تعيش العلاقات المغربية الموريتانية توترًا كبيرًا، وصل إلى درجة عسكرة الحدود المشتركة، حتى أنّ الأخبار الواردة من هناك تتحدث عن إشعال فتيل الحرب بين البلدين، بعد تأكيد مصادر لتبادل إطلاق النار بين الوحدات العسكرية المتمركزة على خطوط التماس بين الجانبين. وأكدت مصادر، أنّ القوات المسلحة الملكية عمدت إلى إحكام السيطرة العسكرية بشكل كامل على منطقة "الكويرة"، وهي نقطة حدودية تعود للمغرب، ولم يصدر بيان رسمي يؤكد أو ينفي ذلك، من الجانبين. وقالت الصحيفة المغربية "نون" إنّ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، نقل منظومة الصواريخ إلى شمال البلاد، ما يؤشر إلى توتر حقيقي بين البلدين، وذلك بالتزامن مع عملية التمشيط، التي باشرتها القوات الأمنية المغربية، بالمنطقة العازلة "قندهار". وكشفت مصادر رفيعة المستوى لصحيفة "المساء" المغربية، أنّ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز اتخذ بشكل مفاجئ قرارا نقل سلاح المدفعية والصواريخ إلى شمال البلاد، وبالضبط إلى منطقة "الشامى" بين العاصمة نواكشوط ونواذيبو. وكانت السلطات الموريتانية عملت على منع القنصل المغربي من دخول منطقة الكويرة، ما يشير إلى أنّ موريتانيا تؤكد أنّ الخطر قادم من المغرب. وفي سياق التطورات، التي تشهدها منطقة قريبة من الحدود المغربية الموريتانية، عبر نحو ألف جندي مغربي، مدعومين بآليات ثقيلة وسلاح الجو، عبر معبر "الكركرات"، في اتجاه منطقة قندهار. وأقامت القوات المسلحة المغربية ثكنات بالمنطقة، إضافة لمطار خاص بالمروحيات، وتقوم الفرق الهندسية المغربية بفتح طرق لمرور الأليات العسكرية. واعتبرت أن مسألة دخول القوات المسلحة الملكية، إلى منطقة "الكويرة" المغربية، لن تتأخر، خصوصا بعد إقدام موريتانيا على اقتحامها ورفع العلم الموريتاني، وفق الصفحة غير الرسمية للقوات المسلحة المغربية. وقال الجيش الموريتاني إنّ القوات المسلحة المغربية اقتربت من منطقة الكويرة، وأنّ الجيش المغربي أرسل أضواء طوال الليل للقوات الموريتانية المتواجدة بالكويرة وردّت تلك القوات بالمثل. وأبدى دبلوماسيون موريتانيون تخوفهم من احتكاك وشيك بين القوات المسلحة المغربية والجيش الموريتاني، وتحدثوا عن تغيير مستمر لتمركز القوات المسلحة، وللقوات البحرية المغربية، التي اقتربت من شاطئ الكويرة وأرسلت أضواء كاشفة تحذيرية لسكان "نواديبو" بالجزء الموريتاني من شبه جزيرة الكويرة. رغم وجود تحركات عسكرية على حدود المغرب وموريتانيا، فإنّ الجهات الرسمية تشير إلى أنّ التحرّك يأتي في إطار محاربة التهريب، لكنّ المتابعين للشأن المغربي والموريتاني يؤكدون أنّ هذه التحركات جاءت مباشرة بعد استقبال الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، للقيادي بجبهة "البوليساريو" ولد اعلية، يوم الجمعة الفارط، وأكد بعد اللقاء أنّ "الكويرة أرض صحراوية"، ما أثار المغرب، الذي تحرّك بسرعة. وقال الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، صبري لحو، إنّ "التوتر الذي ينذر بأزمة، قد تشهدها العلاقات المغربية الموريتانية، لا يمكن فهمه دون الرجوع إلى مجموعة من الوقائع والمعطيات التي أسّست لذلك، بدءًا من اتفاقية السلام التي وقعتها موريتانيا مع جبهة "البوليساريو" في العام 1979، حيث تخلت موريتانيا بموجب هذه الاتفاقية عن أيّ مطالبات بخصوص الصحراء، وهي المطالبات التي كانت رافعت من أجلها، قبل ذلك، أمام محكمة العدل الدولية، وأيضا خلال مفاوضاتها مع إسبانيا من أجل المطالبة بالاستقلال، أو في إطار اتفاق تقسيم الإقليم بينها وبين المغرب، بعد حصولها على الاستقلال. أضاف صبري لحو في تصريح لصحيفة "كشك" أنّ "موريتانيا لا تملك أي حق في التدخل في شؤون الصحراء، إلا أنّ موقفها اليوم يحكمه عنصران: الأول يتمثل في الاتفاق المبرم بينها وبين البوليساريو. والثاني سعيها إلى إقامة كيان بينها وبين المغرب. منطقة قندهار وأوضح الخبير المغربي أنّ منطقة "قندهار"، الفاصلة بين الحدود الشمالية لموريتانيا والحدود الجنوبية للمغرب، هي "منطقة يغيب فيها حكم القانون، فليس هناك أي سيطرة مادية للمغرب، وليس هناك وجود للبوليساريو، وليس هناك وجود لوحدات الدرك الموريتاني، هي أرض خلاء، وقفر مترامي الأطراف، يتم استغلاله من طرف عصابات الإجرام ومختلف شبكات الجريمة المنظمة من مُهربي السيارات وغيرهم." وأكد الخبير الدولي أنّ "هذا الغياب التام لمنطق القانون، في منطقة يعتبرها المغرب أرضًا تابعة له، تمتدّ حتى المحيط الأطلسي حيث توجد الكويرة، إلا أنه لم يجسد ذلك الحضور لا على المستوى الإداري، ولا على مستوى التواجد السكاني، فولوج المغرب إليها لا زال يتم عبر نواديبو الموريتانية ." فرضية الحرب وحول فرضية الحرب بين المغرب وموريتانيا، أشار الخبير العسكري المغربي محمد بنحمو، إلى أنّ "هذه التحركات تأتي على الشريط الحدودي المغربي، الذي يُعدّ شريطًا رخوًا، ومصدرًا لانتقال العديد من التهديدات الأمنية، بمختلف أشكالها وأنواعها.". وأضاف لموقع "كشك" أنّ التحركات العسكرية الأخيرة من طرف المغرب وموريتانيا في الحدود المشتركة "تساعد على إضفاء مزيد من الغموض على تطور الأحداث بالمنطقة.". ووصف الموقف بين البلدين ب"اللاودّي"، مشيرا إلى أن التصعيد انطلق منذ محاولة الاغتيال، التي تعرض لها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في العام 2012. وتشهد العلاقات المغربية الموريتانية، منذ الإطاحة بالرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع قبل عقد تقريبا، حالة مد وجزر، خصوصا بعد تولي الرئيس ولد عبدالعزيز الحكم، حيث اختار الانحياز للجزائر، وإعلان الولاء لجبهة البوليساريو.