حين تلج أيام العطلة فمعناه عند الأغلبية من الطلاب أن حقل القراءة والتعليم أدبر حتى حلول عام جديد, لا شيء فالوقت حبيس ل«الألعاب والأندية والنت» وكذلك «البلياردو والبلاي استيشن» صديق ملازم يتجهون إليه دون كلل أو ملل في ضواحي المدينة؛ فيما أولئك البعيدون عن حياة المدن يبقى الوقت حبيس «اللا شيء» ينتظرون اللحظات الموسمية برغبة ملحة ليصبوا مواهبهم على متنفس الإبداع.. في محافظة تعز العديد من المراكز الصيفية؛ هي بالفعل منشطة للركود الطلابي خلال فترة العطلة الدراسية, عملت على استقطابهم من أماكن الترفيه القاتلة للوقت، حيث يهدر الجميع فيها وقته «فشخرة ولعب» فانحصار (9) مراكز في مديرية صالة وتواجدها بقلّة في شارع الجمهوري والمظفر يفصح عن توزيع غير عادل حرم المناطق الأخرى من أبناء المدن العيش في حقلها, ناهيك عن الأرياف التي يتمّت وقطعت عنها بالمرّة, ويبقى السؤال الأهم: لماذا تخلو الأرياف من هذه المراكز التابعة لمكتب الأوقاف والإرشاد..؟!. من عام إلى عام تبقى المراكز الصيفية لحظات موسمية ينتظرها الطلاب الراغبون في التعلم، في حين تتوجّه هممهم ليجدوا المراكز التي اعتادوا عليها كل سنة قد صعب إيجادها, من (38) مركزاً صيفياً كانت تقام كل عطلة أعادت الوزارة هيكلتها إلى (6) مراكز صيفية للذكور ومثلها للإناث على خلاف سائر المحافظات؛ فالعدد القليل فرض حالة الإقصاء وهمّش كثيرين ممن لهم الحق في التعلم, وزاد الأمر سوءاً الوضع المادي داخل المكتب؛ فرغم رقعته الواسعة لا يستطيع تغطية أي مركز؛ ما يجعل مسؤولي المراكز يصطدمون بالواقع المحبط الذي نسجته السياسة العاجزة. دلائل الخير من جبل صبر أقلعنا بحثاً عن المراكز التابعة للمكتب التي حجبتها المدينة هي وغيرها من الأرياف, يصفها البعض أنها ظلم مركّب، فالأرياف أولى بالرعاية لعدم توفر وسائل التعليم والتثقيف فيها, فالدورات المتواجدة في مناطق "وتير – سيعة" وغيرها من المناطق تتبع معظمها (مؤسسة دلائل الخير) التي لها نصيب الأسد من الدورات التي أقيمت هناك, وتهدف في مشاريعها إلى رعاية هذه الدورات الصيفية في العطل وأثناء الدراسة التي عجز عنها أصاحب الشأن، ما جعل أولياء الأمور يثنون عليها أكثر من عداها، ويؤكد من يقفون وراء هذا العمل الخيري أن المؤسسة ستمد جذورها لرعاية كل عمل ينهض بالسنّة النبوية ويخدم كتاب الله حتى تحقق ما بدأت به عن طريق نشر العلم الذي يتمثّل ب«القرآن الكريم والفقه والنحو والسيرة وآداب النبوّة» وغيرها من العلوم التي تتعلّق بذلك تحت شعار (التربية قبل التعليم والإنسان قبل البنيان والمعلم قبل المنهج). وعود صنف جديد من خيبة الأمل تنبعث في الأرياف غير التي اعتادوا عليها في السنوات الماضية (مدرسين, وطلاباً) من عدم صرف الأجور ومنحهم الرحلات الترفيهية, ففي الأرياف ألغيت وبشكل نهائي نظراً للظروف المالية في المكتب الذي أصبح لا يملك إلا المبنى والأوراق والتوقيعات، ويرد المسؤول عن ذلك داخل المكتب أن السبب لعدم وضع مراكز في الأرياف هو عدم تعاون المكتب في «بدل المواصلات» وهروباً من مشاكل الوعود التي يتركها المكتب مع المدرسين من الوعود الزائفة فقط. المكان ضيّق في سياق ما ذُكر؛ فالمراكز الصيفية أغلبها تمضي نحو التقدُّم متجاوزة كل الصعوبات المادية التي تواجهها منها "منتدى السلامة" أحد المراكز التابعة لمكتب الأوقاف، الممتلئ بالطلبة، على خلاف بقية المراكز التابعة لمكتب الأوقاف من (جبل صبر, وشرعب وشمير) هالني فيها تواجد الطلبة في مكان ضيق رغم الحشود المنسلخة إليها, كانت بالفعل مشكلة تمنع الزخم الطلابي بأن يقيموا في مكان صغير, لا يمتلك مساحة كافية ليستوعب فيها عدداً أكبر من الطلاب, تبقى المشكلة نفسها تتجدّد كل عام، حيث يضطر البعض إلى الخروج من هناك وعلى وجناتهم الغضب دليل حب البقاء في صرح خصب بالعلوم الشرعية. فيما منتدى «الطيب» المتواجد في مدرسة الطيب يندّد أبناؤه بالحرمان المتواصل طيلة ثلاثة عقود من حقهم الذي أوقفه أجدادهم المعروف ب «الحُرازي» لصالح هذه المجالس الخيرية التي تصل نسبتها نصف أوقاف تعز، وتصل إلى خزينة المكتب ولم تعد بالنفع إليهم ولو