يتعاظم دور الإمارات العربية المتحدة في اليمن، يوم عن آخر، حيث أصبحت تمسك وتتحكم بزمام المسارين-السياسي العسكري-في آن، في حين تحولت أبوظبي إلى مركز نشط سياسيا ومقر لالتقاء أطراف الأزمة اليمنية. وقد أثار الصعود الملفت للدور الإماراتي في اليمن، تساؤلات عدة، يمليها تزايد هيمنة حكومة أبو ظبي على أهم مسارات التحرك والحسم في هذ البلد، حول طبيعة الدور وحيثياته وما ان كان انتقل مركز إدارة الأزمة اليمنية من الرياض إلى أبو ظبي؟ بجانب سؤال مركزي يمكن تلخيصه فيما إن كانت تستطيع الإمساك بخيوط اللعبة السياسية والعسكرية في اليمن وتحريكها عن قرب؟ بداية الصعود عقب انطلاق عمليات "عاصفة الحزم" للتحالف العشري، في مارس الماضي، بدأ يتردد اسم الإمارات داخل عدن وانتقل إلى تعز، من خلال الحديث عن تواجد عشرات الضباط الإماراتيين، بمثابة خبراء، لدعم وتعزيز "المقاومة". ومع بداية العملية، دعمت الإمارات المقاومة والجيش الموالي للشرعية، بآليات عسكرية متطورة، بيد أنها ما لبثت لتشرف بنفسها على الحسم في عدن، وتنجح بدعم "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية في تحرير المدينة، ثم تواصل حتى لحجوأبين. وكان لتواجد الضباط الإماراتيين دوراً في سير المعارك لصالح "المقاومة"، وسقط منهم أحد الضباط، لكن تواجدهم الذي كان سرياً في بداية الأمر سرعان ما أصبح علنياً. ويقوم خبراء إماراتيون حالياً بالتنسيق ما بين "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية والتحالف، في كل العمليات العسكرية الميدانية. كما أن ضباطا إماراتيين هم مهندسو هذه العملية المدعومة بإنزال مظلي لأنواع مختلفة من الأسلحة المتوسطة وأجهزة اتصالات متطورة. كذلك تمدد دور الإمارات في معركة استعادة الدولة اليمنية من قبضة المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح، إلى أبينولحج، وخصوصاً بعد انتصارات قاعدة العند الاستراتيجية، قبل أن يتخطى الجغرافية الجنوبية إلى مناطق وسط وشمال اليمن. ويبدو واضحاً إن أبوظبي حريصة على لعب الدور نفسه في محافظة "تعز" المحافظة الشمالية الأكبر، للفوز بنفس النفوذ بها، فرغم اختلاف الإمارات وتحفظها على توجه المقاومة الشعبية بتعز، والممثلة في حزب الإصلاح "جماعة الإخوان المسلمين"، إلا أنها تحرص من وقت لآخر، على إرسال دفع جديدة من قواتها للمشاركة في المعارك بقوة، إلى جانب الجبهة الشعبية. في موازاة ذلك، توالى دور الإمارات من خلال دعم المقاومة بأسلحة متطورة، وعربات وآليات عسكرية. وبات ينكشف أن المجربات العسكرية على الأرض ودعم المقاومة"، أصبح مهمة إماراتية، تتضح يوماً بعد آخر. دور طبيعي فرضت ابوظبي نفسها كإحدى أبرز دول التحالف الفاعلة على الأرض عسكرياً، حيث أخذ الدور الإماراتي في مجريات الأحداث في اليمن، وتحديداً في الجنوب، يتصاعد منذ بدء عملية تحرير عدن من المليشيات، وهو ما انعكس تباعاً على دورها السياس. وقد واكبت تساؤلات عدة الصعود الضارب للدور الاماراتي في اليمن، وما إن كان على حساب النفوذ السعودي القديم في البلد الجار، سيما بعد أن تحوّلت ابوظبي على مدى الفترة الماضية إلى محطة رئيسية في الأزمة اليمنية. ويعد تسلم دولة الإمارات المسؤولية الكاملة عن مدينة عدن بعد تحريرها من أبرز الأدلة على النفوذ الكامل لها باليمن، فالمدينة تعد معقل الحكومة الشرعية بعد سيطرة الحوثيين على غالبية المدن الشمالية، مما يعطيها أهمية استراتيجية للعاصمة المؤقتة، بالإضافة لأهميتها كإحدى أهم المدن اليمنية الساحلية، وتقود الإمارات القوات المشاركة في تأمين عدن بعد تحريرها. كما تملك معظم الدور العسكري واللوجستي في أهم المدن اليمنية تأثيرًا على الأحداث الآن. في حين يتعاظم الدور الإماراتي بشكل كبير في الحرب الدائرة، حيث تتحمل المسؤولية الكاملة في عملية التنسيق بين قيادات المقاومة الشعبية على الأرض والفصائل المختلفة، وكذلك تتمتع الإمارات بعلاقات قوية مع قيادات الحراك الجنوبي، وهي التي تعمل على تأمين السلاح اللازم لهم. في موازاة الدور العسكري، كانت الإمارات أيضاً أول دولة توصل المساعدات الإنسانية الإغاثية إلى عدن، على الرغم من الحصار الذي كان مفروضاً على المدينة من قبل مليشيات الحوثيين والمخلوع. وتمكنت أبو ظبي من إدخال سفن مساعدات، بينما كانت الأممالمتحدة وحتى دول أخرى قد فشلت في ذلك. وقد استتبعت هذه التحولات، على غرار أي حدث مرتبط باليمن، انقساماً في الآراء اليمنية، بين من لديه مخاوف وشكوك تجاه الدور الإماراتي، وبين من ذهب إلى الثناء عليه واعتباره محورياً، فيما برزت محاولات لاستغلاله للتحريض ضد التحالف. وقد تكشف التطورات الميدانية والسياسية التي يشوبها الآن الغموض والضبابية حقيقة الدور الإماراتي في اليمن وهل هو على حساب الرياض؟ وحقيقة المخاوف حول الاتجاه لسيناريو التقسيم ومن يفرضه والعلاقة مع قيادات يمنية جنوبية من ذوي التوجهات المتشددة لانفصال جنوب البلاد. بيد أن الراجح هو ان ما تقوم به الإمارات ميدانياً في غير بقعة يمنية، يأتي ضمن تفاهمات عسكرية وسياسية بين دول التحالف، كونها إحدى دول التحالف العشري، وربما تم تكليف الإمارات القيام بهذا الدور على الأرض، في مقابل تفرغ دول خليجية فاعلة كالرياض لملفات أخرى في المنطقة. المصدر | مسند للانباء