إصابة مواطن ومهاجر أفريقي بنيران العدو السعودي في صعدة    فعالية ووقفة نسائية في تعز بالعيد ال11 لثورة 21 سبتمبر    ثلاث دول تعترف بدولة فلسطين والبرتغال تلحق بالركب    تقدير موقف حول مؤتمر "الأمن البحري" في الرياض    منتخب الناشئين يخسر أمام قطر في مستهل كأس الخليج    من التضحيات إلى بناء الدولة.. وثيقة بن بريك نداء اللحظة التاريخية    بينهم أكاديميون ومعلمون وحفّاظ.. مليشيا الحوثي ترهب أبناء إب بحملات اختطاف    هيئة التعليم والشباب والرياضة تشيد بتنظيم البطولة الوطنية لكرة السلة وتتفقد أعمال الصيانة في الصالة الرياضية المغلقة بالمكلا    قيادي انتقالي: المركزي يقود عصابة الصرافين لسرقة المنحة السعودية    اليوم الرابع من الغضب.. «إعصار المشهري» يعصف بإخوان تعز    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    الأمانة العامة للإصلاح: المواقف السعودية ستظل محفورة في ذاكرة الشعب اليمني    محمد الحوثي: الشعب سيمضي مع القيادة حتى الحرية والاستقلال الكاملين    وقفة نسائية في المحويت بذكرى ثورة 21 سبتمبر    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من "معرض السياحة الدولي"    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    حل الدولتين.. دولة فلسطينية بلا شعب!    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    صنعاء.. اعتقال قطران ونجله بعد اقتحام منزلهما في همدان    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    فخ المنحة السعودية:    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    المونديال المصغر.. سيدات البرازيل يتخطين مصر وتعادل بين لبنان وكردستان العراق    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    جراح السيلاوي يؤكد جاهزيته لمواجهة قوية في بطولة "الطريق إلى دبي"    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارطة الجماعات السلفية في اليمن

تُعد الجماعات السلفية في اليمن "الحركية والتقليدية" حديثة النشأة نسبياً إذ لا يتجاوز عمرها الثلاثين عاماً الماضية مذ عودة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي من المملكة العربية السعودية بداية ثمانينيات القرن الماضي، على خلفية أحداث ما عُرف ب"فتنة جُهيمان" عام 1979م، والتي اتُّهم فيها الشيخ مقبل من قبل السلطات السعودية، بأنه من قام بكتابة بيانات تلك الجماعة، وسُجن على إثرها وأفرج عنه بحيث يُغادر المملكة، وإن لم يثبت صحة هذا الاتهام.

وبعودة الشيخ الوادعي إلى مسقط رأسه منطقة دماج في محافظة صعدة مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، ليؤسس هُناك داراً للحديث، حيث تعد هذه الدار بمثابة الرحم التي خرجت منها كُل الجماعات السلفية الموجودة على الساحة اليمنية كالحكمة والإحسان وجماعة دماج بزعامة الشيخ يحيى الحجوري، إلى جماعة الشيخ المصري المعروف بأبي الحسن المأربي الذي يبدو أنه يقترب سريعاً من الجماعات السلفية الحركية وخاصة جماعة الحكمة اليمانية التي تُعد امتدادا فكرياً لتيار الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في الكويت.
أما جمعية الإحسان التي تُعد أفضل تنظيمياً من الحكمة فهي امتداد لما بات يُعرف بالتيار السروري الذي أسسه الشيخ السوري محمد زين العابدين بن سرور أما الجماعات السلفية الأخرى فهي جماعات تقليدية، بدائية في التفكير والرؤى وهي الأخرى امتداد لتيارات سلفية أخرى كالتيار الجامي المنسوب للشيخ محمد بن أمان الجامي الأثيوبي الأصل المدرس في الجامعة الإسلامية، والشيخ السعودي ربيع بن هادي المدخلي.
مفهوم الحركية السلفية
إطلاق لفظ الحركية على بعض هذه الجماعات السلفية كالحكمة والإحسان، هي أقرب إلى المجاز منها إلى الحقيقة، لأن العمل الحركي بمعناه الحقيقي، أعتقد لا وجود له عند هذه الجماعات، من خلال تتبع بعض الممارسات فضلا عن الحديث مع بعضهم، ليتكشف الأمر عن وجود عمل أقرب إلى الصيغة البدائية، التي لا يمكن إطلاق لفظ حركي عليها لكونها تقتصر في عملها على صيغه أقرب إلى الارتجال والعشوائية، بعكس العمل الحركي عند التنظيمات الحركية كالإخوان أو الجهاديين أو حتى اليساريين.
