دخل الأسد قاعة المسرحية بزفة معهودة كاذبة اعتدنا عليها من أيام حافظ الأسد الأب، تطبيل وتزمير وحديث عن مؤامرة، إنه التكرار الممل. الملفت الأول في الخطاب أن الشعارات التي قيلت في قاعة دار الاوبرا في ساحة الأمويين كادت تخلو من ذكر سوريا الوطن واكتفت بالقول ( الله بشار الجيش – ما تبقى منه – المغوار). هذه الشعارات المدروسة تؤكد حالة الاستغراق الكامل لكل المؤسسات في دولة النظام المتبقية في شخص بشار وطائفته متخلين اليوم عن الوطن. الأسد يقر اليوم بفشل حله العسكري والأمني ويعترف للمرة الأوضح أن سوريا في عهده ليست بخير، وأنها تفتقد الأمن والأمان وأن القتل وصل كل البيوت. أمي انتبهت لوجهه البائس، وقالت بلغتها البسيطة: «صاير وجهه عرض اصبعين» مرتبك يتلعثم تراه معزولا غير مقنع يواصل ترهاته بأقل قدرة من الاحترافية. الأسد يعود للتناقض مرة أخرى، يقول إن الثورة عصابات وإرهاب وخارج وعملاء وتكفيريون، ومن ثم يطرح مبادرة للحل، لماذا تطرحها ما دمت تنكر كل الآخر دون استثناء. حله أو قل مبادرته تافهة لا تساوي حبرها المكتوب بها، فهو يتحدث عن ربط الحل بمؤسساته القائمة وبحكومته وببقائه على السلطة. الأسد المهزوز، المحاط بعصاباته، كان يرى نفسه خارج النقاش وفوقه هو من ينتج الحلول ويبتدعها، وفي هذا الأمر حالة إنكار شاهدناها سابقا عند القذافي وغيره. غازل الأسد بشكل خاص وعرض نفسه بصورة أخرى، أنه البطل الذي سيكافح الإرهاب، ذكرهم بمخاوفهم، لكنها محاولة بائسة جربها آخرون وكان ما كان. الخطاب لم يصل إلى الحد الأدنى من قيمة سوريا أو من مأساتها، لو كان في وجهه ذرة خجل وبعد استشهاد ستين ألف سوري لتنحى مسرعا. حاول بشار طمأنة من تبقى معه من الضباط والجنود، حاول طمأنة الشبيحة والقتلة، لكن هل نجح، الرجل سيكولوجيا ومن خلال تلعثمه مرتبك، ولعل من يسمعه من أنصاره سيدرك ذلك. لم يعد بشار قائدا على أقل تقدير لأكثر من نصف سوريا الجغرافيا وثلاثة أرباع الديموغرافيا، ولعلي بت أكثر يقينا أن سقوطه اقترب جدا، لا سيما أنه عرض مفاوضة الغرب، وأنكر شعبه وثورتهم.