عندما تتوارى الأحاسيس والمعاني الروحية فى المجتمعات فهذا يعنى ان هناك خلل فى المنتج البشرى ، لأن تقسيم البشر من ناحية الإيمان بالله بين (مؤمن) بوجود الله و( منكر) لوجود الله ، وما بينهما هم كارثة الإنتاج البشرى وهم (المنافقون) . كارثة الإنتاج البشرى فى المنافقين لأن ليس لهم هوية لأن العلاقة بين المؤمنين والكفار هي علاقة واضحة يعرف فيها كل طرف منطقته ويمكن لأي منهما استخدام المنطق والدليل لجذب الآخر وكلاهما صاحب قضية واضحة من الإيمان . على الجانب الآخر نجد المنافق لا هو مؤمن ولا هو كافر إنما هو شخص مستفيد يلعب على فكرة المكاسب التي تأتيه من أي طرف فيميل إليه بمعنى أنه إنسان بلا مبادئ وفى أغلب الأحوال يمكن شراؤه بإحدى الوسائل ، فهو يبيع أي شيئ من أجل الحصول على منافعه . المنافق فى حالة من التيه النفسي ، لكن هو راغب فى هذا التيه ، وهذا التلون لأن داخله مفكك يحب الحياة وسط الأمنيات التي لا يبذل جهدا فى تحقيقها فهو بلا إرادة . بعض ممن يرتدون عباءة الدين فى كافة الديانات تجد حالهم أمام الناس منضبطا سلوكيا أما فى خلواتهم يفعلون كافة المنكرات ، أو كلما أتيح لهم فعل أشياء من دون مراقبة ، وهذا يؤكد المعنى من أن الإشكالية تقع فى أن الواقع أصبح ينتج من المنافقين أكثر مما ينتج من المؤمنين أو الكفار . حقيقة الأديان بين الإيمان والكفر تركت فيها حرية الإختيار للبشر لأن الإيمان له منهج والكفر يرفض المنهج أما النفاق فهو منتج نفسي ذاتي بلا ضوابط أو مبادئ يفسد على طرفي الإيمان والكفر كل سبل التقريب ويشيع بينهما كل أسباب التوتر والفساد . التحرر الشديد (أقصى اليسار) من الطبيعي أن يقابله تطرف شديد (أقصى اليمين) (والعكس صحيح أيضا) فهل يمكن أن نعود بهما إلى المنطق الوسط بعيدا عن النفاق المدمر . عندما تتوه وسط زحام الأفكار والتناقضات يمكن حل الإشكالية بأن يكون لديك إرادة اختيار وأن تختار بين الأقوى سواء الصحيح أو الخطأ (حسب وجهة نظرك) .