هددت دمشق باستخدام أسلحة كيميائية أو جرثومية حال تعرضها لعدوان خارجي، مؤكدة أنها لن تستخدم “أبداً" هذه الأسلحة خلال الأزمة الداخلية مهما كانت التطورات ، ورأت أن هناك حملة إعلامية وسياسية موجهة ضدها تهدف إلى “تبرير وتحضير الرأي العام الدولي لأي تدخل عسكري محتمل تحت ستار أكذوبة أسلحة الدمار الشامل" . وقال المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي أمس “لن يتم استخدام أي سلاح كيميائي أو جرثومي أبداً خلال الأزمة في سوريا مهما كانت التطورات الداخلية. هذه الأسلحة لن تستخدم إلا في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجي". وأشار إلى أن “هذه الأسلحة على مختلف أنواعها مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية وبإشرافها المباشر"، ألا أن الخارجية السورية ما لبثت أن وزعت بياناً جديداً على وسائل الإعلام أدخلت فيه تعديلات على البيان السابق. وجاء فيه “أن أي سلاح كيميائي أو جرثومي لم ولن يتم استخدامه أبداً خلال الأزمة في سوريا مهما كانت التطورات في الداخل السوري، وأن هذه الأسلحة على مختلف أنواعها -إن وجدت- فمن الطبيعي أن تكون مخزنة ومؤمنة من القوات المسلحة السورية". وإثر ذلك، حذرت كل من الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" النظام السوري “حتى من التفكير ولو ثانية واحدة" في استخدام أسلحته الكيميائية “مهما كانت الظروف"، ورأت أن هذا الاحتمال مثير للقلق وغير مقبول، وحذرت روسيا من حرب أهلية طويلة الأمد إذا أسقط نظام الأسد بالقوة . وحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، نظام الأسد، من أن استخدامه الأسلحة الكيميائية سيكون “خطأ مأسويا" سيحاسب عليه. وقال أوباما “بالنظر إلى مخزون الأسلحة الكيميائية للنظام السوري، نسعى إلى إفهام الأسد وأوساطه أن العالم ينظر إليهم، وأنه ينبغي محاسبتهم أمام المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة إذا ارتكبوا الخطأ المأسوي باستخدامها". وقال أوباما “نحن نعمل كي يكون للشعب السوري مستقبل افضل متحرر من نظام الأسد". وقال المتحدث باسم البنتاجون جورج ليتل إن على السوريين “ألا يفكروا حتى ولو لثانية واحدة باستخدام الأسلحة الكيميائية"، واصفاً هذا الاحتمال بأنه “غير مقبول". وأضاف ليتل “عندما يقوم مسؤولون سوريون بالتطرق أمام الصحفيين إلى الأسلحة الكيميائية، فالأمر يثير القلق"، مضيفاً “نعارض بشدة أي تفكير قد يصل إلى تبرير استخدام هذه الأسلحة من قبل النظام السوري". وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أعلن أمس الأول أن “الحكومة السورية مسؤولة عن امن وتخزين الاسلحة الكيميائية، والمجتمع الدولي سيحمل أي مسؤول سوري لا يقوم بواجباته هذه، مسؤولية أعماله". وعبر الاتحاد الأوروبي عن “قلقه العميق من احتمال اللجوء" إلى الأسلحة الكيماوية. واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان وجود اسلحة كيميائية في اي منطقة نزاع يشكل “مصدر قلق"، واضافت في مؤتمر صحفي اثر اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين “وفق معلوماتي، لا أسباب حتى الآن للقلق من احتمال اخراج تلك الاسلحة من اماكن تخزينها او نقلها". لكنها أقرت بأن “ثمة صعوبة في الحصول على معلومات". وعلق وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله على ذلك بقوله “إن التهديد باستخدام اسلحة كيميائية امر مخيف. إن النظام السوري يكشف بذلك من جديد طريقته اللانسانية في التفكير". ودعا فسترفيله