العمل الحركي عند السلفيين توقف عند تأسيس الجمعيات الخيرية، واقتصار حركيتهم على بعض المحاضرات الشهرية أو حتى الأسبوعية، فضلاً عن أن عمل هذه الجماعات الاستقطابي للأفراد يقتصر على الاستقطاب في إطار المتدينين من طلاب ما يسموه بالعلم الشرعي.
فبعد أن تم إخضاع المراكز السلفية التي تلتزم بالتدريس النظامي للإشراف الحكومي وإلزامها بتدريس المناهج الحكومية بجانب مناهجها الشرعية عمدت الجماعات السلفية التي تتبنى العمل الجماعي الخيري والدعوي إلى تمديد نشاطها في استقطاب الأفراد إلى بعض المحاضن التربوية والتعليمية كالجامعات والمعاهد العلمية التابعة للدولة أو الخاصة وخاصة تلك التي تدرس العلم الشرعي كجامعة الإيمان ومعاهد الأوقاف والإرشاد.
بالنسبة للمناهج التربوية والحركية عند هذه الجماعات، فلا وجود لآلية منهجية واضحة، باستثناء بعض المحاولات لدى الإحسان من خلال مناهج أتت أصلاً كامتداد لإخوانية المؤسس الشيخ محمد سرور بن نايف، وخاصة كُتب سيد قطب كالظلال والمعالم، هذا عدا عن بعض كُتب سرور نفسه كفقه السيرة النبوية فضلا عن بعض كُتب محمد قطب.
تيارا السلفية الرئيسيان
يمكن القول إن التيار السلفي في اليمن يتكون من تيارين رئيسيين، هما التيار الحركي والذي يضم في صفوفه كلاً من تيار أو بالأحرى جماعة كجماعة الحكمة التي تعد امتداداً لتيار الشيخ الكويتي عبد الرحمن عبد الخالق ذي الأصول المصرية، والجماعة الأخرى هي جماعة الإحسان التي تعد امتداداً يمنياً لما بات يُعرف بالتيار السروري.
أما التيار الثاني فهو ما يُطلق عليه التيار التقليدي، وهو عبارة عن مجموعة من الفصائل السلفية المسماة بأسماء شيوخها من قبيل جماعة الشيخ أبو الحسن المأربي ذي الأصول المصرية –والذي اتخذ من مأرب مقرا له، بعد إزاحته عن خلافة الشيخ الوادعي في دار الحديث بدماج من قبل الشيخ يحيى الحجوري وجماعته التي دخلت بعراك شديد مع أبي الحسن المصري.
فضلا عن هذا هُناك جماعات أصغر كجماعة أبو نصر محمد الإمام في منطقة معبر بمحافظة ذمار، وكذا جماعة محمد عبد الوهاب الوصابي في محافظة الحديدة، وجماعة الشيخ عبد الرحيم البرعي في محافظة إب، وجماعة مسجدي شرقين والخير في أمانة العاصمة، وكذا بعض الجماعات الأصغر في كل من مدينة عدن ولحج وتعز.
ويمكن القول هُنا إن جماعات التيار التقليدي هي عبارة عن جماعات نخبوية صغيرة، وليس لها تأثير جماهيري كبير بحكم حالة العزلة والمفاصلة التي تعيشها بعيداً عن المجتمع الذي تعيش فيه، وبالتالي يمكن القول إن التيار الثاني تيار السلفية الحركية هو صاحب الشعبية الأكبر سلفيا في اليمن، ويمثله جماعتان رئيسيتان هما جمعية الحكمة اليمانية وجمعية الإحسان الخيرية.
جماعة جمعية الحكمة اليمانية
نشأت هذه الجماعة السلفية مع بداية عقد التسعينيات كردة فعل أولية على الأفكار السلفية المتشددة التي يحملها الشيخ مقبل حول عدد من المسائل في مقدمتها مسألة تأسيس الجمعيات الخيرية التي كان يرى فيها الشيخ مقبل بأنها من قبيل العمل الحزبي المحرم برأيه.
