو ولطمها، مشيرًا إن إدارة المدرسة تؤكد على سلامة النوايا والحرص على مصلحة الطالبات وأنها قامت بذلك لما يتحتم عليها الواجب ومصلحة الطالبات». التقرير وصف تصرّف المدرسة ب «اللامسؤول»، وأكد على عدم صحة وسلامة جميع الاجراءات التي قال إنها «تجاوزت مهامها واختصاصها وصلاحيتها المنوطة بها وعدم المسئولية واللامبالاة من خلال تعريض حياتها وحياة العاملين بالمدرسة للخطر في حال كان هناك ردود فعل لعملية دخول المنزل». قال أيضًا إن «المدرسة عرّضت حياة مريم للخطر من خلال التصرف بناء على معلومات لا يُعرف مدى صحتها وليست من صلاحيتها وما قد يمثله ذلك من تهديد في مجتمع لا يقبل النقاش في قضايا الشرف، وأوصى التقرير بإيقاف المديرة عن العمل وتكليف قائم بالعمل حتى انتهاء التحقيقات وإحالة إدارة المدرسة إلى الشئون القانونية لاتخاذ الاجراءات القانونية في المخالفات والإحالة إلى النيابة العامة في الحق الشخصي والجنائي إن ثبت، كما أوصى بإعادة الطالبة إلى الدراسة في أسرع ما يمكن». تقرير الرقابة والمراجعة (2) * انتهاك قانوني محامي الطفلة أكرم المسني أكد حدوث تجاوز مهام واختصاصات فاللائحة التنظيمية المدرسية تنص على حل أي مشكلة داخل المدرسة ولا تعطي الحق في فصل أي طالب أو حبسه فهناك اجراءات قانونية يتم اتخاذها كإبلاغ النيابة ثم التحقيق ناهيك عن أن الطالبة مازالت طفلة وعمرها 13 سنة. وأكد المسني أن الطالبة ليس عليها أي مشكلة داخل المدرسة أو خارجها ولكن «ما يحدث هو تعنت من المديرة ضد طفلة ثبت أنه لا يوجد عليها أي مشكلة»، مشيرًا إلى أن الموضوع برمته عبارة عن فساد إداري من خلال استغلال وظيفة. وأوضح أن مهام المدرسة يكون في إطارها فقط وليس لها أي اختصاص خارج إطار المدرسة، لافتا إلى أنه «كان الأحرى بالمدرسة ابلاغ الاخصائية الاجتماعية لاستدعاء ولي الأمر وحل المشكلة داخل المدرسة التي تم بنائها لتعليم الطلاب وليس لعقابهم». وأضاف: إنه «من خلال الاطلاع على الوثائق فلا وجود لأي قضية ضد الطالبة وكل ما ذكر في صالحها سيما أنها تعرضت للاعتداء والاعتقال وتشويه سمعتها وطعن في عرضها وانتهكت طفولتها وتم ايقافها عن التحصيل العلمي في العام الذي تم إقراره بأنه عام التعليم في اليمن». وقال: «هذا انتهاك بسيط للتعليم بحرمان طفلة من التعليم والمطلوب إعادتها للتعليم ولا يوجد أي قانون يحرمها من التعليم» مضيفاً: «قانون الاجراءات الجزائية يقول أن أي انتهاك من موظف عام يجري التحقيق فيه يحال إلى النيابة مباشرة للتحقيق معه والمفترض تحويل المديرة إلى النيابة لكن الذي حدث هو تدخل الشئون القانونية لحماية الفاسدين وحرمان الطالبة من التعليم». * تلاعب بالقضية اجتماعات عدة تم عقدها في إدارة المدرسة حتى 10 ديسمبر 2014 قضت بعدم القبول بعودة مريم بأي شكل من الأشكال ولكن في 16 ديسمبر 2014 أرسل مكتب التربية والتعليم بالمحافظة مذكرة لمدير إدارة التربية والتعليم بمديرية «الحالي» أخبره فيها بإبلاغ مديرة المدرسة بإعادة مريم إلى الدراسة فورًا وبصورة عاجلة وعدم قبول أي مبرر لرفض عودتها مع وقف جميع حملات التحريض والتشهير ضدها. مذكرة مكتب التربية بإعادة الطفلة للدراسة ويقول محامي الطفلة إنه «تم سحب القضية من الرقابة والمراجعة وتدخلت إدارة الشئون