في بيان “كل السلطات في سوريا الى المساهمة في شكل مسؤول في تأمين سلامة اي مخزون للاسلحة الكيميائية". ونبه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى أن “هذه المنشآت تخضع لمراقبة خاصة جدا". واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أمس أن تهديد دمشق باستخدام اسلحة كيميائية في حال تعرضها لهجوم خارجي هو امر “غير مقبول". وقال هيج “من غير المقبول القول إنهم يستطيعون استخدام اسلحة كيميائية مهما كانت الظروف". واضاف الوزير البريطاني “ما يحصل في الواقع ان شعبهم يثور ضد دولة بوليسية دموية، هذا الامر لا علاقة له بعدوان من اي مكان في العالم". وتابع :"هذا يثبت مرة أخرى نوع النظام الذي نتعامل معه. وكلما انتهى هذا النظام بسرعة، كلما كان ذلك أفضل". إلى ذلك أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أن احتمال استخدام أسلحة كيميائية في سوريا سيكون “أمراً مداناً". وقال بان كي مون اثناء زيارة الى بجراد “سيكون امرا مدانا ان يفكر اي طرف في سوريا باستخدام اسلحة دمار شامل مثل الاسلحة الكيميائية". واضاف “آمل بصدق ان يبقى المجتمع الدولي يقظا لكي لا يحصل أي شيء من هذا النوع". واكد الامين العام ان ليس بوسعه “التحقق" مما اذا كانت سوريا تملك هذا النوع من الاسلحة لكنه عبر في الوقت نفسه عن “قلقه" لان سوريا ليست من اعضاء “المنظمة لحظر الاسلحة الكيميائية". واضاف “يتوجب على جميع الدول عدم استخدام اي اسلحة دمار شامل، سواء أكانت موقعة أم لا على معاهدة او اتفاق". وأوضح بان كي مون أن الاممالمتحدة تجري مشاورات “مكثفة مع الاطراف المعنيين وبالدرجة الاولى مع الجامعة العربية". وتابع “سابحث هذا الموضوع مع نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية". اومأ بسحق المسلحين جاء ذلك فيما تستمر العمليات العسكرية في دمشق، والاشتباكات العنيفة في حلب بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في محاولة من الطرفين للسيطرة على أكبر مدينتين سوريتين. كما استمرت العمليات العسكرية والأمنية التي تشنها قوات الرئيس الأسد ضد مناطق المعارضة في محافظات حمص وحماة ودير الزور، مما أوقع عشرات القتلى أضيفوا الى حصيلة ال130 قتيلا سقطوا الأحد. وعلمت القبس أن الرئيس بشار الأسد أعطى تعليمات مشددة لكل قوات الجيش وأجهزة الأمن لمتابعة، ما تسميه القوات النظامية «الهجوم المضاد» لاستعادة السيطرة على كل أحياء وأنحاء العاصمة «وسحق المسلحين بشكل نهائي»، بعد الانجازات الميدانية التي حققتها هجمات مقاتلي المعارضة الأسبوع الماضي. وفي هذا الشأن تكثف قوات النظام من هجماتها ضد المعارضة، وتستخدم فيها أعتى الأسلحة والمعدات العسكرية، الى جانب المناشير التي تحمل تهديدات للثوار ب«الموت المحتم والتطهير»، ترى المعارضة أن الأمور وصلت الى «المرحلة الأخيرة». إلا أنها تحذر في الوقت نفسه من أن «نظام الرئيس بشار الأسد المتصدع لن يسلم بسهولة». وتوقع المجلس الوطني السوري «جولة من العنف الدموي مازال القتلة يخططون لها»، معتبرا ان المعارك التي بدأت قبل اسبوع في دمشق وحلب تشكل «خطوة حاسمة» تؤسس لمرحلة «مضي النظام الى نهايته المحتومة». إعدامات بالجملة وطوال يوم الإثنين، شوهدت أعمدة دخان سوداء ترتفع فوق منطقة المزة في دمشق، غداة يوم شهد عمليات عسكرية مكثفة في المنطقة. وكانت قوات الفرقة الرابعة في الجيش السوري التي يقودها ماهر الأسد (شقيق الرئيس بشار) شنت حملة عسكرية طاحنة ضد حي المزة، مستعينة بالمروحيات العسكرية والدبابات