صحيح وحقيقي أن هذا الزمان هو زمان عجيب، يجعل الحليم حيرانا، لا يستطيع المرء أن يفرق فيه بين المعقول والهذيان، ومن الصعوبة أن تُفَرِّق بين شريعة الغاب وما يسمى «هيومن رايتس» حقوق الإنسان. «هيومن رايتس» Human Rights هذه تتهم المقاومة الإسلامية بمخالفة قواعد الحرب بإطلاقها صواريخ على أبناء العم سام، خلال عدوانهم المستمر والهمجي على السكان الصهاينة في أرضهم الموعودة!! وبذلك يكونون قد خالفوا قوانين الحرب، ولا بد من معاقبة المسؤولين عنها! لا أدري ما هو الكلام المباح للتعليق على هذه العبقرية الفذة، وكيف للمرء أن يصيغ كلاماً يتساوق مع هذا الرأي الصواب، وله أن يتساءل: هل يمكن لإنسان لديه مسحة من عقل أن يصدر عنه مثل هذا الكلام؟!! أين أنتم من «رصاصه المصبوب» ومن «عمود سحابه»؟! أين أنتم من عربدة هذا الكيان المسخ منذ بدايات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر؟! أين قواعد الحرب التي تتحدثون عنها في مذابحه ومجازره الممتدة من شمال فلسطين حتى جنوبها؟! أين كنتم وماذا فعلتم لشهداء آل السموني والدلو والنصاصرة والدلو وغيرهم من أهل الجهاد والرباط في بيت المقدس وأكنافها؟! ألم تسألوا عن حقوق ضحايا ظلمكم العراقيين الذين تجاوزوا المليون؛ بسبب حصاركم الجائر منذ بداية تسعينيات القرن الماضي! وأين أنتم من أطفال الفلّوجة وملجأ العامرية وأطفال أفغانستان والمدنيين الذين ما زال نزفهم مستمراً؛ بحجة محاربة القاعدة والإرهاب؟!! يا لكم من ( أو…. )، إن كانت دماء هؤلاء في ميزانكم لا تستأهل أن يلتفت إليها، فهي عند خالقها تبارك وتعالى عزيزة، وهي عند كل مسلم لا شك عزيزة، ولا نقبل أن تقارن بدماء هؤلاء النجس الذين تظنون أنهم طبقة مختلفة من المخلوقات. قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر ** وقتل شعب كامل قضية فيها نظر إلى متى ستبقى قاماتكم قصيرة، ونظراتكم حسيرة؟! إن كنتم تدافعون عن حقوق الإنسان حقاً فهذا والله ما يطلبه كل إنسان، لكن لا تساووا بين الضحية والجلاّد، وبين المسجون والسجان، وبين المغتصب وصاحب الدار، فحقائق التاريخ لا تغيرها جولة الباطل، ولا بد من اعتماد الموضوعية إن كنتم تريدون المصداقية، وبغير ذلك ففعلكم وقولكم هباء! أمّا هؤلاء الأبطال التي وصلت صواريخهم «العبثية» إلى مأمن هؤلاء المغتصبين الصهاينة فتحية إكبار وإجلال لهم، فأنتم طلائع المجاهدين الذين سترغمون أنوف هؤلاء قريباً إن شاء الله، وكما كانت فِعال إخوانكم في عراق الرشيد الذين سطروا ملاحم العز والبطولة، وأجبروا المحتل الغاصب على الانسحاب فلن يختلف الحال مع هؤلاء الصهاينة الغاصبين، وستكون لكم العزة والغلبة بعون الله، وفي ظلال ثورات التغيير التي آتت أُكُلها في بعض بلداننا، والتي تنتظر سيكون التجديد لهذه الأمة قريباً بإذن الله، ولو كره الحاقدون والمتخاذلون، ومن هم على شاكلتهم مسالمون. والحقيقة المُرة أنه ما تجرأت علينا الأمم وتكالبت، وما استنسرت في سمائنا بغاث الطير، وما وجد مجرموها وسفاحوها نصيراً من أعدائنا لولا ركوننا إلى الدنيا، وغربتنا عن ديننا، وفقداننا هُويتنا، لكن لن يطول الغياب، وسيكون لنا إياب، وسيعلم الذين ظلموا أنه آن أوان الحساب، وأن لا عزة لهذه الأمة إلا بما اعتزت به دائماً، وإن غداً لناظره لقريب.