ففي هذه الفترة كان الاتفاق من قبل عدد من تلامذة الشيخ في مقدمتهم الشيخ محمد المهدي والشيخ عبد المجيد الريمي والشيخ عقيل المقطري وعبد العزيز الدبعي على الإعلان عن تأسيس جمعية الحكمة اليمانية في 1-3-1411ه الموافق 21-8- 1990م، كإطار عام يضم شتات السلفيين الذين ضاقوا بأفكار الشيخ مقبل المتشددة.
لا يخرج المنهج التربوي والفكري لمدرسة جمعية الحكمة يمانية في جوهره في بدايات مرحلة التأسيس -على وجه الخصوص- عن الاتجاه السائد في بلاد الحرمين بالعربية السعودية، حيث التركيز على مباحث التوحيد الشهيرة في هذه المدرسة، من ألوهية وربوبية، وأسماء وصفات، مع تركيز بيّن على مبحث الألوهية، والموقف الحدّي مع المخالف، حتى في إطار المدرسة السنيّة ذاتها.
وبهذا الموقف الحدي من المخالف دفع هذه الجماعات لإخراج أكبر طائفة سنيّة على مستوى العالم الإسلامي من دائرة أهل السنة سواء الأشاعرة (نسبة إلى أبي الحسن الأشعري) (ت: 324ه) أم الماتريدية (نسبة إلى أبي منصور الماتريدي (ت: 333ه)، والوقوع –إلى حدّ ما- في شرك احتكار مفهومي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بحسب الدكتور أحمد الدغشي.
وتتموضع هذه الجمعية جغرافياً بشكل أساسي في محافظة تعز حيث مقرها الرئيس، وكذا محافظة إب، حيث يمثلها الشيخ محمد المهدي، فأمانة العاصمة فضلا عن فروع لها في كل من حضرموت حيث يمثلها هناك الشيخ أحمد المعلم وكذا عدن والحديدة وبعض المحافظات ذات المذهب الشافعي.
تحصر المؤسسة عملها في الجانب الخيري والدعوي بحسب أدبياتها المنشورة من خلال جمعية الحكمة اليمانية الخيرية وكان لها عدد من المراكز العلمية التي كانت تعمل من خلالها على استقطاب الشباب وإعدادهم شرعياً ليتم بعد ذلك توزيعهم في مساجد كانت تقوم بإنشائها على نفقاتها الخاصة من أجل نشر ما تسميه الجمعية بالعقيدة الصحيحة.
وكان أشهر هذه المراكز هو معهد الفرقان للعلوم الشرعية في تعز، والذي ضُم كغيره من المراكز الأخرى إلى إطار التعليم الحكومي بعد عام 2002م عند تفعيل قانون التعليم الذي أجل النظر فيها منذ صياغته في 1992م عقب قيام الوحدة اليمنية إلى ما بعد أحداث ال11 سبتمبر.
تمتلك الجمعية مركزاً للبحوث والدراسات الشرعية، هو مركز الكلمة الطيبة في صنعاء، والذي يصدر بدوره مجلة المنتدى الدورية والتي يرأس مجلس إدارتها الأستاذ عمر عبده قائد، ويرأس تحريرها الأستاذ الخضر الشيباني.
للجمعية علاقة تواصل جيدة بجمعية إحياء التراث الكويتية الخيرية وهو ما يظهر من خلال العلاقة الفكرية المتناغمة، وهو ما يعني هنا أيضا أن هذه العلاقة الفكرية المعلنة هي مدخل لعلاقة مالية بين الطرفين، حيث تعتمد الحكمة في جزء كبير من تمويلها المالي في مشاريعها على جمعية إحياء التراث.
أبرز شيوخ هذه الجماعة هم الشيخ محمد المهدي مسؤول فرع الجمعية في محافظة إب، وكذا الشيخ عقيل المقطري المسؤول الشرعي للجمعية، وكذا الشيخ عبد العزيز الدبعي الذي كان رئيسا لمجلس إدارة الجمعية قبل أن يخلفه الشيخ المقطري مؤخراً، وكذا من شيوخها البارزين أيضا الشيخ أحمد بن حسن المعلم مسؤول الجمعية في حضرموت.