القانونية بمحض إرادتها دون أن تتسلم أي شكوى، فقط تدخلت لحماية المديرة وإدارة المدرسة، وطلب من إدارة المدرسة إصدار قرارات وعلى ضوئها عمل على إصدار قرار إيقاف». ويضيف: إن «مكتب الشئون القانونية لم يجري أي تحقيقات مع أهل الطالبة وما حدث هو اعتماد تقارير المدرسة وإصدار مذكرة إيقاف بحق الطالبة والطلب من والد الطالبة تربية ابنته وتجنيبها أي شكل من أشكال العنف المادي وهذا ما أكده قرار إداري رقم (58) صادر عن الإدارة القانونية في 28 من ذات الشهر الذي قرر عدم ثبوت دعوى الطالبة ضد المدرسة بتعرضها للضرب واعتماد ايقافها بناء على اجتماعات المدرسة». أم مريم أكدت أن إدارة الرقابة والمتابعة حققت معهم ولكن الإدارة القانونية لم تجري أي تحقيق معهم، وهذا ما أكده والد الطفلة مستغربًا من طريقة تعاملهم مع القضية وتحيزهم مع طرف المدرسة ودفاعهم عن مخالفاتها وانتهاكاتها تجاه طفلتهم. والدها أوضح «أنه بعد تقرير لجنة الرقابة قام أعضاء اللجنة والمديرة مع المدرسات بزيارتهم صباحًا إلى حارتهم واعتذروا عما حدث ومعهم «كبش» واتفقوا أنهم سيذهبوا صبيحة اليوم التالي إلى المدرسة لتعتذر المديرة أمام الطالبات بحدوث خطأ، لكنه فوجئ اليوم التالي بتنصل المديرة وتنكرها ورفضها تقديم الإعتذار»، وأكد بأنها ألقت ملف مريم أرضًا وقالت «إن سمعتنا سيئة ولن تقبل ابنتي داخل المدرسة». وطالب بضبط المديرة والمدرسات حتى لا تتكرر قصص مماثلة ورد اعتبار ابنته على تشويه سمعتها وارجاعها للمدرسة معززة مكرمة. وفي 19 يناير من هذا العام أرسلت نيابة الأموال العامة رسالة إلى مدير إدارة التربية والتعليم بمديرية «الحالي» قررت فيها إعادة «مريم» إلى المدرسة وتمكينها من الالتحاق بالامتحانات بصورة عاجلة، إلا أن إدارة التربية كتبت ردا ادعت فيه أن النيابة أخطأت بمخاطبة مكتب المديرية مباشرة وقالت بأنه يجب أن تخاطب مكتب تربية المحافظة التي اعتبرته معنيًا بالدفاع عن المديرة. * مريم ملالاة اليمن سليمان عبده محمد السقاف ناشط حقوقي متبني قضية الطفلة منذ اللحظات الأولى، أطلق على مريم اسم «ملالاة اليمن» وأصبح كنيتها؛ لدفاعها الشديد عن حقها في التعليم ضد إدارة مدرسة ترفض منحها هذا الحق. كتب أول منشور له في صفحته على الفيس بوك بعد أن رأى أن قضيتها مقنعة بعد أن اطلع عليها بالصدفة من وثائق رسمية وصلت إليه، وقال: «شعرت إنها فقيرة وتسحق بأقدام الفِيلة وبحثت عن معلومات اضافية وكتبت اول منشور». تفاعل الناس مع قصتها التي كان يعرضها السقاف بشكل يومي ومتكرر فبدأت القضية تأخذ منحنى آخر وقام بعمل صفحة خاصة لاقت رواجًا سريعًا ما جعل من النيابة تتفاعل بسرعة كبيرة، هذا التفاعل لفت انتباه عدد من المؤسسات المحلية كمنظمة الشاهد التي نظمت حملة الدعم الحقوقي لنضالاتها والتي وصفتها بأنها «المدافعة عن شرفها وحقها في التعليم». ذلك التفاعل وتلك الرغبة المستميتة من «مريم» في مواصلة التعليم تكلل بتكريمها لشجاعاتها في للدفاع عن الطفولة والعلم فقد حصلت الخميس 5 فبراير 2015 على وسام الحرية من المركز الوطني للتنمية وحقوق الانسان ووسام الحقوق والحريات من نادي الحسام للإبداع الرياضي والشبابي الكائن في تعز وشهادة تقدير من منظمة مساواة ولجنة الحقوق والحريات في نقابة المحامين.