القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    تبعات الضربة الإيرانية على إسرائيل    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    الكيان الصهيوني و «تدمير الذات» سيناريو الحرب الكبرى وعبث نتنياهو الأخير!!    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    مسؤول روسي يؤكد أن موسكو يمكنها التوسط بين "إسرائيل" وإيران لتسوية الصراع وماكرون يعلق    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاء هم المنافقون
نشر في هنا حضرموت يوم 14 - 12 - 2012

حديثنا اليوم عن داء خطير وخزي كبير ومرض مستطير ما فشا في أمة إلا أفسدها وخربها وما حل في نفس إلا أذلها وسلب إيمانها فهو عار في الدنيا ونار في الآخرة إنه داء النفاق الذي هو أخطر على الإسلام من الكفر الصريح لأن الكافر معلن كفره فنحذره أما المنافق فإنه يظهر الخير ويحضر مع المسلمين في صلاتهم ويشهد تجمعاتهم ولكنه يكيد للإسلام وأهله ويعرف عورات المسلمين ومواطن ضعفهم فهم في أوساطنا وفي أعماق صفوفنا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون وربما ينفقون ويجاهدون ولكنهم يحاربون الإسلام من الداخل ويسعون إلى تدمير المسلمين في الخفاء فالكذب سبيلهم واللف والدوران طريقهم والمكر والاحتيال أداتهم يظهرون بوجهين ويتكلمون بلسانين ويمشون بين الفريقين تميل قلوبهم إلى الإسلام تارة وإلى الكفر تارة أخرى {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلو إلى شياطين الكفر وقادة الفساد ورؤوس الباطل ودعاة الفتنة { قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
إن المنافقين هم الذين يعادون المؤمنين ويتولون الكافرين ويأخذون ما سهل عليهم من الدين وما كان فيه مشقة وتعب فهم عنه متقاعسين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} وفي آية أخرى يقول { وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}.
يمكرون ويكيدون ويقولون ما لا يفعلون ويتكلمون في وقت الرخاء والسلم بما يشتهون فإذا جاء وقت العمل وحان موعد الجد والصدق يختفون ويهربون {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} أي يخافون {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً – أي مكاناً يلجئون فيه- أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا – يدخلون فيه – لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أي يسرعون {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
قلوبهم قاسية وعقولهم قاصرة ونظرتهم في الدين محدودة لا يقبلون شرع الله ولا يريدون الحكم بما أنزل الله ويحبون التحاكم إلى أنظمة البشر وقوانينهم الطاغوتية ثم بعد ذلك يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
يهاجمون منهج الإسلام وتمتلئ قلوبهم بالغيظ والحقد على دعاته الصادقين وعلمائه المخلصين وشبابه الصامدين الثابتين يلفقون عليهم الأقاويل ويتهمونهم بالأباطيل ويشمخون عليهم بأنف طويل أشداء على المسلمين رحماء بالكافرين يخدمون الكفار ويتجسسون لصالحهم ضد المسلمين ويحرضونهم على قتل المؤمنين وإعلان الحرب على المجاهدين ثم يدخلون في صفوف المسلمين فيُحدثون في صفوفهم الخلل والاضطراب ويلقون في أوساطهم الفتن والشبهات والتثبيط ويستغلون الفرص المناسبة للإيقاع بهم وصد الناس عنهم وزعزعة صفهم وتشويه سمعتهم عن طريق الكذب وتغيير الحقائق بالكلمات المعسولة والعبارات الخلابة التي ظاهرها النصيحة والشفقة وباطنها الشر والنفاق.
يتقنون المراوغة ويجيدون المداورة ويحلفون بالله أيماناً كاذبة ليصدقهم الناس وليخفوا كفرهم بتلك الأيمان يقول الله سبحانه وتعالى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.
يثبطون المسلمين ويخذلون المؤمنين ويعملون على تفكيك الصف وتفتيت القوة لأن قلوبهم مليئة باليأس من رحمة الله وانقطاع الأمل في نصر الله ولذلك يلجئون إلى الأعداء ويطلبون النصر منهم ويرون استحالة النصر عليهم ويقيسون الأمور بالجوانب الحسية والمادية فقط وينسون قوة الله سبحانه وتعالى وقدرته ونصره { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
من صفات المنافقين أنهم يعيبون المؤمنين ويسخرون من الملتزمين بالدين ويبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل ويهدرون كرامتهم من أجل أن ينالوا أغراض شخصية وحاجات دنيوية ومطامع دونية.
