انشغل لبنان، أمس، بنشر أفلام فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مسرّبة من سجن رومية، عن عمليات تعذيب يمارسها عناصر من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي على عدد من السجناء، فضلاً عن نشر العشرات من الصور التي توثق هذه العمليات. وقد أدى ذلك، الى حالة من الغليان الشعبي في بعض المناطق، لا سيما طرابلس وعكار والبقاع، وأقدم مواطنون في شارع سوريا في التبانة، على قطع الطريق احتجاجًا. وليلاً، تحرّك عدد من المواطنين في القرى العكارية وقطعوا الطرقات بالإطارات المشتعلة، وانطلقوا في مسيرات مندّدة بالانتهاكات التي تعرض لها سجناء رومية، كما قطعت الطريق الدوليّة عند مستديرة العبدة وفي البداوي. كما اعتصم الإسلاميون بعد صلاة التراويح في ساحة عبد الحميد كرامي. كما قطعت الطرق في عدد من المناطق في البقاع وبيروت. وأقدم مجهولون على رمي قنبلتين يدويتين في كل من التبانة وطريق المعرض في طرابلس. وقطع شبان غاضبون فجر اليوم الطريق البحري لمدينة صيدا مقابل الحمام العسكري سابقًا بالإطارات المطاطيّة المشتعلة لبعض الوقت، وذلك إحتجاجًا على تعذيب الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، وفقًا للشريط المسرّب إلى مواقع التواصل الإجتماعي. وحضرت القوى الأمنيّة وقوة من الجيش اللبناني حيث عملت على إعادة فتح الطريق. وأعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أمس توقيف عنصري أمن في سجن "رومية" أكبر سجون البلاد، على خلفيّة تورطهما في تعنيف عدد من الموقوفين لفظيًا وجسديًا بطريقة وحشية، وفق ما كشفته مقاطع فيديو مسرّبة. وقال ريفي في مؤتمر صحافي إن ما نشر حول تعذيب المساجين في سجن رومية "جريمة في حق الوطنيّة والإنسانيّة"، مضيفًا "هذه الجريمة لا يمكن أن تمر من دون عقاب وتم توقيف اثنين من الفاعلين، وتعهد ريفي بمتابعة التحقيقات حتى النهاية". من جهته، أعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في بيان أمس أن مقاطع الفيديو "صوّرت في مرحلة مواجهة التمرّد الأخير في سجن رومية". وأضاف "سنتخّذ كل الإجراءات اللازمة بحق العسكريين ولن نسمح تحت أي ظرف بتعنيف السجناء". وكانت انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد تعذيب لسجناء في سجن رومية المركزي. وظهر في شريط فيديو عناصر من قوى الامن، وهم ملتحون،ينهالون بالضرب والتعذيب على عدد من المساجين بعدما جرّدوهم من ملابسهم. وقد أثارت التسجيلات حالة من الذهول والغضب لدى أهالي الموقوفين الإسلاميين، خصوصاً بعدما تبيّن أنّ من بين الذين يتمّ تعذيبهم، كلاً من وائل الصمد من الضنية، والشيخ عمر الأطرش، وقتيبة الأسعد من عكار. وهؤلاء من الموقوفين الاسلاميين. وعلى الفور أصدر الأهالي بياناً حمّلوا فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المسؤوليّة، مطالبين إياه بالإستقالة. وأوضح وزير الداخلية في بيان أن الاشرطة صُوِّرت في مرحلة مواجهة التمرد الأخير ودهم المبنى "د" في سجن رومية. وقال في مؤتمر صحافي عقده الأحد إنه سيتخذ الاجراءات القانونية في حق المتورطين. وأوضح أنه "سبق وأحال عسكريين على التحقيق، ولكن من دون الاعلان عن ذلك". وأعلن وزير العدل أشرف ريفي أن الاشرطة التي سُرّبت أكّدت كلام أهالي الموقوفين عن التعذيب في السجن، ودعا إلى تشكيل لجنة قضائية فوراً لبحث هذه الانتهاكات. وأشار الى توقيف عنصرين قيد التحقيق. واعتبر أن "التعذيب ليس من شيم اللبنانيين، أنما هو من مدرسة بشار الأسد". واعتبر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أن "المسؤولية الوزارية عمّا حصل في رومية أهم بكثير من مسؤولية عناصر أمنية قامت بالاعتداء." وسأل: "لماذا لم يتخذ وزير الداخلية الاجراء المناسب بواقعة التعذيب في رومية وترك الموضوع الى أن كشفه الاعلام؟" وكتب النائب وليد جنبلاط عبر "تويتر" أنّ "مشهد التعذيب في سجن روميه كأنه مشهد في أحد السجون السورية." واستنكرت "الجماعة الاسلامية" ما ظهر في أشرطة الفيديو، وطالبت "بإنهاء مأساة الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية من خلال محاكمتهم محاكمة عادلة وإطلاق سراح من لا تتم إدانته." كذلك، أعلن مدير مؤسسة "لايف" نبيل الحلبي أن المؤسسة "حذّرت قبل شهرين من أن عمليات تعذيب حصلت"، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق." وأشار إلى أن "المطالب لا تزال في درج أحد القضاة"، مشيراً إلى أن وزير الداخلية قال ان هذا التحذير هو "مجرد مزاعم، وليس هناك من عمليات تعذيب." واعتبر كلام المشنوق في حينه بأنه "طمس للحقيقة عن سابق تصور وتصميم." وأشار أيضا إلى أن "سجناء نقلوا من سجن رومية حتى لا يلتقوا مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر".