نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع تاريخي قائم على تبادل التكفير والتضليل في معركة ليس لها نهاية .. حرب الطوائف الدينية في دول الربيع العربي
نشر في الجنوب ميديا يوم 14 - 02 - 2014

المادة خاصة بموقع مأرب برس أعدها الباحث في الشئون الإسلامية : إبراهيم عبدالرحمن العلفي
نص المادة البحثية :
يدرك الكثيرون أبعاد الصراع السني الشيعي على الاوضاع في دول الربيع العربي لكن القليل هم من يدرك ابعاد الصراع السني السني المتمثل في تياري الحنابلة ( الوهابية ) والأشاعرة ( الصوفية ) هذا الصراع الذي استغلته الأنظمة وقوى الثورة المضادة والمشروع الايراني استغلالا كبيرا وهو ما سنحاول تسليط الضوء عليه في هذه السطور لا لننكأ الجراح بل لنضع البلسم في محاولة لرأب الصدع في ملف آن له أن يفتح وأن تلتفت اليه الأنظار **
توطئة تاريخية:
حتى النصف الثاني من القرن الهجري كان الصف السني يتسم بالانسجام والوحدة الفكرية القائمة على رفض علم الكلام ورفض محاكمة النصوص الى العقل ورفض المنهج العقلي في التأويل خاصة في موضوع ( الأسماء والصفات ) وذلك في مواجهة مدرسة المعتزلة المتبنية للمبادىء سالفة الذكر, الا أنه بظهور الامام ابومحمد عبدالله بن سعيد بن كلاب ( ت241ه ) بدأ أول انشقاق في الصف السني بالآراء التي اعلنها واهمها استخدام علم الكلام في مناظرة المعتزلة وانكاره قيام الصفات الاختيارية المتعلقة بالمشيئة بذات الله عز وجل والقول بأن القرآن هو كلام الله النفسي الأزلي القديم وأنه ليس بحرف وصوت , واستطاع الامام ابن كلاب أن يجر الى آراءه عدد من كبار علماء السنة أبرزهم الحارث المحاسبي ( ت 243ه) وأبو العباس القلانسي (ق4ه ) .
ثم كان ظهور الامام ابي الحسن الأشعري ( ت342 ه ) الذي تبنى آراء ابن كلاب وأضاف اليها تأويل الصفات الخبرية التي توهم مشابهة الخالق للمحدثات كالاستواء والوجه ونحوها واستطاع الامام ابو الحسن الأشعري ان يضم اليه عدد كبير من علماء اهل السنة الذين بظهور الجيل الثاني منهم اكتملت أفكار المذهب الأشعري في بوتقة محددة تتبنى علم الكلام في اثبات العقائد الدينية وترفض احاديث الآحاد التي تتناقض مع العقل تناقضا كليا وتنتهج منهج التأويل في مواجهة نصوص الصفات التي تعتقد أنها توهم تشبيه الخالق عز وجل بالمحدثات وأبرز هؤلاء العلماء ابو بكر الباقلاني ( ت403ه ) وابو بكر بن فورك ( ت 406ه ) وابو القاسم الاسفراييني ( ت 452ه ) بدأ الصراع مبكرا بين المدرستين بأمر الامام احمد بن حنبل ( ت241ه ) بهجر الحارث المحاسب واتباع ابن كلاب واعلان تبديعه ثم بمحاولات من الحنابلة لاغتيال الامام ابي الحسن الاشعري ومحاولة نبش قبره بعد وفاته ثم بحصول عدد من المواجهات الدامية في المساجد والأسواق بين الطائفتين في القرن الخامس الهجري.
