في اول رد فعل قضائي ممزوج بالسياسة على قرارات النائب المصري المستشار طلعت عبد الله بإحضار سياسين وإعلاميين متهمون بإثارة الفتنة وتأجيج مشاعر المواطنين وإثارة الفوضى وتهديد السلم والأمن القومى ونشر الأكاذيب وإثارة القلاقل، أبطلت محكمة استئناف القاهرة، أمس، قرار الرئيس المصري محمد مرسي عزل النائب العام السابق، عبد المجيد محمود، وتعيين المستشار طلعت عبد الله خلفاً له . وقال محمود “إن الحكم أنصف استقلال القضاء الذي نسعى إليه، والذي جارت عليه السلطة التنفيذية" . وأشار إلى أنه لم يحسم عودته إلى المنصب بعد . واعتبر رئيس نادي قضاة مصر، المستشار أحمد الزند، حكم بطلان قرار عزل عبد المجيد بالحكم التاريخي الذي يؤكد سيادة القانون، لافتاً إلى أن الحكم كشف العوار التشريعي والدستوري الذي تقدم عليه السلطات الحاكمة من جور على السلطة التنفيذية، في حين اعتبر رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، المستشار رفعت السيد، الحكم باتاً ونهائياً طالما لم تقدم مؤسسة الرئاسة أو المجلس الأعلى للقضاء على الطعن عليه . وقال إنه حال الطعن على القرار سيرجأ تنفيذ الحكم إلى حين الفصل في الطعن أمام محكمة النقض وحين يصبح الحكم باتاً ستعاد الأمور إلى ما كانت عليه وقت قرار عزل محمود من منصبه ومن ثم يعود إلى موقعه كنائب عام ويعود المستشار عبد الله نائباً لرئيس محكمة النقض، معتبراً ذلك مقدمة لإنهاء الأزمة بين السلطتين القضائية والتنفيذية . من جهتها، رفضت النيابة العامة الحكم . وقال الناطق باسمها المستشار مصطفى دويدار، إن الحكم “غير قابل للتنفيذ ولا سند له لأنه غير نهائي" . وأضاف أن “القرار اشترط لكي يكون الحكم نهائياً، لا بد أن يتم الطعن عليه خلال 40 يوماً من صدوره طالما أن الحكم قابل للنقض"، مشيراً إلى أن هيئة قضايا الدولة ووزارة العدل هما من لهما الحق في الطعن على الحكم . ورأى الفقيه الدستوري وعضو مجلس الشورى، رمضان بطيخ، أن الحكم يعد حكم أول درجة، وأمام السلطات المعنية فرصة قضائية أخرى لتصحيحه أو جعله باتا ونافذاً . وأضاف أنه حتى يتم ذلك سيظل المستشار طلعت عبدالله في منصبه كنائب عام . وقال “إن السلطة التنفيذية والمجلس الأعلى للقضاء لهما الحق في الطعن على الحكم خلال 60 يوماً، وإلا صار الحكم باتاً ونهائياً" . وقال النائب العام المساعد، المستشار حسن ياسين، إن عبد الله باقٍ في منصبه بقوة الدستور الجديد، الذي ينص على أن النائب العام مدته 4 سنوات لفترة واحدة، وأن سلفه عبد المجيد محمود أمضى أكثر من تلك الفترة، ولذلك لن يعود لمنصبه السابق بقوة الدستور أيضاً . وفيما رحبت القوى والأحزاب السياسية المدنية المصرية بهذا الحكم ووصفته بأنه فرصة لحل أزمة السلطة القضائية, أعلنت القويى والأحزاب الإسلامية أنها ليست طرفا في الحكم الصادر من المحكمة, وأكدت أن الحكم يتناقض مع المادة236 من الدستور الجديد وضد الإرادة الشعبية, وقالت جماعة الإخوان المسلمين أنها لم تطلع على حيثيات الحكم الصادر أمس ببطلان قرار تعيين النائب العام المستشار طلعت عبدالله وقال الدكتور أحمد عارف المتحدث الإعلامي باسم الجماعة: إن الجماعة لا تعلق على حكم القضاء وأنها تدرس تداعيات الحكم وتأثيره على الحياة السياسية مؤكدا احترام