يشوهون ويشوشون ويسخرون ويفترون مرة بالاستهزاء ومرة بالمقالات الشوهاء والكلمات العرجاء والتصرفات الخرقاء يريدونها فتنة عمياء ويبغونها حياة عوجا ينتقدون الصادقين وينبهرون بالكافرين ويعجبون بأفكارهم ورؤاهم وفلسفاتهم السياسية والاقتصادية ويهدفون إلى إزاحة الإسلام بالكلية ويدعون الأمة إلى الأخذ بالمناهج الغربية كالعلمانية والديمقراطية والاشتراكية {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} ويقول جل جلاله {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ …} {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} ويقول سبحانه وتعالى {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} وأما عن سخريتهم بالدين واستهزاؤهم بأهله الصادقين فقد ذكر الله ذلك عنهم في آيات كثيرة {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
الخطبة الثانية:
من أعظم صفات المنافقين أنهم يحبون الفساد ويعشقون الإفساد ويحبون أن تشيع الفواحش في المجتمع وينتشر فيه المنكر فهم لا يتلاءمون إلا مع هذه الأوضاع الفاسدة ولا يستريحون إلا بالعيش في ظل الأجواء التي ينتشر فيها الفساد الإداري والأخلاقي والسياسي والاقتصادي فهم أقزام فاسدون وشراذم قاصرون وشذاذ أفاكون يعشقون حياة الفسوق والفجور والانحراف ويبغضون حياة الطهر والصلاح والعفاف لأنهم يرون في الفساد مرتعاً لهم ويعلمون أن الوضع الفاسد خير وسيلة لتحقيق مآربهم وأهدافهم.
يحبون الفساد السياسي لأنهم في ظله سيتمكنون من تطبيق المبادئ الغربية والنظريات الخارجية والأنظمة الجاهلية والاملاءات السياسية الشيطانية التي تأتيهم من إخوانهم أهل الكتاب ويفضلون العيش في ظل الأنظمة السياسية التي لا تطبق شرع الله لأنهم يعلمون أنهم تحت ظلها في مأمن من الأحكام الشرعية والعقوبات الربانية.
ويعشقون الفساد الاقتصادي حتى يفسدون ويسرقون وينهبون ويسطون على أموال الأمة ومقدرات الشعب لأنهم متيقنون أن أياديهم لن تقطع في ظل النظام الاقتصادي الفاسد.
ويحبون الفساد الاجتماعي ويستريحون بالعيش فيه ليمارسوا الفاحشة متى يشاءون ويصاحبون من الأراذل والفساق والخلان والخليلات من يهوون ويتعاطون المفسدات والمخدرات متى يريدون ولذلك تثور ثورتهم وينفجر بركان غضبهم إذا رأوا في المجتمع من يحارب هذه الرذائل بجدية ويقضي عليها بصدق وإخلاص ويصفونهم بأنهم إرهابيين ومتطرفين ومتعصبين ويُسخرون كل طاقاتهم وإمكانياتهم وبرامجهم ووسائلهم المقروءة والمسموعة والمرئية في تشويهمم وإلصاق التهم بهم وشن الحملات الرهيبة عليهم وإطلاق العبارات القبيحة الساخرة ضدهم لأنهم يعلمون أن هؤلاء الصادقين الذين يحاربون الفساد في المجتمع لن يتركوا لهم مجالاً للإفساد وممارسة الفواحش والمتاجرة بالرذائل والمخدرات ولذلك فهمهم الأول والأخير هو إبعادهم من أماكنهم وإزاحتهم من مناصبهم حتى لا يفضحوهم ويُظهروا سرائرهم وفسادهم أو يداهموا أوكارهم وبيوت ضرارهم التي يمارسون فيها المنكر ويعملون فيها الفواحش {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
عباد الله:
هؤلاء هم المنافقون وهذا هو النفاق داء خطير وشر مستطير ولذلك حذر الله منه في كثير من الآيات في القرآن الكريم وأنزل في أول سورة البقرة عشرين آية تحدث فيها عن المؤمنين في ثلاث آيات وآيتان فقط في وصف الكافرين وثلاث عشرة آية في وصف المنافقين بيّن فيها أحوالهم وكشف أسرارهم وأوضح طباعهم ونفسياتهم.
وأما في سورة الأنفال وسورة التوبة التي تسمى بسورة الفاضحة فقد فضحهم الله فيها شر فضيحة وأظهر أساليبهم وكشف خططهم ثم خصص سورة كاملة فيهم سماها سورة " المنافقون ".
كل هذا لتحذير المؤمنين منهم ومن شرهم ومكرهم وقد كان المسلمون وأهل الإيمان والبصائر يعرفونهم بصفاتهم وفلتات لسانهم والكلمات المنكرة التي تخرج من أفواههم والتصرفات الغريبة التي تصدر منهم {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
يقول ابن القيم رحمه الله " فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلم له قد طمسوه، وكم من لواءٍ له مرفوع قد وضعوه، … فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية ".
إنه والله مرض خطير يحتاج منا إلى يقظة دائمة وحذر مستمر فكم تسلل النفاق إلى قلوبنا وكم فينا من صفات المنافقين التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وكم من تصرفاتنا وأقوالنا وأفعالنا لو تمعناها لوجدنا أنها من صفات أهل النفاق نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.