بالشيء اليسير، ما يجعلهم يندمون من أجدادهم لو أنهم خلفوها لهم خير من أن يستحوذ عليها «حُمران العيون» الذين أصبحوا يرونها ملكاً من أملاكهم. يؤكد الأستاذ عسجد الطيب، من أبنائهم، بقوله: إنه طيلة الفترة السابقة لم يصل أي مركز إليهم تابع للأوقاف، فهم محرومون أكثر من غيرهم، فالإقصاء من قبل المكتب أكبر مما نتخيّله وفي جميع الخدمات!!. ميزة خاصة اعتاد العاملون في الحقل التعليمي للمراكز الصيفية من الإياب والذهاب والمشاوير المجانية بحثاً عن الأجور، فإفلاس المكتب وعجزه صارحهم من أول المشوار «ووفر الوقت» وغدت المراكز الخيرية الموجودة في الأرياف هي المسؤولة عن وعودها، ما يطمئن أغلبية المدرسين نتيجة الثقة التامة بهم، فهناك العديد من الدورات التي أقيمت في جبل صبر يفصح كثير من مدرسي الدورات بأنها أمكنة رفيعة تحافظ على الطلاب من تسويف العطل وقتل الوقت بغير فائدة. يستهل أنس محمد، أستاذ في أحد المراكز قائلاً: للمراكز الصيفية ميزة خاصة عن بقية الدراسات التي تُقام في أماكن الدراسة، فقيمتها ترجع بأنها الأولى التي تهتم بالثقافة الإسلامية المحضة من تدريس علم (اللغة, الفقه) والأهم من ذلك القرآن الكريم المنهج المستقيم، ويضيف أنس بأن الكثيرين من طلبة الجامعات والمعاهد يفتقرون إلى العلوم الشرعية، والكثير يعترف بالتقصير، والسبب هو عدم متابعة هذه الدورات التعليمية؛ فلو سئل أحد عن شروط الصلاة ولو بلغ بالعلوم الأخرى ما بلغ لن يستطيع الإجابة لعدم إيجاد اهتمام بهذا الجانب مع دورها المشرق والمفيد، فمرتعاها يانع يستحق الانتباه، وما ينقص هو سلّم التحفيز الذي لا يرتقي إلى مستوى "الإبداعات الطلابية" وغير ذلك كثير..!!.يشاركه الرأي عمر عبدالعزيز، مدرس في إحدى الدورات الخيرية عن أهمية هذه الدورات متحدثاً بقوله:. هي أشبه بالتحصين، فهي عبارة عن سلوكيات يتدارسها الطلاب أفعالاً وأقوالاً، ويعتبرها الميزة الوحيدة التي تتفرّد بها عن المدارس، وهي بعيدة عن لغة الإقصاء والإلغاء لأية فئة. محدداً جزئيات مهمة يتحصلها الطالب من المعارف الإسلامية، ببساطة ناسخاً للتعقيد الذي يزرع, معتبراً من جهته أن تدريسها مشطور مما يزيدها تعقيداً، مدركاً تقصير المناهج الدراسية التي لم تعد شاملة النفع، ويضيف بأن التحفيز والتكريم هو الذي يبعث روح المثابرة وحب الاطلاع، فالنشاطات هي أحد الحوافز التي يتساهل الكل فيها؛ ويتساءل: لماذا لا تُحدّد ميزانية خاصة تكفل الرحلات الطلابية وغيرها من عوامل التحفيز؟!. المفعّل المعنوي في أغلب الأماكن التي تحتوي الطلاب تظهر معاناة الطلاب قبل انتهاء الدورة في هذا العام وغيره من الأعوام التي لا تغيب عن مسامعنا، فعقب الانتهاء يصدر ضجيج الطلبة مطالبين بأن تضم الدورة نشاطاتها من الرحلات الترفيهية التي يُحرمون منها كل عام، فهي المفعّل المعنوي الذي يعيد الطلاب إلى متابعة حقل التعلم, وما يزيد وتيرة المعاناة هو عدم تكريم الطلاب المتميّزين، وإقامة حفل تشجيعي يحتفي به الدارسون في المراكز الصيفية والمدرسون تقديراً للجهود التي يبذلونها في سبيل تحقيق جيل واعٍ بأمور دينه. في تفاصيل ما سبق أصبحت النشاطات المفعّل المعنوي مُلقى على عاتق الطلاب، يصرّح بذلك مدير إدارة القرآن ومسؤول المراكز الصيفية في داخل مكتب الأوقاف بمحافظة تعز قائلاً وعليه علامات الحسرة بأن فشل المكتب وعجزه المادي الذي يفترض أن تكون جميع اعتماد الرحلات وبدل المواصلات من خزينة المكتب قد ألغيت؛ ومع الأسف فالرحلات أصبحت ملقاة على عاتق الطلاب ويُحرم منها الكثيرون بسبب ظروفهم الخاصة، ويزيد مؤكداً عن عدم اعتماد مراكز صيفية في الأرياف بأنها ترجع إلى سببين هما قلة المراكز بنسبة تقل عن التوسط وعدم توفير المكتب بدل المواصلات التي تعينهم على الخروج لافتتاح المراكز والإشراف عليها أولاً فأولاً، ويوجّه رسالته إلى الجهات العليا بأن تعيد حسبتها في قضية المنهج التي صُرفت قبل ثلاث سنوات وإلى الآن لم يُصرف بعدها شيء، فالمراكز بحاجة إلى توفير منهج مرة أخرى، ويختتم بشأن الرواتب بأنه لم يتم تحديدها من قبل الوزارة حتى هذه اللحظة ولا يستطيع التأكيد كم سيُصرف للمدرس.