صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاء هم المنافقون
نشر في هنا حضرموت يوم 14 - 12 - 2012

حديثنا اليوم عن داء خطير وخزي كبير ومرض مستطير ما فشا في أمة إلا أفسدها وخربها وما حل في نفس إلا أذلها وسلب إيمانها فهو عار في الدنيا ونار في الآخرة إنه داء النفاق الذي هو أخطر على الإسلام من الكفر الصريح لأن الكافر معلن كفره فنحذره أما المنافق فإنه يظهر الخير ويحضر مع المسلمين في صلاتهم ويشهد تجمعاتهم ولكنه يكيد للإسلام وأهله ويعرف عورات المسلمين ومواطن ضعفهم فهم في أوساطنا وفي أعماق صفوفنا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون وربما ينفقون ويجاهدون ولكنهم يحاربون الإسلام من الداخل ويسعون إلى تدمير المسلمين في الخفاء فالكذب سبيلهم واللف والدوران طريقهم والمكر والاحتيال أداتهم يظهرون بوجهين ويتكلمون بلسانين ويمشون بين الفريقين تميل قلوبهم إلى الإسلام تارة وإلى الكفر تارة أخرى {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلو إلى شياطين الكفر وقادة الفساد ورؤوس الباطل ودعاة الفتنة { قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
إن المنافقين هم الذين يعادون المؤمنين ويتولون الكافرين ويأخذون ما سهل عليهم من الدين وما كان فيه مشقة وتعب فهم عنه متقاعسين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} وفي آية أخرى يقول { وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}.
يمكرون ويكيدون ويقولون ما لا يفعلون ويتكلمون في وقت الرخاء والسلم بما يشتهون فإذا جاء وقت العمل وحان موعد الجد والصدق يختفون ويهربون {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} أي يخافون {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً – أي مكاناً يلجئون فيه- أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا – يدخلون فيه – لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أي يسرعون {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
قلوبهم قاسية وعقولهم قاصرة ونظرتهم في الدين محدودة لا يقبلون شرع الله ولا يريدون الحكم بما أنزل الله ويحبون التحاكم إلى أنظمة البشر وقوانينهم الطاغوتية ثم بعد ذلك يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
يهاجمون منهج الإسلام وتمتلئ قلوبهم بالغيظ والحقد على دعاته الصادقين وعلمائه المخلصين وشبابه الصامدين الثابتين يلفقون عليهم الأقاويل ويتهمونهم بالأباطيل ويشمخون عليهم بأنف طويل أشداء على المسلمين رحماء بالكافرين يخدمون الكفار ويتجسسون لصالحهم ضد المسلمين ويحرضونهم على قتل المؤمنين وإعلان الحرب على المجاهدين ثم يدخلون في صفوف المسلمين فيُحدثون في صفوفهم الخلل والاضطراب ويلقون في أوساطهم الفتن والشبهات والتثبيط ويستغلون الفرص المناسبة للإيقاع بهم وصد الناس عنهم وزعزعة صفهم وتشويه سمعتهم عن طريق الكذب وتغيير الحقائق بالكلمات المعسولة والعبارات الخلابة التي ظاهرها النصيحة والشفقة وباطنها الشر والنفاق.
يتقنون المراوغة ويجيدون المداورة ويحلفون بالله أيماناً كاذبة ليصدقهم الناس وليخفوا كفرهم بتلك الأيمان يقول الله سبحانه وتعالى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.
يثبطون المسلمين ويخذلون المؤمنين ويعملون على تفكيك الصف وتفتيت القوة لأن قلوبهم مليئة باليأس من رحمة الله وانقطاع الأمل في نصر الله ولذلك يلجئون إلى الأعداء ويطلبون النصر منهم ويرون استحالة النصر عليهم ويقيسون الأمور بالجوانب الحسية والمادية فقط وينسون قوة الله سبحانه وتعالى وقدرته ونصره { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
من صفات المنافقين أنهم يعيبون المؤمنين ويسخرون من الملتزمين بالدين ويبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل ويهدرون كرامتهم من أجل أن ينالوا أغراض شخصية وحاجات دنيوية ومطامع دونية.
