صدّ مقاتلو الجيش السوري الحر أمس هجمات شرسة لمقاتلي بشار الأسد و"حزب الله" على مدينة القصير، حيث أسقطوا 35 من مقاتلي الحزب، تزامناً مع هجوم للسيناتور الأميركي جون ماكين على الرئيس الأميركي باراك أوباما بسبب الوقوف موقف المتفرج على "المجزرة في سوريا، حيث يتدفق مقاتلو "حزب الله" ومتطرفون من شيعة العراق والسلاح الروسي والحرس الثوري الإيراني". ومن باريس وصف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إيران بأنها "عدوة السلام"، مرجحاً إرجاء مؤتمر "جنيف2″ في تموز المقبل بدلاً من شهر حزيران الجاري. ميدانياً، صدّ مقاتلو الجيش السوري الحر أمس هجمات شرسة لمقاتلي بشار الأسد و"حزب الله" على ثلاثة محاور في مدينة القصير، حيث أسقطوا 35 من مقاتلي الحزب، في ظل قصف عنيف قامت به مقاتلات النظام السوري التي شنت 13 غارة على المدينة أمس، تخللها قصف براجمات الصواريخ. وأظهرت لقطات صورها هواة وحملت على موقع للتواصل الاجتماعي على الانترنت أمس، زيارة يقوم بها قائد عسكري بارز في الجيش السوري الحر الى بلدة القصير التي تشهد قتالاً ضارياً بين المعارضة والقوات الموالية للاسد. ويزور العقيد عبدالجبار العكيدي القصير لتفقد احوال المقاتلين على الخطوط الامامية حيث ظهر وهو قائد المجلس العسكري الثوري في حلب الى جانب قائد عسكري من دير الزور وسط المدينة، وكانا وصلا معاً في سيارات دفع رباعي، وتعهدا بجلب الرجال والامدادات الى البلدة المحاصرة. والتزم العكيدي الذي اجتمع مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الاميركية ويعتبر شخصية معتدلة داخل المعارضة المسلحة، بالقتال في القصير حتى النهاية. وقال للمقاتلين في البلدة ان عدد المقاتلين زاد مضيفا ان الحالة المعنوية ارتفعت بعد لقائه بهم. وأشاد ابو عرب وهو رئيس المجلس العسكري في القصير بالزيارة التي قام بها القائد الشمالي. وقال انه يرحب بالقادمين من حلب الذين جاؤوا لمساعدة مقاتلي القصير. وأشار الناشط الإعلامي هادي عبدالله أمس، أن الثوار غنموا مدفع 106 ودبابة وبيك أب دوشكا ومجموعة من الذخائر المتنوعة ويدمرون نحو 6 سيارات بك أب أثناء تصديهم لمحاولات الاقتحام التي جرت من ثلاثة محاور، كان أعنفها محور مطار الضبعة. وقال الناشط في حديث إلى فضائية العربية من مدينة القصير أمس، إن 35 مقاتلاً من الحزب سقطوا امس في أثناء الهجوم على المدينة. وفي لقطات اخرى حملت على الانترنت أمس، قال نشطاء معارضون ان مدفعية الجيش السوري استهدفت منازل مدنيين في بلدة الرستن شمال حمص. وحمل نشطاء في بلدة تلبيسة الى الشمال من حمص ايضا، لقطات تظهر دخانا يتصاعد من حقول يعتقد انه بسبب احتراق محاصيل بفعل قصف الجيش السوري. وفي الشأن الميداني أيضاً قتل تسعة عناصر من قوات بشار الاسد السورية في انفجار ضخم في دمشق، فيما تستمر العمليات العسكرية في محافظة حمص في وسط البلاد. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل "تسعة من عناصر القوات النظامية إثر تفجير رجل سيارة مفخخة بالقرب من قسم الشرطة في حي جوبر" في شرق العاصمة. وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها إلى ان "ارهابيا انتحاريا فجر صباح الاحد سيارة مفخخة في حي جوبر ما أدى الى اصابة عشرة مواطنين بجروح، إصابات خمسة منهم خطرة". وشهد حي جوبر معارك الاحد بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة، بحسب المرصد. ومنذ أشهر، تدور اشتباكات في هذا الحي الذي يستهدف باستمرار بغارات جوية وقصف بقذائف الهاون. في محافظة حمص في وسط البلاد، نفذ الجيش السوري الاحد سلسلة غارات على مدينة القصير التي كان أحكم الطوق عليها مدعوما من حزب الله اللبناني خلال الايام الماضية. واستهدفت الغارات خصوصا الاحياء الشمالية في المدينة وبعض البساتين وقسما من قرية الضبعة شمال المدينة لا تزال بين أيدي المعارضة المسلحة. كما أشار المرصد الى استمرار تدفق التعزيزات العسكرية لقوات النظام الى القصير. من جهة ثانية، قتل 28 مقاتلا من المعارضة السورية الليلة الماضية في معركة في ريف حمص الشمالي، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن مقاتلي المعارضة حاولوا التقدم في اتجاه قرية كفرنان الواقعة بين مدينة تلبيسة التي يسيطرون عليها ومنطقة الحولة التي يتواجد في أجزاء كبيرة منها أيضا المعارضون. الا انهم "تعرضوا لكمائن من جانب قوات النظام تسببت بمقتل ما لا يقل عن 28 منهم". كما أشار المرصد إلى هجوم نفذه مقاتلو المعارضة على حاجز الملوك التابع للقوات النظامية عند طرف مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي أيضا، ما تسبب بمقتل ستة عناصر من الحاجز على الاقل. ورجح عبد الرحمن ان يكون مقاتلو المعارضة يحاولون عبر "فتح هذه المعارك في ريف حمص الشمالي تخفيف الضغط على مدينة القصير الواقعة في ريف حمص الجنوبي". في نيويورك، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المتقاتلين في القصير الى تحييد المدنيين وإفساح المجال أمامهم لمغادرة المدينة، وفق ما أعلن السبت المتحدث باسمه مارتن نيسيركي. ووجهت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي ومديرة العمليات الانسانية في الاممالمتحدة فاليري آموس نداء مشتركا لتجنيب السكان المدنيين ويلات الحرب في القصير ووقف المعارك لإجلاء الجرحى، مشيرتين الى ان "هناك نحو 1500 جريح قد يكونون بحاجة الى عناية طبية عاجلة" في المدينة. واوضح البيان ان نحو عشرة الاف شخص فروا من القصير الى قريتين مجاورتين، هم ايضا بحاجة لمساعدة عاجلة. وتتعرض القصير لهجوم من الجيش النظامي السوري يسانده مقاتلو حزب الله اللبناني منذ 19 أيار. وكان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أعلن السبت ان تنحي الرئيس بشار الاسد ووقف العمليات العسكرية "لقوات النظام وحزب الله وايران" هي شروطه للمشاركة في المؤتمر الدولي المقترح من موسكو وواشنطن؛ من أجل إيجاد تسوية للأزمة السورية. من جهة أخرى عرقلت روسيا السبت إصدار مجلس الأمن الدولي بيانا يعرب عن القلق من الحصار الذي يفرضه الجيش السوري النظامي المدعوم بعناصر من حزب الله اللبناني على بلدة القصير بريف حمص. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسي في المجلس طلب عدم نشر اسمه قوله إن روسيا أعاقت مسودة البيان قائلة إنه "ليس من المستحسن إصدار بيان لأن مجلس الأمن الدولي لم يفعل ذلك عندما سيطرت المعارضة على القصير"، وأكد دبلوماسي آخر هذه التصريحات. كانت بريطانيا -الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي- قد وزعت السبت مسودة بيان على أعضاء المجلس "يبدي القلق العميق إزاء الوضع في القصير بسوريا، ولا سيما تأثير القتال الدائر على المدنيين". وحثت أيضا مسودة البيان القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة على "بذل أقصى جهدهم لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين، وأن تمارس الحكومة السورية مسؤوليتها لحماية المدنيين". ودعت المسودة حكومة الأسد إلى "السماح لعناصر إنسانية غير متحيزة، ومن بينها وكالات الأممالمتحدة، بالدخول فورا وبشكل كامل ودون إعاقة للوصول إلى المدنيين المحاصرين في القصير"، التي تتعرض لهجوم يشنه الجيش النظامي السوري يسانده مقاتلو حزب الله منذ 19 أيار المنصرم. وقال دبلوماسيون إن روسيا أبلغت أعضاء المجلس أن أفضل السبل للتعامل مع سوريا هو من خلال الدبلوماسية المكثفة، ولكن أحد دبلوماسيي المجلس أشار إلى أن روسيا تواصل بيع السلاح لحكومة الأسد. واتهمت موسكو بدورها الحكومات الغربية والعربية الخليجية بتقديم المال والسلاح وأشكال الدعم الأخرى لمقاتلي المعارضة، وهو ما أعلنته أيضا حكومة الأسد مرارا. على صعيد آخر، وجه البابا فرنسيس الاول الاحد نداء ملحا للمسؤولين عن احتجاز رهائن في سوريا لكي يبدوا حسا "بالانسانية" ويفرجوا عنهم، معربا في الوقت نفسه عن "قلقه الشديد" ازاء استمرار النزاع في سوريا منذ اكثر من سنتين. وخطف مطران حلب للروم الارثوذكس بولس يازجي ومطران حلب للسريان الارثوذكس يوحنا ابراهيم في الثاني والعشرين من نيسان الماضي، ولم يعرف شيء عن مصيرهما. كما تسجل يوميا في سوريا عمليات خطف عدة تشمل صحافيين غربيين وأشخاصا عاديين لأسباب سياسية او مذهبية او لمجرد طلب فدية. وفي الولاياتالمتحدة، هاجم السيناتور الجمهوري جون ماكين الرئيس الأميركي باراك أوباما، معتبراً في حديث إلى برنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة "سي بي إس" الإخبارية أن ما يجري في سوريا "مجزرة ومأساة في وقت نقف موقف المتفرج على ما يجري، حيث يتدفق مقاتلو "حزب الله" ومتطرفون من شيعة العراق والسلاح الروسي والحرس الثوري الإيراني". وأضاف السيناتور الأميركي بعد زيارته الأسبوع الماضي إلى الأراضي السورية المحررة، أن "ما يحصل في ساحة المعركة يعطي الآن اليد العليا لبشار الأسد"، وأن الحالة "مأسوية". ووصف ماكين الثوار بأنهم "مقاتلون أشداء يقاتلون بقوة. إنهم ليسوا "القاعدة". ليسوا متطرفين". وانتقد ماكين "كل من يظن أن بشار الأسد سوف يحضر إلى "جنيف2″ وهو يزداد قوة في أرض المعركة. إن هذا الاعتقاد مضحك". وطالب ماكين بمهاجمة قوات الأسد من بعيد من دون المخاطرة بالطيارين الأميركيين. وأضاف: "يمكننا استهداف وتعطيل مدارج الطائرات وقدراتهم الجوية (للنظام).. ويمكننا توفير منطقة آمنة (للمعارضة) حتى يمكن لمجلس المعارضة السورية، أن يعمل من داخل سوريا وينسق مع الجيش واللواء (سليم) إدريس والميليشيا والقوات داخل سوريا.. يمكننا إقامة هذه المنطقة الآمنة.. أنا واثق من أننا يمكننا أن نسيطر على الموقف". ونوه بأن "القصير" تقدم مثالا على قدرة القوات الجوية، فالبلدة محاصرة ويتم ضربها جوا بصواريخ سكود وطائرات هليكوبتر حربية