غالبا ما كانت الكفة تميل لصالح الحنابلة لوقوف السلطات الى جانبهم غير أنه بظهور عدد من القادة السياسيين الذين اعتنقوا مذهب الأشاعرة مالت الكفة لصالح الأشاعرة أبرزهم الوزير السلجوقي نظام الملك ( ت 485ه ) والناصر صلاح الدين الأيوبي ( ت 589ه ) والمهدي محمد بن تومرت ( ت522ه ) وبمناصرة هؤلاء للمذهب الأشعري دخل المذهب الحنبلي في مرحلة الضعف والتلاشي واضطهاد السلطات لأتباعه وصلت الى نبش قبورهم وتكفيرهم بحجة أنهم مشبهة ومجسمة وتوج هذه المرحلة الأمير المهدي بن تومرت الذي قام بتكفير دولة المرابطين في المغرب العربي الذين كانوا يتبنون مذهب السلف وأعلن الحرب عليهم واستطاع القضاء على دولتهم وفرض المذهب الأشعري بالقوة في المغرب وفي عهد خلفه الأمير عبدالمؤمن بن علي ( ت 558ه ) حدثت مذبحة مراكش التي ارتكبتها قواته وقتل فيها مايقارب سبعون الفا وفي نهاية القرن الخامس الهجري والقرن السادس الهجري التحقت غالبية فقهاء المذاهب الأربعة بالمذهب الأشعري واصبح المذهب الحنبلي في حكم العدم تقريبا حتى أن المؤرخ الشهيرالمقريزي ذكر أنه في القرن التاسع الهجري لم يكن يوجد من يظهر مذهب الحنابلة في طول البلاد الاسلامية وعرضها وأن من وجد يقول بقولهم كان مصيره القتل بحجة التشبيه والتجسيم واستمر هذا الوضع الى حين ظهور الامام محمد بن عبدالوهاب النجدي ( ت 1206ه ) والذي كان عند ظهوره قد اضيف بعدا آخر الى الصراع بين الطائفتين بالاندماج الذي حصل بين الأشاعرة والصوفية حيث اعلن الامام محمد بن عبدالوهاب دعوته القائمة على محاربة بدع الصوفية التي عدها منافية للتوحيد وشركا أكبر يخرج من المله ودشن حروبه في الحجاز واليمن وقام اتباعه بتكفير الدولة العثمانية التي كانت تتبنى المذهب الأشعري ( في نسخته الماتريدية ) وتوفر الدعم للطرق الصوفية واعلن اتباع ابن عبدالوهاب الدولة العثمانية دولة كافرة وثنية ودار حرب واجتاحت جحافلهم الحجاز واليمن ووصلت الى العراق وسوريا مرتكبة العديد من المجازر بحق الأشاعرة الصوفية بحجة الوثنية والشرك وعبادة القبور
**تجليات الصراع في نسخته المعاصرة :
الى عشرينيات القرن الماضي كان الفكر الحنبلي محصورا في نجد والحجاز الا أنه أخذ في الانتشار وخاصة في مصر ( قلعة الأشاعرة ) التي اسس فيها الشيخ محمد حامد الفقي جمعية انصار السنة متبنيا المنهج الحنبلي السلفي وباشرت الجمعية عبر انشطتها هجمة شرسة على الأشاعرة الصوفية واصفة ممارساتهم بالشرك والقبورية والوثنية وفي ذات الوقت أنشأ الامام حسن البنا جماعة الاخوان المسلمون والتي تبنى فيها المنهج الجمعي بين الفرق الاسلامية وعدم اثارة الخلافات كمبدأ من مبادىء الجماعة .
الا أنه في الوقت نفسه أعلن موقفا صارما من بدع الصوفية عند القبور واعتبرها كبائر تجب محاربتها وان لم يصفها بالشرك والوثنية وفي سبعينيات القرن الماضي أنشاء عدد من الدعاة السلفيين جماعة الدعوة السلفية ( سلفية الاسكندرية ) وانتشر الفكر السلفي الحنبلي في ارجاء مصر كانتشار النار في الهشيم وكان اعضاء جماعة الاخوان من ضمن الفئة الأكثر تأثرا بهذا الفكر الأمر الذي ادى الى امتعاض كبير لدى اتباع الطائفة الأشعرية الصوفية نتيجة للهجمة الشرسة ضدهم واتهامهم بالشرك والوثنية والقبورية ولم يأل الأخيرون جهدهم ايضا في رد الهجمة وشن هجوم مماثل على الطرف الآخر متهمين اياه بالتشبيه والتجسيم ومعاداة اولياء الله الصالحين ولا تزال الحرب الفكرية الاعلامية بين الفريقين مشتعلة حتى اليوم.
