المؤتمر الذي عقد في عاصمة الشيشان سياسي بالدرجة الأولى يهدف ل"حوكمة" التصوف واعتباره جماعة الأمة السُنية، التي يجب على الأنظمة الاسلامية والعربية أن تتبنى فكر هذه الجماعة كمذهب رسمي. هذه نتيجة المؤتمر.. وهذه النتيجة بُنيت في الأساس على استهداف من وصفهم البيان الختامي ب"أدعياء السلفية والجماعات المُسيسة"، وهو استهداف مبطن لجماعات الاخوان والسلفية العلمية و الحركية.. وهذه الحركات هي صاحبة القطاع العريض في العالم الاسلامي كحركات سياسية والأكثر تفاعلاً مع واقع الأمة الاسلامية.. بالنسبة للاخوان سبق وأن قالت بعض الدول أنها (جماعة إرهابية)، ولذلك فإن ما يجعلنا نقول أن الهدف الأساسي من هذا المؤتمر هو استهداف في الدرجة الأولى التيار السلفي العلمي والحركي ومحاولة ربطهم بالجماعات المسلحة (القاعدة وداعش) بهاذين الفصيلين.. أي جهة نظامية عربية رعت، في الظل، هذا المؤتمر يعرفون أن الصوفية حبيسة الأضرحة والقبور وحاملة مباخر للحاكم، وهي لا تمثل منهج محمد وأصحابه، وقد هزمها علماء الاسلام عبر التاريخ وألقموهم الحجارة في الجانب الفكري وتفنيد مسائل الاعتقاد… لذلك لجئوا إلى محاولة جر تلك التيارات، بكلام إنشائي، إلى خندق الجماعات المسلحة.. إحياء الصوفية لتكون هي الجماعة الرسمية في العالم الاسلامي هو مغزى من يقف وراء هذا اللقاء.. ولو قرأوا الواقع جيداً لوجدوا أن الصوفية حين يحتدم الصراع بين الأمة السنية والأقلية الشيعية لكانوا جزء من مؤخرة الشيعة فالقواسم المشتركة في الخرافات السلالية باسم آل البيت تفوق بما تفكر فيه تلك الانظمة العربية… في اليمن كتبت قبل عدة أشهر دراسة مُصغرة في مجلة البيان عن موقف الصوفية من الصراع، فوجدت أن الصوفية الشعبية ألقت بنفسها بين أقدام الحوثيين وتدنت لتقبيل الرُكب.. ومن خاف على نفسة في مناطق بعيدة عن سيطرة الحوثيين التزموا الحياد باسم النقاء الروحي والنأي بالنفس عن السياسة.. ما يفصح عنه مؤتمر، هي محاولة بائسة لاستنهاض هذه الجماعة، وهو تطبيق حرفي لأخطر تقرير نشرته مؤسسة راند الامريكية المقربة من البيت الأبيض عام 2007 عن التيارات الاسلامية.. حذرت مؤسسة راند من كل التيارات السنية وأوصت بالتعامل مع الصوفية باعتبارها جماعة منزوعة المخالب وحبيسة الأضرحة، أما الشيعة فلا خطر قادم على الغرب من قبلهم.. لا خطر من هذا المؤتمر إذا كان مقتصراً على الصراع الفكري الخلاق، فالصوفية كانت ولا زالت مهزومة بكتب أئمة أهل السنة ولا تنتشر هذه الجماعة إلاّ في حالة الصحاري والقرى المسكونة بالجهل.. لكن حين يكون استنهاض هذه الجماعة ضمن توجه غربي مدروس وبإشراف ربما من بعض دول عربية تعمل في الظل، لضرب الطرف المستهدف فهذا ما يوجب الاستنفار…