وناقلات الجند المدرعة، تشاركت في قصف الحي، الذي كان مقاتلو المعارضة يسيطرون عليه منذ أن شنوا هجوما رئيسيا على العاصمة الأسبوع الماضي، طوال يوم الأحد، واستمر حتى فجر الاثنين. وقال ناشطون في المزة إن القوات الحكومية استعادت السيطرة على الحي مساء الأحد، وإن افراد الفرقة الرابعة أعدموا ما لا يقل عن 20 رجلا عُزّل للاشتباه بمساعدتهم المعارضين في المنطقة. وأضافوا أن جثث 20 رجلا تراوحت اعمارهم بين 20 و30 عاما تقريبا جمعت من أحياء الإخلاص والزيات والفاروق والبستان. انقطاع الكهرباء وبدت حركة السير خفيفة جدا في كل أنحاء دمشق. وكان الإعلام السوري الرسمي ذكر أن القوات النظامية قامت ب«عملية نوعية وسريعة» في بساتين الرازي في منطقة المزة. وبث التلفزيون السوري صورا عن اقتحام البساتين ظهر فيها عدد كبير من الجنود يطلقون النار، وهم يدخلون بين الاشجار. وقال أحدهم للتلفزيون «جئنا الى منطقة المزة تلبية لنداء المواطنين لمكافحة الارهابيين الذين تم القضاء عليهم». وأوردت وكالة سانا أن «القوات المسلحة اعادت الأمن والامان الى حي بساتين الرازي في منطقة المزة، وطهرته من فلول المجموعات الارهابية المسلحة التي روعت الأهالي، واعتدت عليهم وعلى مساكنهم، وعاثت فسادا في اكثر من مكان في الحي». وأظهر التلفزيون صور بطاقات لمن سماهم «ارهابيين» تشير الى انهم اردنيون ومصريون. من جهة اخرى، أفادت لجان التنسيق المحلية عن «انقطاع التيار الكهربائي عن كامل أحياء وبلدات العاصمة وريفها، مشيرة الى انقطاع كامل للتيار أيضا في مناطق درعا والسويداء (جنوب سوريا)، وادلب (شمال غرب). وذكرت لجان التنسيق المحلية ان «تعزيزات عسكرية ضخمة» وصلت بعد منتصف الليل الى محيط احياء الميدان ونهر عيشة والزاهرة الجديدة، مشيرة الى انها تتألف من 15 باصا امنيا واكثر من 50 عنصر مشاة. معارك حلب في هذا الوقت، تستمر «الاشتباكات العنيفة» بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في أحياء من مدينة حلب، حيث أكدت المعارضة أن مقاتليها استولوا على مدرسة المشاة التابعة للجيش السوري، موضحة أن المنشأة سقطت وقالت مصادر المعارضة ان المنشأة سقطت بعد معركة وانشقاقات داخلها، واعتقال عدد من الضباط الموالين للحكومة. وقال ناشطون إن الاشتباكات تتركز في حيي الصاخور ومساكن هنانو والحميدية، وسط حركة نزوح كبيرة. وقال ضابط كبير منشق إن قوات المعارضة استولت على مدرسة المشاة التابعة للجيش السوري في بلدة المسلمية. وقال العميد مصطفى الشيخ ان الاستيلاء على مدرسة المشاة له اهمية استراتيجية ورمزية كبيرة، فالمدرسة فيها مستودعات ذخيرة، وتشكيلات مدرعة، وهي تحمي البوابة الشمالية لحلب. مناشير الرعب في الأثناء، استأنفت قوات الأسد قصفها لمناطق حمص، خصوصا تلبيسة والرستن وجورة الشياح والقرابيص والقصور والخالدية والصفصافة وباب الدريب وباب هود والحميدية المحاصرة. وتحدثت لجان التنسيق عن قصف مماثل على مناطق في حماة ودير الزور ودرعا. تزامن ذلك مع قول ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إن كتائب الأسد تلقي منشورات على مختلف الأحياء والمدن السورية تهدد الثوار ب«الموت المحتم والتطهير». وقالت أحد المنشورات التي ألقيت من إحدى الطائرات إن الجيش مصمم على تطهير كل شبر في سوريا. وهددت أخرى الثوار بأن أمامهم خيارين لا ثالث لهما، إما الموت المحتم، وإما ترك السلاح. ولا يمكن التأكد من هذه المعلومات ميدانيا، بسبب تردي الوضع الأمني وصعوبة وصول الصحافيين الى أماكن القتال.