وفي اليمن ظهر الفكر السلفي الحنبلي بقوة على يد الشيخ مقبل الوادعي في صعدة ومنها انتشر الى معظم ارجاء البلاد وكذلك باصطباغ حركة إخوان اليمن بصبغة سلفية بفعل تأثير القيادات والكوادر التي تلقت تعليمها العالي في السعودية ونتيجة لهذين العاملين انتشر الفكر السلفي الحنبلي انتشاراً كبيراً في عموم أنحاء اليمن خاصة في المحافظات الجنوبية التي تشكل معقلا تاريخيا للأشاعرة الصوفية وتكررت النسخة المصرية من الصراع في اليمن بشن الشيخ مقبل الوادعي وتلاميذه وسلفيي الإخوان هجمة شرسة على الأشاعرة الصوفية المتواجدين بشكل رئيس في محافظات تعز وإب والحديدة ومحافظات جنوب اليمن واتهامهم بالشرك والقبورية والوثنية .
ووصل الأمر إلى إصدار رسائل وكتب تتضمن التكفير الصريح والضمني منها رسالتي الشيخ يحيي الحجوري (السيل العريض الجارف لبعض ضلالات الصوفي عمر بن حفيظ ) والأخرى بعنوان (الأدلة الزكية في بيان أقوال الجفري الشركية ) وكتاب الشيخ أحمد المعلم (القبورية في اليمن) .
ووصل الأمر كذلك إلى المواجهات في المساجد وتخريب بعض الأضرحة والمزارات وقد كان كاتب هذه السطور شاهد عيان على الصراع بين الفريقين بعد حرب 94 في مدينة تريم التي تعد أحد المعاقل العالمية التاريخية للأشاعرة الصوفية وبالمقابل رد الأشاعرة الصوفية الهجمة بمجهود إعلامي مماثل متهم الطرف الآخر بالتشبه والتجسيم والبغض لأهل البيت ومعاداة أولياء الله الصالحين والتكفير والتضليل .
ووصل الأمر حد اتهام الشيخ عمر بن حفيظ للسلفية بأنهم يعبدون صنما ولا تزال الحرب الإعلامية مشتعلة حتى يومنا وفي سوريا لم يتح الفرصة للفكر السلفي الحنبلي بالتواجد بشكل قوي بسبب القمع الأمني للإسلاميين بعد أحداث حماة كما أن إخوان سوريا في الغالب لم يتأثروا بالكفر السلفي الحنبلي وكانت قيادتهم ومنظريهم من رموز الفكر الأشعري وفي مقدمتهم الشيخ عبد الفتاح ابو غدة المراقب العام للإخوان والشيخ سعيد حوى أحد أكبر منظري الإخوان .
إلا أن هذا لا يعني أن الساحة السورية لم تشهد صراعا مماثلاً بين الطرفين بل حدث ذلك فعلاً وبدأه العلامة السوري محمد ناصر الدين الالباني وتلامذته مستهدفا أشاعرة وصوفية سوريا وعلى وجه الخصوص المشايخ عبد الفتاح أبو غدة ومحمد سعيد رمضان البوطي في نسخة متكررة من الصراع الفكري والاتهامات المتبادلة بين الطرفين وألف الشيخ المرحوم محمد سعيد رمضان البوطي كتابه الشهير (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامي).
ولا زال الصراع بين الطائفتين مشتعلاً في كل أرجاء العالم الإسلامي عبر المؤلفات والإصدارات ومواقع الانترنت صراع تجاوز كل الحدود والأخلاقيات تمثل كل طائفة فيه عناصر متطرفة ويمكن رصد إصدارين فكريين كنموذج للصراع الطائفي المستعر بين الفريقين الأول كتاب الدكتور سفر الحوالي (منهج الأشاعرة في العقيدة) والذي أخرج فيه الحوالي الاشاعرة من دائرة أهل السنة والجماعة وعدها من الفرق الضالة الثنتين والسبعين التي هي في النار وقرر بأن آراء الأشاعرة في موضوع الإيمان والأسماء والصفات هي آراء الجهمية وكان لهذا الكتاب صدى كبيراً وتصدى العديد من علماء الأشاعرة بالرد عليه بل وصل الأمر بأحد الدعاة السلفيين وهو المدعو فهد بن عبد الله الخليفي إلى نشر بحث بعنوان (الإجماع على أن بدع الأشاعرة بدع مكفرة) وهو ما يكشف ما وصل إليه العداء الطائفي بين الفريقين والكتاب الثاني هو كتاب الشيخ حسن السقاف الأشعري الصوفي وعنوانه (الوهابية السلفية افكارها الأساسية وجذورها التاريخية )عرف فيه الحنابلة السلفية بقوله ( الوهابية او السلفية هم اتباع المذهب الحنبلي أي الحنابلة المجسمة النواصب يجتمعون على عقيدة التجسيم والتشبيه والنصب الذي هو بغض اهل البيت وعدم احترامهم ) وزعم ان الجذور الفكرية التاريخية للوهابية الحنابلة هي العقائد اليهودية
**
افرازات الصراع في دول الربيع العربي:
لقد كان لهذا الصراع والعداء الطائفي تأثيراً كبيراً على الأوضاع في دول الربيع العربي خاصة مصر وسوريا واليمن واستغل هذا العداء من قبل الأنظمة الحاكمة وقوى الثورة المضادة والمشروع الإيراني استغلالاً كبيراً كان له انعكاساته الخطيرة والكارثية على أرض الواقع إذ أن موقف الكثير من الشخصيات العلمائية والفكرية التي وقفت إلى جانب الأنظمة وقوى الثورة المضادة لم يكن من باب أن هؤلاء من علماء السلطان كما يعتقد البعض بل هو أحد إفرازات الصراع الطائفي التاريخي المعاصر بين الأشاعرة الصوفية والحنابلة السلفية وتعبير عن مخاوف الطائفية الأولى من سيطرة التيارات الإسلامية ذات الخلفية الفكرية الحنبلية السلفية على زمام الأمور في تلك البلدان. ففي مصر مثلاً يتجلى موقف الشيخ علي جمعة المفتي السابق لمصر والذي وقف بقوة إلى جانب سلطات الانقلاب في مصر وهو أحد رموز الأشاعرة الصوفية المعروف بعدائه وخصومته للتيار الحنبلي السلفي وهو مؤلف كتاب (التصوف هو الإسلام) كما لا يخفي عداء الطرف الآخر لشخصه ووصفهم له بالقبورية والوثنية والضلال وما وصل إليه الشيخ علي جمعة من فتاواه للجيش بقمع المتظاهرين (أضرب في المليان) وتجيير الأحاديث والنصوص في فتاواه التي تبيح للجيش القتل والضرب بيد من حديد ليس إلا بسبب العداء الطائفي.وقد يقول قائل أن السلفيين أيضا ساندوا الانقلاب والجواب أنه ليس كل السلفيين بل ان جزءا كبيرا من السلفيين وقفوا بقوة الى جانب الاخوان والرئيس المعزول ربما هم الأكثر تشددا مثل الجماعة الاسلامية والشيخ حازم ابو اسماعيل والشيخ عاصم عبدالماجد وغيرهم الكثير وفي سوريا يتجلي موقف الشيخ المرحوم محمد سعيد رمضان البوطي بوقوفه إلى جانب النظام السوري في صورة شبه مكررة مما ذكرناه بالنسبة لموقف الشيخ علي جمعة في مصر .
ولذات الدواعي والأسباب خاصة ان الحركات السلفية المتشددة اصبحت ذات حضور طاغ في الثورة السورية وعنوانا بارزا لها وفي اليمن أفرز العداء التاريخي المعاصر بين الفريقين إلى وقوف تيار الأشاعرة الصوفية خاصة في الحديدة وحضرموت إلى جانب النظام السابق أثناء الثورة الشبابية كما تجلت افرازات هذا العداء الطائفي في التحالف القائم بين التيار الأشعري الصوفي والمشروع الإيراني وذراعه في اليمن المتمثل في الحركة الحوثية خاصة في محافظات تعز والحديدة الأمر الذي وفر للحركة الحوثية عنصراً بشرياً في محافظات ليس لها فيه أي تواجد مذهبي .
ووصل الأمر إلى تشكيل هيئة علماء مشتركة من الطرفين الصوفية الأشاعرة والحوثية رغم التناقضات المذهبية والعقائدية بينهما إلا أن العداء للتيار السلفي الحنبلي جمع بينهما هذا ويمكن في هذا الاطار ايضا فهم عدم تحمس مشايخ الصوفية لدعم الحراك الانفصالي لركوب دعاة السلفية موجته وعلى رأسهم الشيخ السلفي المتشدد حسين بن عمر بن شعيب بل وأزعم أن ما نشاهده من مناصرة من بعض الكتاب الليبراليين للتيار الحوثي ليس إلا أحد إفرازات هذا الصراع التاريخي المعاصر حيث يلاحظ أن غالبية هؤلاء الكتاب ينحدرون من أسر ذات أصول شافعية أشعرية صوفية , وبذلك يتضح الافراز الخطير لهذا الصراع على ثورات الربيع العربي المتمثل في منح الانظمة والجيوش غطاء شرعيا لأعمالهم القمعية مما اعطى هذه الجبهات تماسكا بعد ان وصلت الى مرحلة الترنح لعدم القناعة بما يرتكبوه من جرائم بحق شعوبهم لم يقتصر تأثير العداء والصراع التاريخي المعاصر بين الأشاعرة والحنابلة على ما ذكرنا بل تعداه إلى تغلغل الفكر الشيعي الاثني عشري في البلدان التي ذكرناها مستغلاً العداء القائم بين الفريقين بحيث أصبحت البيئة الأشعرية الصوفية بيئة خصبة لانتشار التشيع الإمامي الإثنى عشري حد وصوله إلى كابوس كفيل بأن يهدد المجتمعات في تلك الدول وسلمها الاجتماعي ونسيجها الفكري .
وقد عبرت مؤسسة الأزهر عن مخاوفها بهذا الخصوص ورفضها إقامة حسينيات ومساجد خاصة بالشيعة في مصر.
ولا يختلف الوضع في اليمن كثيراً حيث ظهر التشيع في عدد من المحافظات خاصة تعز والحديدة وعدن وحضرموت في الكثير من الأسر الهاشمية الأشعرية الصوفية لذات الأسباب المذكورة وظهرت إلى السطح عدد من الحسينيات وتسربت مقاطع فيديو لعدد من الفعاليات الشيعية الإثنى عشرية وزعم المدعو حسن العماد رئيس ما يسمى بالمجلس الشيعي الإسلامي الأعلى في مقابلة تلفزيونية أن عدد الشيعة الاثني عشرية في اليمن تجاوز عشرة آلاف شخص .
وختاما/ اعتقد أنه آن للمخلصين من الفريقين محاولة تدارك الأمر والجلوس على طاولة الحوار لحل الخلافات بدلا من الاستمرار في تبادل التكفير والتضليل في صراع ليس له نهاية وستكون له نتائجه الكارثية على اهل السنة بشكل عام والله من وراء القصد
** اهم المراجع /
1- الأزمة العقدية بين الأشاعرة واهل الحديث – د/ خالد علال 2- نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام – د/ علي سامي النشار 3- نشأة الأشاعرة وتطورها – جلال موسى 4- منهج الأشاعرة في العقيدة – د/ سفر الحوالي 5- السلفية الوهابية – حسن السقاف 6- الخريطة السلفية في مصر – عبدالمنعم منيب
مأرب برس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.