ساد في أوروبا قديما اعتقاد بالاتفاق مع الشيطان في أي عقد لصفقة، وذلك أن يبيع شخص نفسه للشيطان مقابل تحقيق رغبة له كالنفوذ أو السلطة أو الثروة أو الشهرة أو ما شابه ذلك من أحلام. ولكن حديثنا هنا عن الموسيقيين الذين عقدوا صفقات مع الشيطان، مقابل الاحتراف والشهرة. نيكولا باغانيني عازف كمان إيطالي، من أبرز عازفي الكمان في عالم الموسيقى، بدأ تعلم العزف على المندولين وهو في الخامسة من عمره، وفي عمر السابعة بدأ بالتأليف الموسيقي.. من أشهر أعماله "La Streghe" أي الراقصات الساحرات، ومن شدة روعة هذه المعزوفة اتهمه البعض بأنه عقد اتفاقاً مع الشيطان بهدف تعليمه العزف، فأداءه كان خارقاُ لدرجة أن هناك من زعموا أنهم رأوا الشيطان بالفعل وهو يساعده أثناء العزف!. ولهذا السبب كان منبوذاً من قبل الكنيسة فحرمته الصلوات الأخيرة التي تقام على المريض قبل الموت بفترة وجيزة، وبعد موته رفضت دفنه في مقابر الكاثوليك في جنوة، حتى تم دفن رفاته في مقبرة في بارما عام 1876. رقصة الساحرات روبرت جونسون يعتبر روبرت جونسون من أوائل عازفي موسيقى البلوز، أسلوبه المميز في العزف على الجيتار، أضاف الكثير لعالم الموسيقى، حيث لا زال يصنف حتى الآن في المرتبة الخامسة بقائمة مجلة (Rolling Stone) لأعظم مائة عازف غيتار على الإطلاق. بدأ بالعزف والغناء في الأزقة والشوارع، ورغم كونه أيقونة في موسيقى البلوز حالياً، إلا أنه لم يحظ بهذا النجاح الباهر في حياته، فكانت حياته كما موسيقاه كئيبة وتعيسة، فقد لقي حتفه مسموماً في ظروف غامضة، حتى أن مكان دفنه مجهولا حتى الآن. وعن عقده صفقة مع الشيطان، هناك أسطورة قديمة تؤكد ذلك، حيث كانت لديه رغبة جامحة في أن يصبح مشهوراً، وكان يحلم بأن يتقن العزف والغناء، وفي يوم أتاه الأمر بأن يأخذ آلة الجيتار الخاصة به، ويذهب إلى ملتقى الطرق بولاية المسيسيبي عند منتصف الليل، حيث كانت هذه المنطقة آنذاك ساحة عالمية لإجراء الصفقات مع الشياطين، وبالفعل ذهب وهناك التقى بشخص ضخم أسود، إنه الشيطان الذي علّمه وجعله بارعاً في العزف على الجيتار. أنا والشيطان غوسيبي تارتيني عازف كمان وملحن إيطالي، من كبار المؤلفين الموسيقيين في القرن الثامن عشر، له أكثر من 400 عمل موسيقي، وعلى عكس معاصريه لم يهتم تارتيني بالموسيقى الكنسية، فقد كانت معظم أعماله عزف منفرد على آلة الكمان وسوناتات، من أشهرها معزوفة الشيطان والتي يزعم تارتيني أن الشيطان وراء هذه المعزوفة الخرافية . وذلك عندما حلم بأنه أقام عهداً مع الشيطان، وباع نفسه للشيطان الذي عرف كل أمنياته، وبعد انتهائه من الحديث مع الشيطان أعطاه آلة الكمان ليرى إن كان بإمكانه العزف، حينها أبهره ببراعته التي فاقت الوصف وحبست أنفاس تارتيني على حد قوله . وعندما استيقظ تارتيني قام بتدوين ما تذكره من السوناتا التي عزفها الشيطان، وعلى الرغم من انبهار جمهوره بها، إلا أنه عبر عن أسفه قائلاً ان ما عزفه بعيداً تماماً عما كان في الحلم، كما كتب في مذكراته: (إن هذا العزف وضيع جداً بالنسبة لما سمعته، وددت لو أحطم الكمان وأودع الموسيقى للأبد). بالتأكيد هذه القصة اختلقها تارتيني لجذب الجمهور إليه، ولكن هذه المعزوفة بالذات لم تكن بحاجة لمثل هذه الأساليب.. فهي مذهلة وحدها دون إضفاء هذه الخرافات عليها . راقية وأنيقة ومدهشة إلى الحد الذي تصدق فيه؛ أن ثمة قوى خارقة تدخلت بالأمر، يستحيل أن تكون من تأليف بشر عادي مثلنا، إن كانت هذه القوة الخارقة هي الشيطان فهو مرهف الحس بلا شك!. هزة الشيطان