على المستوى الفكري تعد هذه الجماعة أكثر انفتاحا تجاه التيارات الإسلامية الأخرى وخاصة تيار الإخوان في الإصلاح، وتبدي تناغماً سريعاً مع المتغيرات السياسية والفكرية كموضوع الديمقراطية الذي كانت تُكفره من قبل هذه الجماعة كما هو الحال لدى التيار السلفي العام، وتبدي هذه الجماعة اهتماما ما بقضايا المسلمين وخاصة قضية فلسطين وذلك من خلال خطابها الإعلامي.
جماعة جمعية الإحسان الخيرية
خرجت هذه الجماعة من رحم جمعية الحكمة اليمانية بعد عامين من التأسيس أي في العام 1992م على إثر خلاف بين المؤسسين حول عدد من القضايا التي كان في مقدمتها بحسب المنشقين التبعية الكاملة فكرياً لتيار الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وجمعيته إحياء التراث الكويتية.
لكن من خلال التحري حول نقاط الخلاف التي أدت إلى هذا الانقسام تبين أن مسألة التعامل مع الأنظمة الحاكمة وخاصة الأنظمة الديمقراطية كما هو الحال في اليمن كانت تعد مسألة جوهرية في مسألة الانشقاق هذا، فضلا عن قضايا الانتخابات والقول بجوازها وشرعية المشاركة فيها، أو تأييد من يقول بها كالإخوان في الإصلاح الذين كان يبدي تيار الحكمة تعاطفا ما معهم.
وكان من أبرز المنشقين عن الحكمة لتأسيس الإحسان هما الشيخان عبد المجيد الريمي والشيخ محمد بن موسى العامري البيضاني صهر الشيخ الوادعي ومؤلف كتاب الشيخ الوادعي مواقفه العلمية ورؤاه الفقهية.
لكن الحقيقة المغيبة أو التي يحاول أصحاب هذا التيار إخفاءها عن تيارهم هو أن هذه الجماعة تُعد امتداداً فكريا وتنظيما –إذا صح التعبير– لما بات يعرف في أوساط الإسلاميين بالتيار السروري الذي أسسه الشيخ السوري الإخواني السابق محمد بن نايف زين العابدين بن سرور أثناء خروجه من سوريا وإقامته في المملكة مع بداية ستينيات القرن الماضي، حيث عمل هناك مدرسا لمادة الرياضيات في معهد بريدة الثانوي حيث تتلمذ على يديه في هذا المعهد الشيخ الإصلاحي السعودي سلمان بن فهد العودة.
وترتبط جمعية الإحسان مالياً وفكريا مع جماعة المنتدى الإسلامي في لندن الذي يعد بمثابة القيادة المركزية لهذه الجماعة، والتي تمتلك مقدرات مالية كبيرة من خلال عدد من الاستثمارات فضلا عن التبرعات التي تحول لصالح مشاريع هذا المنتدى الذي يصدر عنه إعلاميا مجلة البيان اللندنية الشهيرة التي تعد بمثابة الناطق الرسمي باسم هذا التيار فضلا عن مجلة الجمعة الناطقة بالإنجليزية.
لجماعة الإحسان مركز دراسات في صنعاء هو مركز الجزيرة للدراسات، وكان يصدر في البداية صحيفة الرشد التي لم تستمر طويلا في الصدور وتوقفت بعد أربعة أشهر من إصدارها 2007م، ولكنها عاودت الصدور بداية هذا العام من حضرموت كصحيفة أهلية خاصة، ولمركز الجزيرة إصدارات أخرى غير منتظمة فضلا عن إقامة بعض الحلقات النقاشية.
تدير الجمعية عدداً من المشاريع والمؤسسات العلمية، أبرزها مركز الدعوة العلمي في صنعاء والذي تم إخضاعه للإشراف الحكومي بموجب قانون التعليم، وكذا تتبع الجماعة جامعة الأندلس الأهلية فضلاً عن مركز وجمعية الصديق التي يديرها الشيخان محمد حسان والشيخ محمد الوادعي.
تتبع الجماعة أيضا مؤسسة الفتاة اليمنية الخيرية وكذا تتبعها أيضا جمعية الرشد الخيرية التي يديرها الشيخ عبد الوهاب الحميقاني، والتي تُدعم مباشرة من جمعية عيد آل ثاني الخيرية القطرية.