وطائرات مقاتلة". وأشار إلى أنه يمكن استخدام صواريخ كروز الموجهة لاستهداف مدارج الطائرات مع استخدام صواريخ باتريوت بالقرب من الحدود لحماية المنطقة الآمنة. وأوضح أنه التقى بعض قادة الكتيبة رقم 19 في كل من تركيا وداخل سوريا، مشيرا إلى أنهم يحتاجون بشدة إلى السلاح الآن، ونوه بأنه شهد الكثير من الأشياء الخطيرة التي تثير الأسى وتثقل القلوب. وأوضح أن بلدة القصير تمثل ساحة معركة مهمة نظرا لأهميتها استراتيجيا في ما يتعلق بنجاح أو فشل بشار الأسد. وقال ماكين إنه التقى مع رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس الذي رافقه في الدخول والخروج من سوريا, ووصفه بأنه زعيم جيد. وقال "إنها مجزرة، ومخيمات اللاجئين مليئة عن آخرها، والأردنيون لا يمكنهم تحمل استمرار هذا الوضع, ولبنان يعاني أكثر وأكثر حالة فوضى، والإسرائيليون مهددون، والموقف مفتوح بالكامل أمام توقعات التحول إلى صراع إقليمي وليس داخل سوريا فقط". ومن باريس ، وصف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس ايران بأنها "عدوة السلام" واعاد تأكيد موقف فرنسا المناهض لمشاركة النظام الايراني في مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده لحل الأزمة السورية سياسيا. ورجح انعقاد المؤتمر في تموز بدلا من حزيران الجاري نظرا لحاجة المعارضة السورية الى المزيد من الوقت لترتيب بيتها الداخلي وتسمية ممثليها في هذه المحادثات الدولية التي وصفها فابيوس ب"الفرصة الأخيرة". ولم يظهر فابيوس واثقا خلال اللقاء الصحافي الذي اجراه مع صحيفة لوباريزيان وراديو اوروبا 1 من ان مؤتمر جنيف سيعقد فقد قال "آمل ان ينعقد، وفي حال عقد اعتقد ان يكون ذلك في تموز المقبل". وشدد الوزير الفرنسي على ان باريس تعارض مشاركة ايران في المؤتمر حتى وان اصرت روسيا على ذلك، وبرر هذا الموقف بالقول "الايرانيون لا يرغبون ان يتم التوصل الى حل، انهم ضد السلام". واعرب عن قلقه من احتمال لجوء ايران "الى رهن الملف السوري كوسيلة جديدة تكسبها فيما بعد تنازلات دولية في ما يتعلق بامتلاك السلاح النووي". وابرز ما جاء في كلام فابيوس اشارته الى ان الحكومة الفرنسية "يجب ان تنشر في الايام المقبلة نتائج التحقيقات التي اجرتها على ادلة ومعلومات بشأن استخدام نظام بشار الأسد اسلحة كيميائية خلال الصراع. وانطلاقا من هذه النتائج سنتحمل مسؤولياتنا. حول هذه النقطة نحن متفقون مع الروس والصينيين". وختم الوزير الفرنسي مؤكدا ان تزويد الثوار بالأسلحة امر محتمل في حال لم يتم احراز تقدم ديبلوماسي ولم يصل جنيف 2 الى المرجو منه. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، ان فرنسا "طالبت بادراج الجناح العسكري (ل"حزب الله") على لائحة المنظمات الارهابية" التي يصدرها الاتحاد الاوروبي. واضاف ان "القرار الحساس" الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي برفع حظره عن الاسلحة الموجهة للمعارضة السورية، يتطلب من جانب اخر "التنبه جدا او حتى التشدد" بالنسبة لوجهة الاسلحة التي يمكن ان تسلم. وأكد الرئيس الفرنسي انه يجب "التأكد من ان المعارضة السورية مدركة تماما ايضا لمسؤولياتها"، في اشارة الى مخاطر وصول هذه الاسلحة الى مجموعات اسلامية متطرفة.