الجماعة لأحكام القضاء إعلاء لدولة القانون. واعلن حزب الحرية والعدالة أنه ليس طرفا في الحكم الذي صدر بشأن عودة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود, ولا صحة لما يتردد عن أن الحزب قدم طعنا عليه. وقال عبدالمنعم عبدالمقصود عضو اللجنة القانونية للحزب ومحامي جماعة الإخوان المسلمين أن الحكم منعدم, وإن عودة عبدالمجيد محمود إلى منصبه السابق كنائب عام أمر مستحيل لعدة أسباب, من بينها أنه استوفى مدته الزمنية بأربعة سنوات طبقا للدستور الجديد. وأن قرار عزله وتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما جديدا جاء باعلان دستوري محصن. وأضاف أن عبدالمجيد اصبح عضوا في هيئة قضائية أخري بعد عزله, مما يمنع عودته مرة أخري, كما أن الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه من الشعب المصري, أقر في مادته الأخيرة(632) ونصها: تلغي جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادي عشر من فبراير سنة1102 وحتى تاريخ العمل بالدستور, ويبقى نافذا ما ترتب عليها من آثار في الفترة السابقة وهو ما يعني أن آثار الإعلان الدستوري الصادر في22 نوفمبر بعزل عبدالمجيد محمود وتعيين طلعت عبدالله هو أمر بات لا يتغير. من جانبه اعتبر الدكتور خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية أن الحكم مخالفة للدستور الجديد, وأنه اعتمد على العوار الدستوري في الإعلان الدستوري الأول ويدخلنا في مناكفات سياسية وقضائية لا تنتهي. ومن جانبه وصف الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الحكم بأنه يصطدم مع الإرادة الشعبية التي أفرزت المادة632 من الدستور التي تصطدم مع حكم محكمة استئناف القاهرة. وأكد المهندس طارق الملط عضو مجلس الشورى عضو الهيئة العليا لحزب الوسط أن الأمور القانونية والدستورية أوصلت البلاد إلى حالة تخبط خاصة في ضوء اختلاف آراء الفقهاء القانونيين. وأوضحت داليا زيادة المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون للدراسات الانمائية ان القرار يعكس حالة الفوضي الحالية رغم انه يسعد أشخاصا كثيرين خاصة النشطاء السياسيين الذين تم اصدار قرار ضبط واحضار بحقهم. هذا وكان الرئيس المصري محمد مرسي أصدر في 21 نوفمبر الماضي، إعلانًا دستوريًّا أعلن بمقتضاه تحصين قراراته والإعلانات الدستورية الصادرة عن الرئاسة من الطعن عليها أمام القضاء واعتبرها واجبة التنفيذ، وتضمنت استعادة الرئيس لصلاحياته كاملة بما فيها التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها. وتضمن الإعلان الدستوري إقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيين طلعت عبد الله خلفًا له. وتسبب الإعلان الدستوري في إثارة احتجاجات قوية للمعارضة وتفاقم الخلاف بين الرئيس المصري وجهات قضائية أعلنت عن تعليق العمل ببعض المحاكم، فضلاً عن أعمال عنف شملت حرق مقرات جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة في مدن: الزقازيق والإسكندرية والمحلة الكبرى، بالإضافة إلى رفع عدة دعاوى قضائية تطالب بإبطال ذلك الإعلان وآثاره. غير أن الرئيس المصري عاد وألغاه بإعلان دستوري بديل مع الإبقاء على الآثار القانونية المترتبة عليه ومنها إقالة محمود وتعيين نائب عام جديد.