للجماعة جملة محددات فكرية تميزها عن جماعة الحكمة والتي تتمثل بحدية طرحها الفكري المفاصل لكل ما هو قائم من أفكار سياسية كالديمقراطية والانتخابات والتعددية السياسية، وهذا الطرح يقربها كثيراً من طرح القاعدة الجهادي مع فارق بسيط جداً متمثل بإعلان القاعدة لأفكارها والعمل على إنزالها على أرض الواقع بما تتبناه من أعمال قتالية تدميرية في سبيل سعيها لترجمة هذه الأفكار، بعكس التيار السروري الذي يرى أن الوقت ليس ملائما لترجمة هذه الأفكار على أرض الواقع.
موقف هذا الجماعة من القضية المركزية للأمة الإسلامية القدس وفلسطين، يبدو من خلال أدبياتها أنها لا تختلف ولا تخرج عن الموقف العام للتيار السروري الذي يفرد لهذه القضية مساحة واسعة في خطابه الإعلامي، لكن المفارقة هو أنه رغم هذا الخطاب الإعلامي المؤيد مثلاً لموقف حركة حماس في هذه القضية، لكن لا توجد –بحسب علمي– أي خطوات عملية للدعم والإسناد لحركة حماس كممثل لوجهة نظر هذا التيار تجاه هذه القضية، وهو ما يفسره البعض بتماهي هذا التيار كجملة التيار السلفي العام مع موقف بعض الأطراف العربية على الساحة.
الجماعات السلفية التقليدية
كما قلنا في البداية كل الجماعات السلفية في اليمن خرجت من رحم الجماعة الأم، وهي جماعة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، فتميز بخروج كل من الحكمة والإحسان ما يُطلق عليه بالتيار السلفي الحركي، ليظل هنا التيار السلفي التقليدي الذي بات يمثله اليوم عدد من الجماعات السلفية الصغيرة، كجماعة دماج بقيادة الشيخ يحيى الحجوري وجماعة محمد الإمام في معبر، وجماعة الوصابي في الحديدة، والبُرعي في إب والعدني في عدن والمأربي أبو الحسن المصري في مأرب.
بيد أن هذه الجماعة الأخيرة التابعة لأبي الحسن المصري تعيش تحولات فكرية كبيرة في طريقها لتحول إلى العمل المؤسسي على غرار الحكمة والإحسان، وخاصة بعد الصراع المحتدم بين المأربي من جهة والحجوري ومحمد الإمام ومحمد الوصابي من جهة أخرى وشروع الشيخ أبو الحسن بتأسيس جمعية البراء الخيرية وإصدارها مجلة البراء المتقطعة الصدور.
وتُعد هذه المجاميع السلفية نخبوية وعديمة الجماهير والتأثير الشعبي نتيجة ما تعيشه من صراع بيني محتدم مع بعضها البعض أو ضد الجماعات الأخرى كالحكمة والإحسان أو بقية الإسلاميين، حيث يتمحور نشاط هذه الجماعات بشكل مكثف على سلسلة من النقد الدائم الذي خرج عن معناه العلمي كثيراً ليصبح مجرد خلافات شخصية بحتة يتم استغلالها من قبل أجهزة أمنية معينة وقتما تريد أن تحقق شيئا ما.
فكرياً لا تقبل هذه الجماعات بالآخر المختلف معه في الرأي في إطار الجماعة نفسها فكيف بالآخر المختلف معه فقهياً أو الآخر البعيد المختلف معه ديناً، وترتكز هذه الجماعات على جملة أفكار تكفيرية، رغم نفيهم التفكير من قبلهم، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن هذه الجماعات بأفكارها تمثل بيئة خصبة للتكفير والمفاصلة مع المجتمع.
ليس لهذه الجماعات أي اهتمام يُذكر بأي من القضايا المعاصرة سياسية أو فكرية أو ثقافية سواء على مستوى الداخل أو الخارج، فلا يكاد يُوجد في أدبيات هذه الجماعات أي ذكر أو اهتمام يُذكر مثلاً بقضية المسلمين المركزية القدس وفلسطين.
من المفارقات في هذه الجماعات هو تكفير هذه الجماعات النظام الجمهوري والدستور الذي تعده كفراً وخروجاً على شرع الله مقصوراً بالقرآن والسنة النبوية، وتكفر الديمقراطية، والحزبية، في الوقت الذي ترى فيه القائمين على هذا النظام كرئيس الجمهورية ولياً لأمر المسلمين رغم تكفيرها لشكل نظامه الجمهورية الحاكم، ولصيغته الديمقراطية .
* صحفي وباحث يمني متخصص بالحركات والجماعات الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.