يشوهون ويشوشون ويسخرون ويفترون مرة بالاستهزاء ومرة بالمقالات الشوهاء والكلمات العرجاء والتصرفات الخرقاء يريدونها فتنة عمياء ويبغونها حياة عوجا ينتقدون الصادقين وينبهرون بالكافرين ويعجبون بأفكارهم ورؤاهم وفلسفاتهم السياسية والاقتصادية ويهدفون إلى إزاحة الإسلام بالكلية ويدعون الأمة إلى الأخذ بالمناهج الغربية كالعلمانية والديمقراطية والاشتراكية {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} ويقول جل جلاله {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ …} {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} ويقول سبحانه وتعالى {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} وأما عن سخريتهم بالدين واستهزاؤهم بأهله الصادقين فقد ذكر الله ذلك عنهم في آيات كثيرة {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
الخطبة الثانية:
من أعظم صفات المنافقين أنهم يحبون الفساد ويعشقون الإفساد ويحبون أن تشيع الفواحش في المجتمع وينتشر فيه المنكر فهم لا يتلاءمون إلا مع هذه الأوضاع الفاسدة ولا يستريحون إلا بالعيش في ظل الأجواء التي ينتشر فيها الفساد الإداري والأخلاقي والسياسي والاقتصادي فهم أقزام فاسدون وشراذم قاصرون وشذاذ أفاكون يعشقون حياة الفسوق والفجور والانحراف ويبغضون حياة الطهر والصلاح والعفاف لأنهم يرون في الفساد مرتعاً لهم ويعلمون أن الوضع الفاسد خير وسيلة لتحقيق مآربهم وأهدافهم.
يحبون الفساد السياسي لأنهم في ظله سيتمكنون من تطبيق المبادئ الغربية والنظريات الخارجية والأنظمة الجاهلية والاملاءات السياسية الشيطانية التي تأتيهم من إخوانهم أهل الكتاب ويفضلون العيش في ظل الأنظمة السياسية التي لا تطبق شرع الله لأنهم يعلمون أنهم تحت ظلها في مأمن من الأحكام الشرعية والعقوبات الربانية.
ويعشقون الفساد الاقتصادي حتى يفسدون ويسرقون وينهبون ويسطون على أموال الأمة ومقدرات الشعب لأنهم متيقنون أن أياديهم لن تقطع في ظل النظام الاقتصادي الفاسد.
ويحبون الفساد الاجتماعي ويستريحون بالعيش فيه ليمارسوا الفاحشة متى يشاءون ويصاحبون من الأراذل والفساق والخلان والخليلات من يهوون ويتعاطون المفسدات والمخدرات متى يريدون ولذلك تثور ثورتهم وينفجر بركان غضبهم إذا رأوا في المجتمع من يحارب هذه الرذائل بجدية ويقضي عليها بصدق وإخلاص ويصفونهم بأنهم إرهابيين ومتطرفين ومتعصبين ويُسخرون كل طاقاتهم وإمكانياتهم وبرامجهم ووسائلهم المقروءة والمسموعة والمرئية في تشويهمم وإلصاق التهم بهم وشن الحملات الرهيبة عليهم وإطلاق العبارات القبيحة الساخرة ضدهم لأنهم يعلمون أن هؤلاء الصادقين الذين يحاربون الفساد في المجتمع لن يتركوا لهم مجالاً للإفساد وممارسة الفواحش والمتاجرة بالرذائل والمخدرات ولذلك فهمهم الأول والأخير هو إبعادهم من أماكنهم وإزاحتهم من مناصبهم حتى لا يفضحوهم ويُظهروا سرائرهم وفسادهم أو يداهموا أوكارهم وبيوت ضرارهم التي يمارسون فيها المنكر ويعملون فيها الفواحش {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
عباد الله:
هؤلاء هم المنافقون وهذا هو النفاق داء خطير وشر مستطير ولذلك حذر الله منه في كثير من الآيات في القرآن الكريم وأنزل في أول سورة البقرة عشرين آية تحدث فيها عن المؤمنين في ثلاث آيات وآيتان فقط في وصف الكافرين وثلاث عشرة آية في وصف المنافقين بيّن فيها أحوالهم وكشف أسرارهم وأوضح طباعهم ونفسياتهم.
وأما في سورة الأنفال وسورة التوبة التي تسمى بسورة الفاضحة فقد فضحهم الله فيها شر فضيحة وأظهر أساليبهم وكشف خططهم ثم خصص سورة كاملة فيهم سماها سورة " المنافقون ".
كل هذا لتحذير المؤمنين منهم ومن شرهم ومكرهم وقد كان المسلمون وأهل الإيمان والبصائر يعرفونهم بصفاتهم وفلتات لسانهم والكلمات المنكرة التي تخرج من أفواههم والتصرفات الغريبة التي تصدر منهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
يقول ابن القيم رحمه الله " فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلم له قد طمسوه، وكم من لواءٍ له مرفوع قد وضعوه، … فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية ".
إنه والله مرض خطير يحتاج منا إلى يقظة دائمة وحذر مستمر فكم تسلل النفاق إلى قلوبنا وكم فينا من صفات المنافقين التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وكم من تصرفاتنا وأقوالنا وأفعالنا لو تمعناها لوجدنا أنها من صفات أهل النفاق نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.