يخشى اليمنيون من تطور المسار الأمني في بلدهم بعد فرار الرئيس عبد ربه منصور هادي من قبضة الميليشيات الحوثية إلى عدن، فوجود الرئيس هادي في عدن ومن ثم إعلانه سحب استقالته، وأن صنعاء محتلة من قبل الميليشيات التي نفذت انقلاباً بقوة السلاح على السلطة الشرعية، شكل منعطفاً هاماً في مسار المشهد اليمني. فكانت ردة فعل الحوثيين «بأن شرعية هادي باتت من الماضي» واتخذت مزيداً من الاجراءات الأمنية لإحكام قبضتها على المؤسسات الشرعية في صنعاء، كما حصلت على دعم علني من إيران.. وفي هذا الإطار يلاحظ تمسك الرئيس هادي بوحدة اليمن، ولم يجار القوى الانفصالية في الجنوب (الحراك الجنوبي) في ما نشطت من أجله خلال السنوات الماضية باتجاه انفصال الجنوب عن الشمال، هذا مع العلم أن الرئيس هادي من الجنوب، وساهم في قمع انتفاضة الجنوب عام 1994 التي قادها الرئيس السابق للجنوب علي سالم البيض، فالرئيس هادي وقتها كان وزيراً للدفاع، وإلى جانب الرئيس السابق علي عبد الله صالح. يرى مصدر يمني أن «الحراك الجنوبي» تأثر سلباً بعد عودة الرئيس هادي كرئيس شرعي لليمن الموحد إلى عدن، الذي أكد في أول إعلان له من عدن على وحدة اليمن ووحدة المؤسسات الشرعية. ورأى أن «الحراك الجنوبي» بعد استقرار الرئيس هادي في عدن باتت حركته «مقيدة»، رغم النشاط الذي يبذله الرئيس السابق علي سالم البيض بقدراته المالية مع العاطلين عن العمل ومع بعض «فلول» أنصار النظام السابق في الجنوب. فالحراك الجنوبي خليط من مجموعات قبلية، سياسية وشخصيات، لا يجمعهم «أجندة» واحدة، فمنهم من يطالب بتصحيح الأوضاع الخاصة بالجنوبيين، ومنها: إعادة الموظفين إلى أعمالهم ووظائفهم في الدولة التي فصلوا منها تعسفاً بعد حرب 1994 التي انتصر فيها الشمال على الجنوب لصالح بقاء وحدة اليمن، ومنهم من يطالب بإعادة العسكريين الجنوبيين من ضباط وجنود إلى وحداتهم العسكرية التي فصلوا منها (حيث فرض التقاعد الاجباري على الكثير من الضباط بعد هذه الحرب)، ومنهم من يطالب برفع يد القبائل وغيرهم عن الأراضي الجنوبية المنهوبة من أزلام النظام السابق الذي مكنهم منها بعد حرب 1994، وكذلك يطالبون بإعادة بعض المؤسسات العامة التي باعها النظام السابق إلى أزلامه وأنصاره وهذه تعتبر أهم وأكبر المظالم. ويضيف المصدر اليمني هناك فريق داخل «الحراك الجنوبي» سياسي وقبلي يطالب بانفصال الجنوب لا تتعدّى نسبته 30 بالمائة من النشطاء في الحراك، وانه في حال ردّت هذه «المظالم» وقت الاستجابة للمطالبة فإن نسبة الانفصاليين في الجنوب ستنخفض إلى 10 بالمائة فقط. فالجنوبيون وهم الأقل عدداً من الشماليين يطالبون بالدولة العادلة، وبالمساواة في السلطة والحقوق العامة. ويذكر ان «مؤتمر الحوار الوطني» الذي ترأسه الرئيس هادي في آذار 2013، والذي شارك فيه جميع القوى السياسية والقبلية من جميع أنحاء اليمن حدّد المظالم التي لحقت بأهل الجنوب ب30 بنداً رئيسياً. فالجنوبيون والقوى السياسية والرئيس هادي يطالبون اليوم ضرورة الالتزام بتنفيذ «مخرجات» مؤتمر الحوار الوطني (عدد من شارك فيه من الأحزاب والقبائل والعسكر 565 عضواً بما فيهم الحوثيون). ان احتلال العاصمة صنعاء من قبل ميليشيا الحوثي في 21 أيلول الماضي، ومن ثم اقدام إيران على تقديم الدعم العسكري والمالي والسياسي والمستشارين للانقلابيين وضع اليمن كلّه على صفيح ساخن، ودفع به ليكون على فوهة بركان، وهذا ما يخشى منه الشعب اليمني، ومن تداعياته. لذلك يرى كثيرون ان «المبادرة الخليجية» التي تضمنت عقد «المؤتمر الوطني للحوار»، الذي أقرّ وحدد المظالم التي لحقت بالجنوب، والتي رسمت خارطة طريق إبان «ربيع اليمن» لانتقال سلمي للسلطة، ما زالت تشكّل الطريق الوحيد للقضاء على هواجس اليمنيين من تطوّر المشهد الأمني اليمني نحو الأسوأ، والسبيل لإنقاذ اليمن وتأكيد وحدته ارضاً وشعباً.